هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أدلى الزعيم الإيراني علي خامنئي خلال الأيام الماضية بتصريحين مثيرين، سلطا الضوء على قلق شديد في أروقة طهران من تدني المشاركة في الانتخابات الرئاسية، المزمع عقدها في 18 حزيران/ يونيو الجاري.
وفي ظل سخط من تركيبة المنافسة، التي يطغى عليها المحافظون، ويرجح أن يفوز فيها "إبراهيم رئيسي"، حاول المرشد الإيراني استدراك المشهد بالاعتراف بأن بعض المرشحين المستبعدين "تعرضوا للظلم".
وإثر ذلك، أعلن مجلس صيانة الدستور، الذي يراقب الانتخابات في إيران، أنه قد يعيد النظر في قرار استبعاد مرشحين من الانتخابات.
وغرّد المتحدث باسم المجلس، عباس علي كدخدائي، قائلا: "أوامر المرشد الأعلى نافذة، وحكمه واجب الطاعة. قريبا يعلن المجلس عن رأيه، مُقرًّا بأنه غير معصوم من الخطأ".
البطاقات البيضاء "حرام"
ولاحقا، عاد خامنئي وأصدر فتوى تحرم التصويت بورقة بيضاء في الانتخابات "في حال أدى ذلك إلى إضعاف النظام الإسلامي" في البلاد.
ونشرت مجلة "خط حزب الله" التي يصدرها مكتب المرشد الإيراني سؤالا حول حكم التصويت بورقة بيضاء من دون كتابة اسم المرشح في حال عدم قيام المقترع بالبحث والتحقيق حول المرشحين، أو قيامه بالتحقيق من دون التوصل إلى استنتاج والحيرة في اختيار المرشح المناسب.
ورد خامنئي بأن "التصويت بورقة بيضاء، أيا كان السبب، في حال أدى إلى إضعاف النظام الإسلامي في إيران فهو محرم".
وتشير آخر استطلاعات الرأي التي أجراها مركز "إيسبا" الرسمي إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة لن تتجاوز الـ37 بالمئة وهي أدنى نسبة في تاريخ البلاد.
اختلال سياسي
وأدى انهيار الإقبال على الصناديق في الانتخابات التشريعية العام الماضي إلى اختلال غير مسبوق في تركيبة البرلمان لصالح المحافظين والمتشددين.
وكانت المقاطعة الواسعة للانتخابات، و"خيبة الأمل" بأداء روحاني، وسط احتجاجات شعبية غاضبة، قبيل التوجه لصناديق الاقتراع، بالإضافة إلى الخوف من فيروس كورونا المستجد في الحواضر الرئيسية؛ جميعها عوامل أدت إلى تراجع حضور القوى الإصلاحية والمعتدلة بشكل خاص.
اقرأ أيضا: على أعتاب الانتخابات.. تعرف إلى الأحزاب والتيارات السياسية بإيران
وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات 2020 أقل من 42.6 بالمئة، مقارنة بأكثر من 61.6 بالمئة عام 2016.
ويتوقع أن يخسر الإصلاحيون والمعتدلون الانتخابات الرئاسية أيضا، للمرة الثانية، بعد أن تمكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من انتزاع المنصب منهم لأول مرة عام 2005.
كابوس 2009
وإثر فوز أحمدي نجاد بانتخابات 2009 لفترة ثانية، شهدت البلاد أحداثا وصفت بـ"الربيع الإيراني"، حيث اجتاحت البلاد احتجاجات عارمة، وتأزمت الخلافات السياسية وصولا إلى حلّ ثلاثة أحزاب إصلاحية.
وأدى تولي حسن روحاني الرئاسة في الانتخابات التالية إلى تخفيف التوتر، خاصة أن البلاد توصلت أخيرا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي، عام 2015.
وعادت الأزمة الداخلية في البلاد بعد انهيار الاتفاق النووي وعودة العقوبات الأمريكية خلال عام 2018، وما رافق ذلك من انهيار صحي جراء فيروس كورونا المستجد في موجته الأولى.
ويخشى مراقبون من انهيار الوضع السياسي في البلاد حال فوز مرشح متشدد بالانتخابات الرئاسية.
وإثر رفض ترشحه لخوض الانتخابات، نهاية أيار/ مايو الماضي، حذر أحمدي نجاد من أن "الوضع الاقتصادي مأساوي، والوضع الاجتماعي على وشك الانهيار، والأوضاع الثقافية من حيث التفكك، لا توصف".
واعتبر نجاد أن ما وصفه بـ"تيار النفوذ" وجه ضربات ثقيلة لأعمال البلاد، وقال: "هناك ضعف وخيانة"، متوقعا مشاركة متدنية في الانتخابات في ظل الأوضاع الحالية.
وقال: "أحذر من تبعات داخلية ودولية ستؤدي إلى السقوط على الأرض ولا يمكن النهوض مرة أخرى"، متهما أطرافاً لم يذكر أسماءها بأنها تابعت بجدية رفض أهلية دخول الانتخابات.
ورغم تشدده، إلا أن نجاد تبنى مواقف مثيرة للجدل خلال السنوات الماضية، دفعت ساسة تقليديين إلى اتهامه بـ"الانحراف"، لكنها قد تلقى رواجا لدى أبناء الجيل الجديد من الإيرانيين.
ويحظى الرجل بنفوذ وتأثير على العديد من التيارات السياسية، رغم حذره بالإفصاح عن دعمها.
من هو رئيسي؟
ويعد رئيس القضاء الإيراني، إبراهيم رئيسي، الذي كان أحد المنافسين في انتخابات عام 2017، المرشح الأكثر شهرة، ووفقاً لبعض استطلاعات الرأي الحكومية، فهو المرشح المفضل بين المتشددين.
ويعتقد بعض المراقبين أن الآخرين الذين سُمح لهم بالترشح في هذه المسيرة الانتخابية، هم فعلياً موجودون فقط لدعم المرشح الرئيسي.
ويتلقى رئيسي دعما من الكتل البرلمانية المحافظة، التي تسيطر فعليا على المجلس وفق إفرازات انتخابات 2020، وأهمها "مجلس ائتلاف قوى الثورة الإسلامية" بقيادة غلام علي حداد عادل، وهو مقرب من علي خامنئي فكريا وعائليا (ابنته زوجة مجتبى خامنئي ابن المرشد الإيراني).