قضايا وآراء

تاريخ الإرهاب الإسرائيلي ينير حرب الإبادة الراهنة!

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

أتعامل يوميا مع الإعلام الأمريكي والأوروبي بسبب انشغالي السياسي والصحفي بتوجهات الرأي العام الغربي، وهو كما تعلمون المحدد الأكبر لمواقف دول الغرب. فالغرب دول "ديمقراطية" لكنها ديمقراطية الاقتراع ولا تعني لا الموضوعية ولا الواقعية ولا الانحياز للحق في سن الخيارات، لأن الرأي العام قابل للتلاعب المبرمج باهتماماته وردود أفعاله.. وهو معطى ليس جديدا طرأ مع حرب الإبادة الراهنة التي يشنها اليمين الإسرائيلي المتهور مع بنيامين نتنياهو على شعب فلسطين.. بل هو معطى عريق جدا بدأ منذ 1897 بمعاهدة (بازل) بسويسرا حين أشرفت دول غربية على مؤتمر صغير انعقد في تلك المدينة السويسرية برئاسة الصحفي والكاتب اليهودي (تيودور هرتزل) صاحب أشهر كتاب هو (الدولة اليهودية)  THE JEWISH STATE الذي كان الواضع لخارطة طريق تأسيس الدولة اليهودية وحدد لها محطات تحققت بالكامل، حيث اختار الكاتب والمنظر (هرتزل) رقم 7 من كل عشرية لينفذ مشروع الدولة اليهودية، لأن اليهود يخططون والعرب المستهدفون لا يخططون بل يتخبطون! 

 

المعادلة تغيرت بفضل إصرار أحرار فلسطين وشبابها الرافض للخنوع على المقاومة، فتطورت أليات الدفاع الفلسطيني وتهدد أمن المدن والقرى الإسرائيلية والتحم الشعب الفلسطيني من القطاع للضفة للداخل الأخضرلأول مرة منذ عقدين وكسبت قضية فلسطين تعاطف واجترام البرلمانات الغربية وأغلب الإعلام المستقل في العالم.

 


ومن عجائب خارطة طريق اليهود أن كتاب (الدولة اليهودية) صدر عام 1897 وبعد عشرة أعوام في عام 1907 انعقد في لندن أول مؤتمر يهودي جمع رجال البنوك والمال والصحافة ثم عام 1917 صدر لهم وعد بلفور وعام 1927 بدأ تنظيم الهجرات اليهودية نحو فلسطين ثم عام 1937 قضى الاستعمار البريطاني على ثورة عز الدين القسام المسلحة.. وجاء عام 1947 ليرى إنشاء منظمة الأمم المتحدة لدولتين بقرار 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 47 (دولة عربية ودولة يهودية).. وحدث ما حدث من النكبة والتهجير والإبادات الممنهجة على أيدي عصابتين إرهابيتين صهيونيين هما (شترن) و(الهاجانا) وهما اللتان قتلتا (الكونت برنادوت) مبعوث الأمم المتحدة وهما اللتان فجرتا فندق الملك داود بالقدس على رأس مواطنين أنجليز وعرب أي أن دولة إسرائيل قامت على الإرهاب منذ نشأتها. 

ونواصل مع الرقم 7 ليشهد عام 1957 إنجاز أول مفاعل نووي إسرائيلي في صحراء النقب، وهو مفاعل ديمونة بإعانة فرنسا آنذاك.. ثم تعرفون ما جرى عام 1967 من حرب الأيام الخمسة (لا الستة) بتدمير سلاح الطيران المصري والسوري والأردني وضم ما تبقى من أراض عربية تعتبرها إسرائيل ضامنة لحمايتها (القدس وسيناء والجولان من جنوب سوريا والضفة الأردنية وقطاع غزة وجنوب لبنان مزارع شبعا) حتى شن السادات عام 73 حرب العبور التي تعد نصف انتصار لأن الجنرال أريال شارون احتل الكيلومتر 101 الشهير في مصر مهددا بغزو القاهرة! 

ثم جاء موعد 7 الجديد مع 1977 بزيارة السادات نفسه إلى الكنيست والتخلى المصري النهائي عن المقاومة واستعادت مصر سيناء بلا سيادة منزوعة السلاح حسب الاتفاق الموقع في كامب ديفد برعاية الرئيس الأمريكي كارتر. 

وتوالت تواريخ 7 ليشهد عام 1987 أول اعتراف لمنظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل وزوال مبدإ إزالة إسرائيل لإنشاء دولة فلسطين كان ذلك خطوة تأكيد حسن نية الزعيم ياسر عرفات وترويض منظمته المقاومة لدخول عصر "السلام الأمريكي"! الذي توج بتوقيع معاهدات عديدة بين إسرائيل والفلسطينيين من مدريد إلى أوسلو إلى شرم الشيخ انتهاءا بمهرجان حديقة البيت الأبيض والمصافحة التاريخية بين إسحاق رابين الذي اغتاله متطرف صهيوني وبين ياسر عرفات في أيلول (سبتمبر) 93.. حتى اغتيال أبو عمار بمادة البولونيوم عام 2002 ووفاته في مستشفى (برسي بباريس). 

هذه القراءة التاريخية ضرورية لشباب العرب اليوم حتى يدرك خفايا حرب الإبادة لكل نفس مقاوم لإسرائيل الجارية اليوم في أسبوعها الثاني ما بين غزة والقدس والضفة تحت صواريخ جو أرض دقيقة تغتال قادة "حماس" والجهاد وتبيد أطفال فلسطين للقضاء على المستقبل ووأد المقاومة!  

ولكن هيهات فالمعادلة تغيرت بفضل إصرار أحرار فلسطين وشبابها الرافض للخنوع على المقاومة، فتطورت أليات الدفاع الفلسطيني وتهدد أمن المدن والقرى الإسرائيلية والتحم الشعب الفلسطيني من القطاع للضفة للداخل الأخضر لأول مرة منذ عقدين وكسبت قضية فلسطين تعاطف واحترام البرلمانات الغربية وأغلب الإعلام المستقل في العالم. هذا هو المكسب العظيم وأول خطوة على طريق استعادة الحقوق وعزل الأبرتايد الإسرائيلي المدان. 


التعليقات (0)