ملفات وتقارير

هندسة المتفجرات بغزة.. مواجهة البركان بلا معدات (شاهد)

الفرق الهندسية بغزة لا تمتلك المعدات اللازمة للتعامل مع هذه القنابل المدمرة- الشرطة الفلسطينية
الفرق الهندسية بغزة لا تمتلك المعدات اللازمة للتعامل مع هذه القنابل المدمرة- الشرطة الفلسطينية

بعد كل عدوان إسرائيلي على قطاع غزة وبالتزامن معه، تعمل طواقم وحدة هندسة المتفجرات داخل بركان من مخلفات الاحتلال الإسرائيلي المتفجرة، في ظل عدم توفر أدنى معدات الوقاية والسلامة اللازمة لتحييد الخطر الذي يتهدد أرواحهم وأرواح المواطنين.

واستمر عدوان 2021 الإسرائيلي على قطاع غزة 11 يوما، أدى بحسب إحصائية وصلت إلى "عربي21"، من وزارة الصحة الفلسطينية، إلى ارتفاع عدد الشهداء إلى 254 شهيدا، بينهم 66 طفلا و39 سيدة و17 مسنا، والجرحى إلى أكثر من 1948 مصابا بجروح مختلفة. 

وتسبب القصف الإسرائيلي العنيف على القطاع، في تدمير المئات من المنازل والأبراج والشقق السكنية والطرق الرئيسية والأماكن العامة وشبكات المياه والاتصالات والإنترنت، إضافة إلى تدمير العديد من المؤسسات الحكومية المختلفة، وتشريد الآلاف من بيوتهم، وترك المئات من الصواريخ والقذائف والقنابل التي لم تنفجر.

مهام إنسانية

وعن واقع عمل "وحدة هندسة المتفجرات" التابعة لوزارة الداخلية بغزة، أوضح مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وهندسة المتفجرات، العقيد علي القدرة، أن أقسام هذه الإدارة منتشرة في جميع محافظات القطاع الخمس، وعدد العاملين في كل الفروع لا يتجاوز 70 خبيرا، "تم تطوير قدراتهم ذاتيا".

وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "المهمة الأساسية لطواقم هندسة المتفجرات؛ هي رفع الضرر الذي يتهدد حياة المواطنين، عبر جمع المخلفات العسكرية التي تشمل الصواريخ والقذائف الإسرائيلية ومواد أخرى، أطلقت من قبل طائرات الاحتلال ودباباته نحو المواطنين ولم تنفجر".

وعن الإمكانيات والدعم المتوفر لعمل هذه الوحدة الحساسة، قال القدرة: "تلقينا بعض الدعم بتقديم معدات بسيطة جدا مثل؛ كفات وزراديات، من مؤسسات دولية، وهذا الواقع من قلة الإمكانيات يجعلنا أمام تحد كبير وخطير، لأن رأس مالنا الوحيد هو الكادر البشري، الذي يجب أن نحافظ عليه مع وجود هذه التحديات والأخطار الكبيرة المترتبة على العمل الذي تقوم به طواقمنا".

وأفاد أن "المعدات المتوفرة لدى وحدتنا، نستطيع التأكيد أنها معدومة وأقلها غير متوفر، ونحن نعتمد في عملنا على الكادر البشري الذي درب على تحييد الخطر، فالخبير لدينا يتعامل مع متفجرات؛ الخطأ في التعامل معها هو الأول والأخير".

ولفت إلى أن "وحدة الهندسة بحاجة ماسة للأدوات الأساسية مثل؛ الدرع الواقي، كفات خاصة، خوذ للرأس، كاشف المفرقعات والمعادن، المعدات الخاصة بالحفر والحمل والنقل، سيارات نقل مخصصة لنقل مثل هذه المواد المتفجرة، والموجودة لدينا غير مؤهلة لنقل المفجرات"، مؤكدا أن "الاحتلال يمنع دخول كل تلك الأدوات".

وتابع: "نحاول توفير وتأهيل معدات محلية توفر شيئا من الأمان لطواقمنا، وهي في المقياس الدولي فاشلة 100 في المئة".

وعن التعاون مع المؤسسات الدولية المعنية بالأمر من أجل تأهيل طواقم هندسة المتفجرات وتزويدهم بما يلزم من معدات، بين مدير الدائرة أن "هناك تواصلا مع الصليب الأحمر وغيره بخصوص توعية المواطنين وإرشادهم فقط لا غير، وهذا دور غير كاف وبسيط، نحن أوصلنا لهم رسالتنا، بأن دورهم يجب أن يكون أوسع من هذا".

وذكر أن "الإدارة تحاول من خلال تلك المؤسسات التي تعتبرها منبرا، أن توصل رسالتنا الإنسانية إلى العالم، للاطلاع على معاناتنا المركبة؛ معاناة الإمكانيات والمعدات والحصار وعدوان الاحتلال المستمر على القطاع".

ونبه إلى أن "وحدة هندسة المتفجرات الإنسانية، تحارب بلا إمكانيات، ويمنع الاحتلال حصولها على أقل تلك الإمكانيات والمعدات الوقائية، من أجل حماية العنصر البشري الذي يعمل على تحييد خطر قذائف ومخلفات الاحتلال بالغة الخطورة"، مؤكدا أن طواقم العمل في الوحدة لم تسلم من الاستهداف الإسرائيلي.

بركان متفجر

وبين مدير الدائرة، أن جيش الاحتلال قام باعتقال عدد من طواقم هندسة المتفجرات في عدوان 2014 خلال عملهم (قرب السياج)، كما استشهد نحو 8 خبراء خلال عملهم في تحييد خطر مخلفات الاحتلال، وتعرض 7 خبراء لبتر بعض أصابعهم؛ نظرا لعدم توفر أدوات الحماية والوقاية الأساسية التي يمنع دخولها الاحتلال، مضيفا: "طواقمنا شهداء مع وقف التنفيذ".

وعن أداء هذه المهام الإنسانية في ظل هذا الخطر الكبير على حياة العاملين لتحييد خطر المتفجرات، ذكر العقيد القدرة أن "هذا هو التحدي الكبير في عملنا، نحن نكون أمام الخطر الكبير الذي يهدد حياة المواطن، وأمام الواجب الذي يجب علينا القيام به، وحين تتوجه الطواقم لتلبية نداء استغاثه من قبل المواطنين، نكون على تواصل مستمر مع الخبراء في المكان، كي نتابع معهم العمل، ونكون في قلق مستمر حتى إزالة الخطر".

وزاد: "حينما يرجع أحد أفراد طواقمنا من مهمة عمل تحييد خطر جسم متفجر من مخلفات الاحتلال، نعتبر أنه ولد من جديد، الوضع خطير جدا، وقذائف وقنابل الاحتلال رغم خطرها الشديد نتعامل معها دون توفر أدنى المعدات الوقائية، ونحن حينها كمن يقف في وجه البركان".

وكشف لـ"عربي21"، أن طواقم هندسة المتفجرات في غزة، قامت بتحييد أكثر من 395 صاروخا وقذيفة وقنبلة جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، والعدد في ازدياد، وعملنا مستمر بشكل يومي في المحافظات الخمس، بواقع ما بين 100 - 150 مهمة يوميا؛ إزالة ومعاينة وتحييد أخطار".

وعن إمكانية ممارسة الخداع من قبل الاحتلال لقتل طواقم عمل هندسة المتفجرات في القطاع، بين المسؤول الفلسطيني، أن "طواقم العمل لدينا لا تتعامل مع المخلفات بحسن نية، وعدونا خبيث يتربص دائما بأبناء شعبنا، وطواقمنا هدف سهل له كونها تتعامل مع القذائف التي يتركها، ونحن نتعامل معها دائما كونها مفخخة، وفعليا وجدنا بعض المخلفات التي بها أكثر من صاعق تفجير (مفخخة)، ولكن طواقمنا تمكنت من التعامل معها وتحييدها، وخرجت سالمة".

وعن رسالة تلك الوحدة للمؤسسات الدولية والمختصة، قال: "نحن رسالتنا وعمل إدارتنا مدني إنساني بالكامل، نعمل من أجل حماية الإنسان، ينقصنا من أجل أداء مهمتنا الإنسانية العديد من الإمكانيات والمعدات البسيطة الوقائية، التي لا تشكل خطرا على أي جهة كانت، ونأمل من المؤسسات المختصة العمل على توفير ما يلزم لعملنا، كي نتمكن من الاستمرار في أداء رسالتنا وعملنا الإنساني".









 

التعليقات (0)