قضايا وآراء

مشاريع متنافسة الشام الجديد ونيوم وإبراهام التطبيعي

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

تباينت التغطية الإعلامية للقمة الثلاثية التي ضمت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ فبين مشكك ورافض ومدافع عن آلية القمم الثلاثية برزت مفارقة غير متوقعة كان محورها التناقض والتصارع بين المشاريع الإقليمية العربية التي تروج لها الرياض وأبو ظبي في المنطقة.

فمشروع الشام الجديد (المشرق الجديد) أطلق عنان المنافسة وعلى نحو غير متوقع مع المشاريع المقترحة لإدارة الإقليم كمشروع أبو ظبي التطبيعي (إبراهام) ومشروع الرياض المسمى نيوم ونسخته المطورة المركز اللوجستي.

مشروع الشام الجديد ورغم الدعم الأمريكي الظاهري إلا أن المنافسة الحقيقية التي واجهها لم تأت من إيران وتركيا بل من الدول الخليجية والكيان الإسرائيلي والأهم الحليف الأمريكي؛ إذ واجه تشكيكا من داعمي مشروع إبراهام التطبيعي الذي تقوده أبو ظبي لإدماج الكيان الإسرائيلي في المنطقة؛ ومشروع نيوم السعودي الهادف لتحويل السعودية إلى مركز إقليمي ولوجستي بحسب آخر المقترحات التي قدمها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإعادة تأهيل الرياض كمركز إقليمي منسجم مع مفهوم الحداثة.

فولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يتخلف عن الركب بالمسارعة في الإعلان عن مشروع جديد لتطوير قطاع النقل والسكك الحديدية السعودي مضيفا 3000 كلم من السكك الحديدبة إلى 5000 كلم موجودة فعليا؛ فضلا عن ربط المملكة عبر النقل الجوي باكثر من 250 وجهة دولية إلى جانب أربع ملايين ونصف المليون طن من طاقة الشحن الجوي؛ ورفع طاقة شحن المواني السعودية لتزيد عن 40 مليون حاوية؛ وربط موانئ الخليج العربي بالبحر الأحمر بناقل بري طوله 1300 كلم لنقل 3 مليون مسافر و50 مليون طن من البضائع؛ مشروع لا يسعى لمنافسة المشروع الإيراني والتركي في الإقليم بل جاء لمنافسة مشاريع عربية منافسة كمشروع الشام الجديد ومشروع أبو ظبي التطبيعي فالرياض قادرة على لعب دور ريادي يتناسب وحجم مواردها ولا تريد التخلف عن الركب حتى لو قاد ذلك إلى حوار موسع مع طهران في بغداد ونهاية غير مرضية للحرب في اليمن.
  
مشاريع متنافسه بل ومتصارعة للعب أدوار قيادية؛ حاول الكيان الإسرائيلي إقحام نفسه في بعضها وحاول تعطيل بعضها الآخر؛ في حين اعتبر نفسه مكون أساسيا في بعضها الآخر؛ إذ لعب دورا قياديا في مشروع التطبيع (إبراهام) الذي أثار قلقا مصريا وأردنيا غير معلن في حين هدد النفوذ السعودي بسبب تركيزه على أبو ظبي ودورها القيادي في المشروع على حساب الرياض. 

المشاريع لا تبتعد في تفاصيلها عن مشروع الحزام والطريق الصيني ومشروع الاتحاد الأوراسي الروسي؛ ومشروع تمويل البنية التحتية الأمريكي والذي يركز على الدول النامية والفقيرة بدعم من شركاء الولايات المتحدة في مجموعة السبع الكبار ( G7)؛ فالمشاريع المقترحة تبحث عن مكان لها في عالم الغد متعدد الأقطاب وبرعاية ورقابة أمريكية.

المفارقة القوية جاءت بعد الإعلان عن مشروع الشام الجديد إذ واجه قدرا من التشكيك لا من القوى الموالية لإيران أو تركيا هذه المرة بل من المشاريع المنافسة في السعودية وأبو ظبي؛ مفارقة واضحة، عكسها غياب السعودية التي اعتبر إعلامها أنه مشروع لن يرى النور إن لم تنضم إليه الرياض وسيكتب له الفشل إن ابتعد عن الكيان الإسرائيلي من وجهة نظر أبو ظبي.

 

 

المشاريع لا تبتعد في تفاصيلها عن مشروع الحزام والطريق الصيني ومشروع الاتحاد الأوراسي الروسي؛ ومشروع تمويل البنية التحتية الأمريكي والذي يركز على الدول النامية والفقيرة بدعم من شركاء الولايات المتحدة في مجموعة السبع الكبار ( G7)؛ فالمشاريع المقترحة تبحث عن مكان لها في عالم الغد متعدد الأقطاب وبرعاية ورقابة أمريكية.

 

 


ففي الوقت الذي تتوافر فيه الفرص لتطوير مشروع الشام الجديد في حال الانفتاح على طهران وأنقرة فإن أمريكا تبذل جهدها لرسم حدود هذا المشروع بما يتناسب ومصالح حليفها الإسرائيلي ولو تطلب ذلك رسمها بالدم وبالغارات الجوية؛ وفي الوقت الذي تقدم السعودية مشروعها الجديد كمركز للنقل اللوجستي تضع الرياض العوائق أامام الشاحنات الأردنية للدخول إلى أراضيها بإضافة شروط جديدة تهدد بحرمان 20 ألف شاحنة أردنية من دخول السعودية؛ وتعمد إلى تسهيل حركة العبور من معبر عرعر مع العراق وتقدم تسهيلات وبضائع بأسعار أقل كلفة على المواطن العراقي مما تقدمه الأردن.

المشاريع الثلاث الشام الجديد ومشروع نيوم السعودي المعدل إلى جانب مشروع إبراهام التطبيعي الإماراتي تتتنافس فيما بينها؛ فالدول المشاركة في مشروع الشام الجديد ترى فيه فضاءا واسعا من الممكن أن يمتد نحو الأسواق التركية والإيرانية مستقبلا في حال العودة إلى الاتفاق النووي أو تطوير العلاقات التركية المصرية؛ ليشمل بذلك كتلة بشرية وجغرافية ضخمة تتقاطع مصالحها في بغداد محولا العراق إلى ساحة تعاون بدل ان تكون ساحة تصارع تمتد إلى لبنان وسوريا وهو طموح أردني تعكسه محاولات الأردن الحثيثة لفتح المعابر مع سوريا وموازنة الحضور الإسرائيلي والتطبيعي بحضور عربي وإقليمي أوسع ما يجعل منه المشروع الأكثر جدية وواقعية.

أمر ينظر إليه قادة الكيان الإسرائيلي بعين الشك في ظل الممانعة العراقية لمشاركتها والموقف الشعبي الصلب في كل من الأردن ومصر تجاه الشراكة مع الكيان فضلا عن المحاذير لدى الجهات الرسمية في القاهرة وعمان التي لا تقارن بحجم الانفتاح الذي تبديه أبوظبي في رهانها على الكيان الإسرائيلي لتسويق مشروعها التطبيعي داخل الولايات المتحدة الأمريكية؛ ما يجعل تفضيلات الكيان تتجه نحو أبو ظبي وقيادتها السياسية.

ختاما .. توغل الصين في غرب آسيا وتعمق النفوذ الروسي أسهم إلى حد كبير في تزاحم المشاريع الإقليمية في المنطقة وتنافسها؛ غير أن المفارقة الغريبة تصارع المشاريع وصعوبة تكاملها رغم الرعاية الأمريكية؛ إما لأسباب تتعلق بتنافس القوى المنخرطة في هذه المشاريع كأبوظبي والقاهرة والرياض على القيادة أو بسبب حساباتها الدقيقة كعمان وبغداد؛ أو بسبب الهواجس الأمريكية من تمدد النفوذ الروسي والصيني؛ والأهم من ذلك إقحام الكيان الإسرائيلي الذي سيبقى المعضلة الكبرى التي تعيق تقدم هذه المشاريع والاستراتيجيات الإقليمية.

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)

خبر عاجل