في خطوة
نادرة؛ تراجعت الحكومة
المصرية عن المضي قدما في إقرار مشروعات بقوانين، مثيرة للجدل،
تضمنت فرض
رسوم وغرامات وأعباء مالية إضافية وتعديل نظام الثانوية العامة، وتأتي ضمن
خطوات أخرى للخلف كما في قانوني تسجيل الشهر العقاري والتصالح في مخالفات البناء.
وقررت
الحكومة، الثلاثاء، إخطار مجلس النواب بسحب 11 مشروع قانون، بحسب رئيس المجلس المستشار
حنفي جبالي، دون ذكر الأسباب وراء سحبهم من أروقة البرلمان الذي كان يعتزم مناقشتها
وإقرارها، وجاءت على النحو التالي:
1) ثلاثة
مشروعات قوانين بتعديل بعض مواد قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973.
2) مشروع
قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 155 لسنة 2002 بشأن تنمية التصدير.
3) مشروع
قانون بإصدار قانون تنظيم المحميات الطبيعية.
4) مشروع
قانون بتعديل بعض أحكام النظافة العامة.
5) مشروع
قانون تنمية وتطوير صناعة المركبات والصناعات المغذية لها.
6) مشروع
قانون بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 77 لسنة 1968 في شأن رسوم
الإذاعة والأجهزة اللاسلكية.
7) مشروع
قانون بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981.
8) مشروع
قانون بتعديل قانون صيد الأسماك وتنظيم المزارع السمكية، وقانون أملاك الدولة الخاصة.
وأثارت
القوانين في مجملها غضب الشارع المصري، خاصة أنها تضمنت فرض المزيد من الرسوم والدمغات
والغرامات لم تكن موجودة من قبل، وسط ردود فعل ساخطة من الاستمرار في فرض ما اعتبرها
المصريون "جبايات" و"إتاوات".
"تراجع
نظام السيسي"
في السياق،
قال البرلماني المصري السابق طارق مرسي إن "نظام عبد الفتاح السيسي ظل يراهن على
الدبابة والبندقية وسيف السجون والمعتقلات لقهر الشعب المصري، وظن ولا يزال يظن أن
القهر والدبابة كافيان لاستمرار نظام الانقلاب، لذلك بنى منظومة الحكم منذ الانقلاب
على القهر والدم وإرهاب الشعب".
مضيفا
لـ"عربي21": "لكن بعد حراك الشعب المصري في سبتمبر الماضي وانتفاضة
القرى والأطراف فيها أو ما عُرف حينها "بثورة الجلابية"، أدرك القائمون على
الأمر وبالأخص الجهات السيادية أن الاعتماد على القهر والدبابة ربما يؤجل غضبة الشعب
لكن لا بد من تهدئة وتنفيس خاصة في الجانب
الاقتصادي ومعيشة الناس".
أحداث
فلسطين والغضب والسخط لدى الشعوب العربية وخاصة المصرية، بحسب مرسي، أجبر نظام عبد
الفتاح السيسي على تغيير تكتيكاته، وربما حمل النظام على التراجع عن بعض القوانين المثيرة
كمحاولة لامتصاص الغضب، وكإجراء لازم من إجراءات تهدئة الشارع واتقاء أي حراك قد ينفجر
في أي لحظة".
وأعرب
مرسي وهو عضو سابق بلجنة القوى العاملة بمجلس الشورى، عن اعتقاده بأن "رسائل كثيرة
من الداخل وربما الخارج تصل للجهات المتنفذة في النظام، أن الوضع الشعبي والجماهيري
في مصر ملتهب ومحتقن ويلزم تبريده وتهدئته، خاصة وأن النظام غير مطمئن تماما لدعم الإدارة
الأمريكية الجديدة له حال حدوث أي حراك، ربما كما كان يتلقى الدعم حينما كان ديكتاتور
ترامب المفضل".
"مخاطر
تحيط بنظام السيسي"
واتفق
المستشار السياسي والاقتصادي الدولي الدكتور حسام الشاذلي مع طرح مرسي قائلا:
"لم يعد يخفى على أحد أن هناك تغييرات جذرية في استراتيجيات السياسة المصرية في
الفترة الأخيرة وخاصة ما يتعلق بالسياسة الخارجية وعودة العلاقات الأكثر طبيعية مع
تركيا وقطر مما قد يمثل عامل ضغط هام على جميع الأطراف ومنها حكومة السيسي التي تحاول
تجنب مواجهات أكبر مع الشارع المصري في الوقت الحالي بل ومع المعارضة".
وأوضح
الشاذلي، وهو أستاذ إدارة التغيير والتخطيط الاستراتيجي، أن "ذلك بدا واضحا في
تعامل النظام مع ملف فلسطين في الأزمة الأخيرة، ولكني أرى أن العامل الرئيسي المسبب
لهذا التغيير هو وصول ملف سد النهضة لآخر الطريق حيث باتت المواجهة حتمية والعواقب
جلية، وكذلك دخول وباء كورونا في مرحلة أخطر وأدق".
واستدرك:
"وعليه فإن النظام يعمل جاهدا على تجنب وصول الشارع لحالة من الانفجار قد تكون
معها جمعة غضب يناير مجرد زوبعة في فنجان، ولكن النتائج ليست بالنوايا وقد يحتاج النظام
للكثير والكثير لكي يتجنب القادم من الشارع في ظل حالة اقتصادية تضع غالبية الناس تحت
حد سيف الفقر في ظل الخوف من العطش وبور الأرض والجفاف والمرض، والقمع الأمني والمعتقلات
وغياب العدل والأمل".