هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع زيادة التدخل المصري في مختلف القضايا التي تخص القضية الفلسطينية، تسلط "عربي21" الضوء على حقيقة الدور الذي تؤديه القاهرة من أجل ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي.
وفي تعبير واضح عن هذا الاهتمام ، زار رئيس المخابرات العامة عباس كامل قطاع غزة، والتقى برئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، يحيى السنوار، ظهر الاثنين الماضي.
وعقب الزيارة التي عنيت بتثبيت وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال، وإعادة إعمار غزة، ومحاولات التقدم في ملف صفقة تبادل للأسرى بين حركة حماس والاحتلال، إضافة إلى محاولة القاهرة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وجهت مصر دعوة للفصائل الفلسطينية للمشاركة في الحوار الفلسطيني الأسبوع المقبل في القاهرة.
معالجات حاسمة
وعن رؤيته لدعوة مصر الفصائل الفلسطينية لجولة جديدة من الحوار في القاهرة في هذا التوقيت على طريق ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، قال الكاتب والمحلل السياسي، محسن أبو رمضان: "هناك اهتمام مصري قديم، لكنه زاد مؤخرا بحكم إدراك مصر لمكانة القضية بالنسبة للشعب الفلسطيني، على المستوى العربي وعلى مستوى الاستقرار، كما أن هذا يزيد مكانة مصر عندما تريد أن تعالج أي أمر مثل ملف الانقسام".
اقرأ أيضا: صحيفة عبرية تكشف فحوى رسالة تتعلق بوساطة مصر في العدوان
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "هناك جهود جادة من قبل القاهرة عبر دعوة الفصائل للحوار، وهذه المرة على ضوء تعثر إجراء الانتخابات والعدوان العسكري الإسرائيلي على القطاع، والمسائل تتجه نحو معالجة ملف الانقسام بصورة حاسمة، بعيدا عن إمكانية التعثر أو تراجع هذا الطرف أو ذاك، وذلك من خلال عدة خطوات؛ تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإمكانية إعادة التحضير لإجراء الانتخابات من أجل تجديد شرعية النظام وإدخال كل الفصائل التي تستطيع أن تجتاز نسبة الحسم للمجلس الوطني، ومن ثم إعادة هيكلة كل المؤسسات التنفيذية الفلسطينية".
ورأى أبو رمضان، أن الخطوات سابقة الذكر "ستكون مصحوبة بالتوازي مع صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة والاحتلال، وفي حال تم الأمر، سيشكل هذا الأمر نجاحا لمصر على مستوى صفقة تبادل والتهدئة في غزة، إضافة إلى معالجة أمر الانقسام عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتنفيذ عملية إعادة إعمار القطاع، بما يضمن استنهاض الحالة التنموية والتصدي للعديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية القائمة في القطاع نتيجة الحصار، الانقسام، وتفشي كورونا والعدوان الإسرائيلي الذي عمق أزمات القطاع".
وحول إمكانية إعادة السلطة للقطاع من بوابة الإعمار، نبه إلى أن "مصر تتعامل مع أجسام رسمية معترف بها على المستوى العربي والدولي، ورغم الإخفاق في تحقيق الانتخابات، ما زال المجتمع الدولي يتعامل مع قيادة السلطة، ولكن هذا لا يعني فقط عودة السلطة، فالسلطة ستتكون من عدة فصائل بمن فيهم حماس، ومن ثم يدور الحديث عن حكومة وحدة تضمن مشاركة الجميع، وهذا يعني أن صانع القرار سيكون ذا طبيعة جمعية".
ونبه الكاتب إلى أن "إشراك الآخرين سيشكل شرطا ضروريا ومهما لتنفيذ إعمار القطاع"، مشددا على أهمية "البحث عن القواسم المشتركة والقضايا المجمع عليها وطنيا فيما يتعلق بالصف الوطني الفلسطيني، وربط تشكيل الحكومة بشروط الرباعية، ربما يشكل عثرة وعقبة بمسار الحكومة وتحقيق الوحدة، خاصة أن هذا الأمر لا ترفضه حماس فقط، بل قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني".
الخروج من دائرة الحظر
ولفت إلى أن "المطلوب من الحكومة الفلسطينية أن تسير وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والإنساني، وحماس اقتربت كثيرا من الملف".
وأكد أبو رمضان، أن "حماس معنية أن تكون جزءا من بنية النظام السياسي الفلسطيني، خاصة منظمة التحرير، وربما تدفع نحو إجراء الانتخابات وتبدي مرونة بملف الإعمار، لكن تشدد على ضرورة الاندماج في بنية النظام السياسي الفلسطيني، عبر الانتخابات أو عن طريق التوافق الديمقراطي الوطني، كي يكون لها وزن مهم في المؤسسات التنفيذية وخاصة في المجلس التشريعي والوطني، وهذا مدخل مهم لحماس، ويشكل لها إنجازا كبيرا، ما يمنحها مساحة أوسع للتعاطي مع الأبعاد العربية والدولية والجهود المختلفة، وإخراجها من دائرة الحظر المفروض عليها منذ فترة طويلة".
اقرأ أيضا: خبراء إسرائيليون: زيادة الدور المصري في غزة مصلحة لنا
من جانبه، أوضح الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، أن "مصر تسعى لإعادة الحوار الوطني والعودة لمسار المصالحة بهدف ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، استعدادا للعودة إلى طاولة المفاوضات وفق مبدأ حل الدولتين، كما أكد ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن وأغلب دول العالم".
ولفت في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "الجهود المصرية منصبة في هذه المرحلة نحو تثبيت وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، من خلال مصالحة وطنية حقيقية تساهم في الإسراع في إعادة الإعمار وتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، خاصة أن أمريكا وأوروبا وإسرائيل وضعت شرط إشراف السلطة على إعادة الإعمار، وهذا لن يتم إلا من خلال بوابة المصالحة الفلسطينية".
ونوه أبو كريم إلى أن "الجهود المصرية المكثفة السريعة التي تقوم بها القاهرة في الملف الفلسطيني في هذا التوقيت، تأتي بهدف استثمار عودة الاهتمام الدولي والإقليمي بالقضية الفلسطينية على المستويات كافة، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تنسجم مع المتطلبات الدولية وتساهم في رفع الحصار وليس تعزيزه".
وأفاد الباحث، أن "مصر تعمل على ثلاثة مسارات، الأول؛ هو المسار السياسي، عبر استثمار عودة الاهتمام الدولي والإقليمي بالقضية الفلسطينية وعودة إدارة بايدن للتركيز على مبدأ حل الدولتين. والمسار الثاني؛ هو مسار العلاقات الفلسطينية الداخلية، من خلال إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية. والثالث؛ هو المسار الأمني، بتثبيت وقف إطلاق النار وتوفير الهدوء التام لعودة المفاوضات وإعادة الإعمار".