هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار الإعلان عن موافقة الكنيست الإسرائيلي على تشكيل حكومة جديدة برئاسة اليميني، نفتالي بينيت، تساؤلات حول مستقبل العلاقات الأردنية الإسرائيلية، بعد أن وصلت إلى أسوأ أحوالها بين الطرفين أثناء فترة رئاسة بنيامين نتنياهو، التي استمرت 12 عاما متتالية.
وأدى بينيت اليمين الدستورية في الكنيست، الأحد، بعد أن حصل الائتلاف الحكومي الجديد الذي يضم أحزابا من اليسار إلى اليمين على ثقة البرلمان.
"لا جديد"
وقال رئيس الديوان الملكي الأسبق، الدكتور عدنان أبو عودة، إنه لا يتوقع أي جديد في العلاقة الأردنية الإسرائيلية، لافتا إلى أنه لا يقيم "أملا كبيرا على حكومة اليميني بينيت".
وأضاف لـ"عربي21": "لا فرق بين يميني وآخر، فالصهيونية واحدة، والصهاينة يريدون أرض فلسطين كلها لهم".
وأوضح أبو عودة أن حرص الأردن ينصب في الدرجة الأولى على بقاء الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، "وأعتقد أن هذه الوصاية ستستمر كما هي"، لافتا إلى تخوف الأردن من حصول استيطان يضم الضفة الغربية كاملة، ما سيؤدي إلى توطين الفلسطينيين في المملكة.
ورأى أن خطاب نفتالي بينيت حول الاستيطان ليست في صالح المتفائلين بحكومته، "فقد بالغ في الثناء على سلفه نتنياهو، وأكد أنه سيكمل خطة الضم الاستيطانية، التي ستشمل منطقة (ج) بما تحويه من الأغوار والمناطق الزراعية".
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد صرح لمجلة دير شبيغل الألمانية في 15 أيار/ مايو الماضي، بأنه في حال إقدام "إسرائيل" على ضم الأراضي المحتلة، فإن ذلك سيؤدي إلى صدام كبير مع المملكة، دون أن يقدم تفاصيل إضافية حول شكل هذا "الصدام"، مؤكدا تمسكه بقرار "حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية".
اقرأ أيضا: هل تصمد حكومة الاحتلال الجديدة أمام التحديات التي تواجها؟
عودة إلى الوضع الطبيعي
وبعد رحيل نتنياهو والإعلان عن حكومة بينيت، فإن الأجواء باتت مهيأة لهذا الحل التاريخي الذي سينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحسب وزير الإعلام الأردني الأسبق محمد المومني.
وقال المومني في مقالتين منفصلتين نشرتهما صحيفة "الغد" الأردنية اليومية، إنه "يمكن لأمريكا والأردن ومصر أن يلعبوا دورا محفزا كبيرا بتقريب وجهات النظر، ومد الجسور بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتقديم الضمانات اللازمة لتشجيع الطرفين الرئيسيين على اتخاذ مواقف وتنازلات تاريخية تنهي هذا النزاع المعقد".
ورأى أن "أي بديل عن نتنياهو سيكون أفضل منه"، حيث إن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق قد "أطاح بعلاقات إسرائيل مع الأردن، التي تُعد ثاني أهم دولة لتل أبيب بعد أمريكا"، على حد تعبيره، مضيفا أن "رحيل نتنياهو خبر مفرح للكافة ولنا بالأردن".
وأكد المومني أن التعامل مع التشدد الإسرائيلي سيكون أيسر، وسيخضع لمنطق العقل والبراغماتية، بعيدا عن الانتهازية والنزق والشوفينية "التي شكل نتنياهو عنوانا لها"، ذاهبا بعيدا في التفاؤل بأن "تدرك إسرائيل وتحترم مصالح الأردن السيادية، وارتباط تلك المصالح بحل الدولتين وإنهاء النزاع مع الفلسطينيين وإعطائهم حقوقهم الوطنية".
ورأى أن علاقة الأردن مع "إسرائيل" ستتجه للعودة إلى وضعها الطبيعي بالتزامن مع مغادرة نتنياهو، "فالأردن دولة في غاية الأهمية لإسرائيل لأسباب عديدة معقدة ومركبة، والأردن أيضا يهتم بعلاقاته مع إسرائيل؛ لأن لديه مصالح حيوية عديدة مرتبطة بتلك العلاقة".
وتوترت العلاقات بين المملكة الهاشمية و"إسرائيل" أثناء فترة ولاية نتنياهو لعدة أسباب، أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأماكن المقدسة التي تخضع لوصاية الملك عبدالله الثاني، وإعلان نتنياهو في تموز/ يوليو 2020 عن خطة استيطانية لضم غور الأردن وأجزاء واسعة من الضفة الغربية، ومنع ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله من زيارة المسجد الأقصى في آذار/ مارس الماضي، وما تبعها من منع عمّان مرور طائرة نتنياهو عبر الأجواء الأردنية لزيارة الإمارات.
سياسات نتنياهو باقية
ووفق المحلل السياسي عريب الرنتاوي، فإن نتنياهو شخصيا كان يمثل مشكلة بالنسبة للأردن، خصوصا في مواضيع حل الدولتين، والوصاية، "ونظرته للدور الأردني التي لا تحترم الحسابات الأردنية، وتستخدم في التعامل معه أنماطا استعدائية فوقية".
وقال الرنتاوي لـ"عربي21" إنه يستبعد حدوث تغييرات جوهرية على النظرة الإسرائيلية للأردن بعد تشكيل الحكومة الجديدة، "فنتنياهو رحل لكن سياساته باقية"، مرجحا استمرار مشاريع الاستيطان والضم واستهداف القدس، "ما سيصطدم مع المصالح الأردنية".
وأشار إلى أن الأردن رغم توتر العلاقات بينه وبين حكومة نتنياهو، إلا أنه "تمكن من الإبقاء على قنوات اتصال معها من خلال وزير دفاعه بيني غانتس"، مضيفا: "ربما نشهد المزيد من التواصل على مستوى الخارجية مع الدبلوماسية الإسرائيلية، ولكن مستقبل العلاقة سيصطدم بحاجز يميني فاشي صلب تتشكل منه حكومة نفتالي بينيت".
وأضاف أن الفجوة الكبيرة في النظر للمستقبل الفلسطيني وانعكاساته على الأردن ستظل قائمة وتتفاقم مع الأيام، مستدركا: "لكن الحواجز النفسية والشخصية التي حالت دون التواصل مع نتنياهو ربما تكون قد أزيحت".
وأشار إلى عدم وجود مواقف أو تصريحات عدائية لنفتالي بينيت تجاه الأردن، متابعا: "لكنه يميني متطرف يجمع بين اليمين القومي واليمين الديني، وهو معروف بمواقفه الكارهة للفلسطينيين، فقد سبق أن تبجح بأنه قتل شخصيا فلسطينيين بيديه، وأنه مستعد لقتل المزيد إن تطلب الأمر ذلك، بالإضافة إلى كونه رئيسا سابقا لما يعرف بمجلس الاستيطان في يهودا والسامرة".
وحول تداعيات تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة على الموقف الأمريكي بما ينعكس على مصالح الأردن، قال الرنتاوي إن الأمريكان سعداء بخروج نتنياهو الذي كان عقبة مهمة في طريق الاتفاق النووي، مرجحا أن تشجع الإدارة الأمريكية مزيدا من الاتصالات الأردنية الإسرائيلية، والإسرائيلية العربية.
إلا أن عدنان أبو عودة يشكك في أن يكون لواشنطن موقف تجاه القضية الفلسطينية يصب في مصلحة الأردن، قائلا إن "السؤال الذي ينبغي أن يُطرح هو: هل تقبل أمريكا بأن تخالف الأذرع الصهيونية المتواجدة في الولايات المتحدة؟"، مجيبا: "أشك في ذلك".
ويربط الأردن والاحتلال الإسرائيلي عدة اتفاقيات، أبرزها اتفاقية "وادي عربة" للسلام الموقعة بين البلدين عام 1994، واتفاقية الغاز الموقعة في 2016.