سياسة عربية

نشطاء بريطانيون يحذرون من تزايد حالات "اختبار العذرية‎‎"

يعتبر مناهضو اختبارات العذرية أنها نوع من أنواع الإساءة للمرأة - CC0
يعتبر مناهضو اختبارات العذرية أنها نوع من أنواع الإساءة للمرأة - CC0

نشر موقع "سكاي نيوز" تقريرا، تحدث فيه عن تزايد أعداد النساء والفتيات اللاتي يتم إجبارهن على الخضوع لاختبار العذرية وعمليات ترقيع غشاء البكارة في بريطانيا.


وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن عدد النساء والفتيات اللاتي يتوجهن للمنظمات الإنسانية لطلب المساعدة يزداد "بشكل لم يسبق له مثيل"، وذلك في أعقاب الخضوع لاختبارات العذرية أو عمليات ترقيع غشاء البكارة. 


وقد صرّحت إحدى الشابات، التي اصطحبها والدها إلى عيادة في شارع هارلي للخضوع لاختبار العذرية، لموقع "سكاي نيوز"، بأنها "توسلت" إلى الطبيب بألا يقوم بإجراء هذا الفحص، وقالت إنها أصيبت بصدمة حيث "عُوملت أسوأ من الحيوان".


ويعتبر اختبار العذرية، وهو فحص طبي تخضع له المرأة للتحقق مما إذا كان غشاء البكارة سليما، أو عملية ترقيعه، إجراءين قانونيين، لكن الناشطين يريدون حظرهما بشكل كامل، باعتبارهما شكلا من أشكال العنف القائم على الجنس.


تجربة زارا


زارا (اسم مستعار) هي امرأة بريطانية في العشرين من عمرها، من الجالية البنغالية في لندن. قبل زواجها القسري، طالبت عائلة العريس بإخضاعها لاختبار يثبت عذريتها، وتقول زارا إن والدها جاء إلى غرفتها، وأخبرها بأنه يتوجب عليها غدا الذهاب إلى عيادة الطبيب في وسط لندن لإجراء بعض الفحوصات، وكل ما خطر ببالها حينها "ما هو نوع الاختبار؟".

تضيف زارا أن والدها لم يستطع إخبارها بماهية الاختبار، وأوكل المهمة لوالدتها، حتى تشرح لها بأنها ستضطر إلى رؤية طبيب في وسط لندن ليفحصها، من أجل التحقق إذا كانت لا تزال عذراء. علمت العائلة أن زارا كانت على علاقة سابقة مع أحد الأشخاص، وأخبروها أنه من المهم بالنسبة لهم حماية "شرفهم".


عند وصولها إلى العيادة، طُلب منها التوقيع على استمارة موافقة، لكنها كانت تأمل أن يلاحظ الطبيب أنها غير موافقة على إجراء الفحص. تقول إنها "دخلت وتوسلت إلى الطبيب الآخر هناك. وأخبرته أنها لا تريد فعل ذلك، وطلبت منه الكذب على أسرتها، وإيهامهم بأنه أجرى الفحص، لكنه رفض".


تتابع زارا: "طلب مني الجلوس على الأريكة، ورفع ساقي. لقد أصبت بصدمة نفسية، شعرت كأنني لست بشرا، فحتى الحيوانات لن تعامل بمثل تلك الطريقة، كان بإمكانه إدراك أنني كنت مذعورة، كنت أبكي بشدة وأتوسل إليه". تقول زارا إنها أبلغت الشرطة بماهية الفحص، لكن قيل لها إنه لم يتم انتهاك أي قانون.


عريضة إلى وزيرة الداخلية


تقول أنيتا بريم، مؤسسة منظمة "فريدوم" الخيرية، إن منظمتها لاحظت زيادة في عدد الشابات اللاتي يطلبن المساعدة؛ لأن عائلاتهن تريد إخضاعهن لاختبارات العذرية، مشيرة إلى أن تلك المطالب وصلت إلى مستويات "غير مسبوقة". 


وتضيف بريم أن "العائلات أصبحت تُجبر بناتها وحفيداتها على الخضوع لاختبارات إثبات العذرية. وتعتبر الفتيات هذا النوع من الاختبار اعتداءً جنسيا وانتهاكا. لماذا يُسمح بحدوث هذا في المملكة المتحدة اليوم؟ لماذا لا يعتبر هذا الاختبار جريمة جنائية؟".


وكتبت بريم إلى وزيرة الداخلية بريتي باتيل عريضة، تطالب فيها بحظر جميع أشكال اختبار العذرية وعمليات ترقيع غشاء البكارة، لكن الأطباء الذين يُجرون عمليات ترقيع غشاء البكارة دافعوا عن هذه الممارسة، قائلين إن المرأة يجب أن تكون حرة في اتخاذ خياراتها الخاصة.


من جانبه، يقول الدكتور ديراج بهار، وهو جراح تجميل، إنه لا يُجري اختبارات العذرية في عيادته في شارع هارلي، لكنه يُجري عمليات ترقيع غشاء البكارة. وصرّح بهار لموقع "سكاي نيوز" بأنه لا يُجري العملية إلا برضاء تام من المريضة، وأن ذلك في مصلحتها، وأنه اختيارها الشخصي، مضيفا أنه "يُقدم هذه الخدمة بعد إجراء تقييم شامل للمريضة، والتأكد من أن الإجراء نفسه سيفيدها نفسيا وجسديا".  


وشدد الدكتور بهار على أن بعض النساء اللاتي يأتين لعيادته عانين من تمزق غشاء البكارة، بسبب النشاط البدني، وليس بسبب ممارسة الجنس، وأوضح أن "الكثير منهن تعرضن لحوادث جسدية متنوعة، أسفرت عن تمزق غشاء البكارة. لذلك، أعتقد أنه من خلال تقديم هذه الخدمة لهن، فإننا نفتح الباب أمام النساء اللواتي يرغبن في الحصول على هذا العلاج، ومنحهن المزيد من الخيارات. الأمر ليس بيدي أو بيد الحكومة، بل هو خيار متاح للجميع".


عنف ضد المرأة


يؤكد النشطاء أن اختبار العذرية يعتبر شكلا آخر من أشكال العنف القائم على الجنس، على غرار تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وجرائم الشرف، وزواج الأطفال.


تنشط بايزي محمود في الجمعية الخيرية لحقوق المرأة الإيرانية والكردية، وعندما كانت تلميذة تبلغ من العمر 16 سنة، أرادت عائلتها إجبارها على الزواج، لكنها نجحت في الإفلات من هذه الزيجة المدبرة.


لم تكن شقيقتها الكبرى، بناز، محظوظة مثلها، فبعد أن تركت زوجها، قُتلت على يد والدها وعمها؛ بسبب الإساءة لشرف العائلة.


تقول بايزي محمود لموقع "سكاي نيوز"، إن "اختبار العذرية مرتبط بالعديد من أشكال الإساءة والعنف بدافع الشرف. لا يوجد قانون يحمي فتاة صغيرة تذهب إلى هذه العيادات وتخضع لهذه الفحوصات أو تجري عملية ترقيع غشاء البكارة". وتضيف: "ينبغي الاعتراف بهن باعتبارهن ضحايا لجرائم الشرف.

 

نحن نسمع عن هذه القضايا، وهذا مصدر قلق حقيقي".


في الحقيقة، تريد منظمة الصحة العالمية فرض حظر على جميع أشكال اختبار العذرية، وتقول الكلية الملكية للقابلات إنه لا يمكن الدفاع عنه دون أي فائدة طبية. وترى بايزي محمود أن "هذا الاختبار الجسدي مهين للغاية، ولا ينبغي لأي امرأة أن تخضع له".


وأوضحت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية لموقع "سكاي نيوز" أنها تشعر بالقلق إزاء الضرر الذي تسببه اختبارات العذرية. وقالت وزيرة الدولة لشؤون سلامة المرضى والوقاية من الانتحار، نادين دوريس: "نحن نقوم بمراجعة مكثفة لاختبارات العذرية وترقيع غشاء البكارة، وسيتم نشر النتائج والتوصيات والمقترحات التشريعية فيما يتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات في الوقت المناسب". 


أصبحت زارا حاليا بعيدة عن عائلتها وتدعمها مؤسسة "فريدوم" الخيرية، حيث تقول إن اختبار العذرية دمّر حياتها.

 

التعليقات (0)