عندما تصل فترة الانتظار للحصول على فرصة عمل بين الإناث في
غزة إلى 26 شهرا، وإلى أكثر من 14 شهرا بين الذكور في غزة، وعندما تصل نسبة
البطالة بين الشباب في الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة إلى 66 في المائة بين الذكور في غزة وترتفع إلى 92 في المائة بين الإناث فيها، فإن هذا يولد الإحباط ويؤخر إمكانية الزواج ويزيد من الأعباء على أرباب الأسر، خاصة التي تعولها النساء، مما ينذر بتداعيات اجتماعية خطيرة.
في منتصف العام الماضي بلغ عدد سكان
فلسطين 5.1 مليون شخص، وبلغ عدد من بلغوا سن الخامسة عشرة فأكثر، أي سن العمل منهم 3.2 مليون فرد، بينما كان هناك 1.9 مليون شخص أقل من سن الخامسة عشرة، يمثلون نسبة 38 في المائة من إجمالي عدد السكان في الأراضي الفلسطين.
هذا يولد الإحباط ويؤخر إمكانية الزواج ويزيد من الأعباء على أرباب الأسر، خاصة التي تعولها النساء، مما ينذر بتداعيات اجتماعية خطيرة
وتوزع السكان في سن العمل البالغ عددهم 3.2 مليون شخص، على شريحتين؛ أولها من هم داخل القوى العاملة وبلغ عددهم 1.3 مليون شخص، والشريحة الثانية تمثل من هم خارج القوى العاملة، وتشمل المتفرغين للأعمال المنزلية من النساء أو الطلاب المتفرغين للدراسة أو للتدريب، أو كبار السن والمرضى، وإجمالي عددهم 1.9 مليون شخص.
كذلك يتوزع من هم داخل قوة العمل والبالغ عددها 1.3 مليون شخص، ما بين أشخاص عاملين من الجنسين بلغ عددهم 956 ألف شخص، وأشخاص عاطلين عن العمل بلغ عددهم 335 ألف شخص، وبنسبة عدد العاطلين عن العمل إلى قوة العمل تصل نسبة البطالة 25.9 في المائة، وهي نسبة مرتفعة بالقياس إلى المتوسطات الدولية للبطالة.
وبينما بلغت نسبة البطالة 15.7 في المائة بالضفة الغربية، فقد زادت إلى 46.6 في المائة في غزة أي حوالي نصف قوة العمل، وبالطبع تتفاوت نسبة البطالة في محافظات الضفة الغربية الإحدى عشر، حيث تزيد إلى أكثر من 25 في المائة في بيت لحم، بينما تنخفض إلى أقل من عشرة في المائة في البيرة ورام الله، مقر السلطة الفلسطينية. أما في غزة فقد بلغت 52.7 في المائة في دير البلح، بينما بلغت أقلها 38 في المائة في محافظة شمال غزة.
ينما بلغت نسبة البطالة 15.7 في المائة بالضفة الغربية، فقد زادت إلى 46.6 في المائة في غزة أي حوالي نصف قوة العمل
13 في المائة من الأيدي العمالة تعمل بإسرائيل
ولكن أين يعمل الفلسطينيون؟ فقد أفاد مركز الإحصاء الفلسطيني بأن نسبة 66 في المائة يعملون في القطاع الخاص في العام الماضي، بينما يعمل 21 في المائة بالقطاع العام أي في الحكومة، و13 في المائة في إسرائيل والمستوطنات، أي حوالي 125 ألف شخص، زاد عددهم نهاية العام إلى 133 ألف شخص، لكن العدد مرتبط بأجواء الاستقرار والعلاقة بين الفلسطنيين والإسرائيليين.
ويختلف الحال في الضفة الغربية عنه في غزة، ففي الضفة الغربية يتوزع العاملون ما بين 67.5 في المائة بالقطاع الخاص، و15 في المائة بالقطاع العام و17 في المائة بإسرائيل والمستوطنات، بينما يقل نصيب القطاع الخاص بعمالة غزة إلى 61 في المائة، ويرتفع نصيب القطاع العام إلى 39 في المائة، ومنعت إسرائيل سكان غزة من العمل منذ عدة سنوات.
وتمثل كثرة العاملين في الحكومة بغزة مشكلة لتدبير أجور هؤلاء، خاصة مع تراجع المنح والمساعدات الخارجية في السنوات الأخيرة، مما أعاد العجز إلى الموازنة الفلسطينية خلال العامين الماضيين، الأمر الذي دفع قطر للتدخل لتدبير جانب كبير من تلك الأجور.
فقد ظلت المساعدات الخارجية تمثل حوالي ثلث الإيرادات بالموازنة الفلسطينية لعدة سنوات حتى عام 2014، لكن قيمتها ونصيبها النسبي واصل التراجع في السنوات التالية، حتى بلغت نسبتها من الإيرادات عشرة 10 في المائة بالعام الماضي، مقابل نسبة 40 في المائة عام 2010، حيث انخفضت قيمة المعونات إلى 368 مليون دولار في العام الماضي مقابل 1.2 مليار دولار عام 2010.
ظلت المساعدات الخارجية تمثل حوالي ثلث الإيرادات بالموازنة الفلسطينية لعدة سنوات حتى عام 2014، لكن قيمتها ونصيبها النسبي واصل التراجع في السنوات التالية
وحسب الأنشطة
الاقتصادية المختلفة، فقد توجهت نسبة 30 في المائة من العمالة الفلسطينية في العام الماضي للعمل بأنشطة الخدمات، و22 في المائة بالتجارة والمطاعم والفنادق، و21 في المائة بالبناء والتشييد، و15 في المائة بالتعدين والمحاجر والصناعات التحويلية، و7 في المائة بالزراعة وصيد الأسماك، و5.5 في المائة بالنقل والتخزين والاتصالات.
ونظرا لارتفاع الأجور الملحوظ بإسرائيل عما هي عليه في الضفة وغزة، فقد اتجه الكثيرون للعمل في إسرائيل، رغم الصعوبات التي تواجهم عند المعابر، وحاجتهم للحصول على تراخيص وتدخل وسطاء لإمدادهم بالتراخيص مقابل نسبة كبيرة من الأجر الشهرى، وتدني أجورهم وأوجه الرعاية الاجتماعية بالمقارنة لأجور ورعاية العمالة الإسرائيلية، وحالات التحرش بالعاملات، وكثرة حالات الوفيات بينهم.
وفقد متوسط الأجر اليومي للعمل بإسرائيل والمستوطنات خلال العام الماضي 258 شيكلا إسرائيليا، مقابل 116 شيكلا للعمل في القطاع العام الفلسطيني و99 شيكلا للعمل في القطاع الخاص الفلسطيني. وكان المتوسط اليومي للأجر في الضفة الغربية قد بلغ 155 شيكلا، بينما بلغ 62 شيكلا فقط في غزة.
ارتفاع معدل البطالة بين الإناث
وتزداد المقارنة اتساعا بين الأجر اليومي في القطاع الخاص الإسرائيلي البالغ 259 شيكلا، والقطاع الخاص في كلا من الضفة وغزة، حيث بلغ متوسط الأجر اليومي في القطاع الخاص بالضفة 99 شيكلا، وفي القطاع الخاص بغزة 44 شيكلا.
وتختلف الأجور للعمالة الفلسطينية في إسرائيل حسب قطاعات النشاط، حيث يصل أعلاها في البناء والتشييد (292 شيكلا)، وهو القطاع الذي يستحوذ على معظم العمالة في إسرائيل لما يتطلبه من جهد وقوة تحمل، و224 شيكلا في قطاع التعدين والمحاجر والصناعات التحويلية، و223 شيكلا في النقل والتحزين والإتصالات، و212 شيكلا في الخدمات و206 شيكلا في التجارة والمطاعم الفنادق، وأقل أجر في الزارعة 174 شيكلا.
وإذا كان معدل البطالة قد بلغ متوسطه على مستوى فلسطين 25.9 في المائة، فإنه يرتفع إلى 40 في المائة بين الإناث وينخفض إلى 22.5 في المائة بين الذكور. وتتكرر الظاهرة في كل من الضفة وغزة، ففي الضفة الغربية كان معدل البطالة 27 في المائة بين الإناث بينما كان 13 في المائة بين الذكور، أما في غزة فقد بلغت نسبة البطالة 64 في المائة بين الإناث مقابل نسبة 42 في المائة بين الذكور.
وتطول فترة البطالة بين الفلسطينين، حيث بلغت نسبة من ظلوا عاطلين عن العمل لأكثر من 12 شهرا 41 في المائة منهم، وتنخفض النسبة إلى 17 في المائة في الضفة، بينما ترتفع إلى 57 في المائة في غزة.
وأشار مسح القوى العاملة الفلسطينية لعام 2020 إلى أن متوسط فترة التعطل تصل 13 شهرا، وتصل بين الذكور إلى 11 شهرا بينما تصل إلى 19 شهرا بين الإناث على مستوى فلسطين، لكن الفترة تطول بغزة أكثر لتصل إلى 14 شهرا للذكور و26 شهرا للإناث.
متطلبات دعم صمود الفلسطينيين تتطلب التدخل لتقليل حدة البطالة وزيادة معدلات الأمل في المستقبل، من خلال تشجيع القطاع الخاص لاستيعاب المزيد من فرص العمل، والتوسع بالمشروعات الخاصة للشباب وقيام المصارف بدور في هذا الصدد، وهو ما يساعد عليه عودة الحياة الطبيعية وتخفيف حدة الحصار
وترتفع نسب البطالة بين الخريجين من حاملي مؤهل الدبلوم المتوسط فأعلى، حيث بلغت النسبة 46 في المائة بين خريجي الصحافة والإعلام، و41 في المائة لخريجي التعليم، و37 في المائة لخريجي الفنون، و36 في المائة للدراسات الإنسانية، و33 في المائة للهندسة المعمارية والبناء والرياضيات والإحصاء، و32 في المائة للتصنيع، وكذلك العلوم الاجتماعية واللغات، و30 في المائة للعلوم البيولوجية والعلوم، و29 في المائة للقانون، والعلوم الفيزيائية، وكذلك لإدارة الأعمال والإدارة، و28 في المائة لتكلنولجيا الاتصالات.
وهكذا فإن متطلبات دعم صمود الفلسطينيين تتطلب التدخل لتقليل حدة البطالة وزيادة معدلات الأمل في المستقبل، من خلال تشجيع القطاع الخاص لاستيعاب المزيد من فرص العمل، والتوسع بالمشروعات الخاصة للشباب وقيام المصارف بدور في هذا الصدد، وهو ما يساعد عليه عودة الحياة الطبيعية وتخفيف حدة الحصار، من خلال عودة ميناء غزة ومطار ياسر عرفات بغزة وتسهيل الحركة عبر الحواجز والمعابر.
twitter.com/mamdouh_alwaly