هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريرا أعدته هبة صالح ومحمد أرزاقي حيمور، قالا فيه إن وباء كورونا قد أثر بشكل كبير على الجزائريين، وفاقم من مصاعب الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة، ويعاني أصلا من آثار انهيار أسعار النفط والقيود على الاستثمار المحلي والأجنبي.
وحتى قبل الوباء، فقد بلغت نسبة العاطلين عن العمل بين الشباب الثلث، وعبر الكثيرون عن أملهم في حدوث تغييرات بعد الإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2019.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن الجزائر قد تواجه كارثة اقتصادية قريبة نظرا لاعتمادها على صادرات النفط والغاز المتراجعة وانخفاض مستويات احتياطياتها من العملة الصعبة.
وتابعت بأنه "لا أحد يعتقد أن الساسة لديهم القدرة على إحداث تغيير، وهو واقع بدا واضحا في نسب الإقبال على الانتخابات التشريعية التي عقدت نهاية الأسبوع. وبالنسبة للنظام الذي يقف وراءه الجيش، فالانتخابات البرلمانية، وهي الأولى منذ بداية حركة الحراك هي محاولة للإحياء الديمقراطي، لكن أي تحالف ينتج عنها بين المستقلين والأحزاب المؤيدة للحكومة لن يكون قادرا على هز الوضع القائم".
اقرأ أيضا: "الجزائر الجديدة" ترفض التعلم من "الجزائر القديمة"
وروت الصحيفة، أن "سليمان"، 46 عاما، كان يملك شركة صغيرة لتصميم وإنتاج الإعلانات والمواد السياسية، لكن انتشار وباء فيروس كورونا جعله يتخلى عن خدمة أربعة من الموظفين الدائمين وإغلاقها تماما، وأقنعته زوجته برهن مجوهراتها والحصول على قرض وفتح بقالة صغيرة.
لكنه وصف قرار إغلاق الشركة بأنه "صعب جدا، وكأن السماء انطبقت على رأسي" و "أجبر الوباء الكثير من الشركات على تخفيض أعمالها أو الإغلاق بشكل كامل، وبخاصة في مجال السفر الذي أعتمد على زبائنه. وطلبت مني زوجتي رهن مجوهراتها وفتح بقالة في حينا".
ويقول ريكاردو فابياني، مدير شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية إن "التوجهات الاقتصادية سلبية"، وإن "هذه أزمة سيولة في المصارف والشركات المحلية. في مجال الإنشاءات والنظام وهو أكبر قطاع بعد النفط، سجلت حالات عالية من الإفلاسات. وربما كان البلد يسير نحو كارثة اقتصادية بثمن اجتماعي باهظ".
وبحسب أرقام صندوق النقد الدولي، فقد تقلص الاقتصاد العام الماضي بنسبة 6%.
وتوقع صندوق النقد نموا في 2021 بنسبة 2.9% نتيجة لارتفاع أسعار النفط. وتوقع أن يكون العجز بالميزانية لعام 2021، بنسبة 18.4% من مجمل الناتج المحلي العام.
وحتى تكون الحكومة قادرة على موازنة ميزانيتها، فهي بحاجة أن يكون سعر برميل النفط 169.6 دولار وهو ضعف السعر الحالي للبرميل، وهو 72%. إلا أن المحللين ليست لديهم فكرة حول الكيفية التي يخطط فيها النظام لوقف الكارثة الاقتصادية.
ويقول المحاضر الجامعي والمحلل في شؤون السياسة العامة مبروك عايب: "يقول الساسة إنهم يرغبون بفتح الاقتصاد وتنويعه" و"هم يريدون عمل الكثير من الأمور، وهو ما يزعمون، ولكن لا يعرفون ما إن كانت لديهم استراتيجية واضحة حول تنفيذ هذا".
وحتى مع انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة، الذي أثر على مالية الحكومة وقدرتها على توزيع الهبات والمساعدات وخلق فرص للعمل لسكان البلد الشباب، فقد فشل صناع السياسية أو من يقررون في التحرك نحو تنويع الاقتصاد.
وبدلا من ذلك، استخدمت الحكومات المتعاقبة الاحتياطي الأجنبي الذي تراجع من 200 مليار دولار في 2014 إلى 47 مليار دولار في العام الماضي.
وتردد الجيش الذي يسيطر على القرارات في البلد منذ استقلاله عن فرنسا عام 1962 في إدخال إصلاحات تفك القيود عن القطاع الخاص وتحفز الاستثمارات وتدخل الشفافية في النظام الاقتصادي القائم على شبكة من المصالح الخاصة والمحسوبية المدفوعة بالبترودولار.
وسمح في عهد بوتفليقة لقطاع خاص ضيق من أصحاب المصالح القريبة من النظام بالنمو والانتفاع من الرعاية السياسية وسخاء الحكومة.
اقرأ أيضا: "حمس": محاولات لسرقة فوزنا بانتخابات الجزائر البرلمانية
وبات عدد كبير من رجال الأعمال في السجن اليوم بتهم الفساد، وصادرت الحكومة بعضا من شركاتهم.
ويرى فابيان أن غياب الدين الخارجي وزيادة أسعار النفط قد تعطي النظام الجزائري "عاما أو عامين"، وربما أعادت القروض الثنائية من الصين أو الخليج.
ورفض الرئيس عبد المجيد تبون في العام الماضي فكرة الاقتراض من صندوق النقد الدولي، بحجة أن الاقتراض سيحد من قدرة بلاده على إدارة سياسة خارجية مستقلة.
ويعلق فابيان بالقول: "السؤال الأهم يظل قائما، ماذا ستفعل الحكومة القادمة؟ فهل ستقدم أفكارا جديدة؟".
وأدت زيادة الأسعار إلى مطالب متكررة برفع الرواتب وإضراب قطاعات واسعة من المجتمع من المدرسين والأطباء وعمال البريد. وخرج عمال الإطفائية بزيهم في احتجاج الشهر الماضي حيث فرقت الشرطة تظاهرتهم باستخدام الغاز المسيل للدموع. وقامت الشرطة الخائفة من حركة الاحتجاج بقمع وملاحقة الناشطين قبل الانتخابات، ومنعت مسيرات من "الحراك" الذي أطاح ببوتفليقة، وغمرت الحكومة شوارع العاصمة الجزائر بسيارات الشرطة.
وتم اعتقال أكثر من 200 شخص بسبب علاقتهم بالاحتجاجات. وربما حاولت السلطات قمع المعارضة، ولكنها تعرف أن الظروف المعيشية باتت قاسية لمعظم الجزائريين الذين يعانون من آثار الإغلاق بسبب فيروس كورونا، وإغلاق مصالحهم والتضخم.
ويقول سمير، 50 عاما، وهو عامل بناء: "لدي عائلة من 7 أولاد، لكن شركة البناء التي أعمل فيها أغلقت" و"الدولة هي الزبون الوحيد لنا، ولكن الدولة ليس لديها مشاريع، ولا أعرف ماذا أفعل ولدي مشكلة في توفير الطعام لعائلتي، وقد أقترض من العائلة والأصدقاء ممن تقاعدوا، لأن الشباب هم في وضع مثل وضعي".
وقالت نعيمة، المدرسة في مدرسة ابتدائية شاكية: "أقسم لك أنني لم أشتر الفاكهة لأطفالي منذ شهرين، وهناك مواد معينة باتت غالية الثمن بالنسبة لأصحاب الدخل الصغير والمتوسط".