هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تبدأ أنقرة والقاهرة، الأربعاء، أول مباحثات علنية، ولمدة يومين، بعد قطيعة استمرت ثماني سنوات.
وأعلنت مصر وتركيا، أن "المباحثات الاستكشافية" تنطلق الأربعاء والخميس، في القاهرة بعد وصول الوفد التركي برئاسة مساعد وزير الخارجية سيدات أونال.
وتعد هذه الخطوة الأولى لإنهاء التوتر مع القاهرة منذ عام 2013، وقد تشكل نقطة تحول في مسار التعاون بين البلدين في مجال الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وبعد الانقلاب عام 2013، اتخذت تركيا مواقف حادة تجاه النظام المصري، ووجهت له انتقادات في المحافل الدولية.
وأطلقت تركيا ومصر، على المباحثات بينهما اسم "الاستكشافية"، ورغم إعلانهما بأن المباحثات ستجري بين مساعدي وزراء خارجية البلدين، لكنهما لم يكشفا الشخصيات المشاركة في المفاوضات.
وجاء في البيان المشترك تحت عنوان "المشاورات السياسية بين مصر وتركيا"، أنه "ستُعقد مشاورات سياسية بين مصر وتركيا، برئاسة السفير حمدي سند لوزا نائب وزير الخارجية المصري، والسفير سيدات أونال نائب وزير الخارجية التركي".
وتبرز قضايا أربع على أجندة "المباحثات الاستكشافية" بين مصر وتركيا:
اتفاقية الاختصاص البحري بين الطرفين
وتعد مسألة ترسيم الحدود البحرية، بين البلدين، إحدى القضايا التي سيتم تناولها في المباحثات الاستكشافية المنعقدة في القاهرة.
وكان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، قال إنه يمكن التفاوض مع مصر بشأن الحدود البحرية في شرق المتوسط، بناء على سير العلاقات بين البلدين.
وأوضح تشاووش أوغلو، أن "مصر أظهرت احترامها للحدود الجنوبية لجرفنا القاري عندما وقعت اتفاقها مع اليونان، وهي تقوم الآن بأبحاثها السيزمية في جرفها القاري، وتحترم جرفنا القاري، ونحن نرى ذلك إيجابيا".
وتابع قائلا: "وفقا لمسار علاقاتنا كبلدين لديهما أطول سواحل في شرق البحر الأبيض المتوسط، يمكننا التفاوض بشأن مسألة الصلاحية البحرية مع مصر، والتوقيع على اتفاق بيننا في المستقبل".
وكما لتركيا اتفاقية بحرية مع ليبيا، فلدى مصر أيضا اتفاقية اختصاص بحري مع اليونان وقبرص اليونانية.
في آب/ أغسطس، بالاتفاقية التي وقعتها مع اليونان عام 2020، أعطت مصر أول ضوء أخضر للتقارب، بعد إظهارها حساسية.
واتخذت مصر خطوة بالإعلان عن مناقصة للبحث عن الطاقة الهيدروكربونية راعت فيها حدود الجرف القاري لتركيا، فيما أكد مراقبون، أن الخطوة المصرية الأخيرة في شرق المتوسط، تمهد الطريق للتفاهم بين أنقرة والقاهرة، وتغير من التوازنات هناك.
وتزود الاتفاقية البحرية الموقعة بين أنقرة وطرابلس، بالإضافة للجرف القاري الذي أبلغته تركيا للأمم المتحدة، مصر فعليا بمساحة بحرية تزيد عن 11500 كيلومتر مربع عن اتفاقيتها مع قبرص.
ويقول مسؤولون أتراك إنه يمكن لمصر الانسحاب من الاتفاقيات التي وقعتها مع اليونان وقبرص اليونانية، وتوقيع اتفاقية الولاية البحرية مع تركيا.
ورغم الخسارة التي منيت بها مصر في اتفاقها مع اليونان وقبرص اليونانية، إلا أنها تحافظ على تعاونها الوثيق معها.
وتطبيع العلاقات مع أنقرة، مهم للغاية بالنسبة للقاهرة، على صعيد استخراج الرواسب الهيدروكربونية في الجرف القاري لمصر في شرق المتوسط، وتصديره إلى الأسواق الأوروبية، ويعد ذلك أكثر فعالية وأقل تكلفة بالنسبة لها.
الملف الليبي
ولا تقتصر المباحثات الاستكشافية بين الطرفين، على مسألة الاختصاص البحري في شرق المتوسط، ويعد الملف الليبي، أحد الملفات الساخنة بين البلدين.
ونقلت "بي بي سي" التركية، عن مسؤولين، أن البلدين سيناقشان التطورات في ليبيا، وستدعو القاهرة لسحب القوات التركية من هناك.
وأشارت إلى أن أنقرة أعطت انطباعا في زيارتها الاستباقية إلى طرابلس أنها لن تتخذ مثل هذه الخطوة.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إنه لا ينبغي مساواة المرتزقة المتواجدين بشكل غير شرعي في البلاد، بالجنود الأتراك الذين يعملون بما يتماشى مع اتفاقية التعاون العسكري بين أنقرة وطرابلس، فيما أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن تركيا ستبذل ما باستطاعتها من أجل استمرار مناخ الهدوء في ليبيا إلى حين إجراء الانتخابات في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وأعطى رسالة مفادها أنه لن يكون هناك انسحاب للقوات التركية.
المعارضة المصرية في تركيا
ونقلت "بي بي سي" التركية، عن مسؤولين أتراك، قولهم إن القاهرة خففت من مطالبها بشأن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا، فبينما كانت تطالب بإعادتهم إلى مصر، تريد القاهرة الآن بأن لا يقوم معارضوها والذين لم يشاركوا في قضايا جنائية، بعدم القيام بأي أنشطة معادية لنظام السيسي.
واتخذت تركيا خطوة في هذا الصدد، والشهر الماضي، طالبت القنوات التلفزيونية المعارضة، بتقليل "جرعة البث" التي تهاجم نظام السيسي، وهي الخطوة التي اعتبرها وزير الخارجية المصري سامح شكري إيجابية.
عودة العلاقات الدبلوماسية
وبينما من المتوقع أن يؤكد الوفد المصري على "عدم التدخل التركي في الشؤون الداخلية"، سينقل الوفد التركي لنظرائه المصريين أن "إطلاق سراح أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الموقوفين ظلما" سيمهد الطريق لمزيد من التطورات الإيجابية في العلاقات.
وإذا أحرز تقدم بشأن المسائل المطروحة على الطاولة بين الوفدين، فسيتم تحديد جدول زمني للاجتماع الأول المباشر على المستوى الوزاري.
وكان تشاووش أوغلو، قال إنه سيجتمع بنظيره المصري، وسيبحث معه، تبادل السفراء في المستقبل.
لماذا الآن؟
وفي تقييمه على التطورات الجارية بين مصر وتركيا، قال الكاتب التركي طه داغلي، في مقال على موقع قناة "HABER7"، إن القضية الأساسية هي تطورات الوضع في شرق المتوسط.
ولفت إلى أن إضافة مصر للاتفاقية المبرمة بين ليبيا وتركيا يشكل أهمية حيوية بالنسبة لتركيا، كما أن إدراج "إسرائيل" في المستقبل قد يحقق نتائج ملموسة.
وأشار إلى أن مصر وتركيا، معنيان بالحفاظ على مصالحهما الخاصة وحقوقهما في شرق المتوسط.
وحول مصير المعارضة المصرية في تركيا، أشار الكاتب إلى بيان جماعة الإخوان المسلمين الأخير والذي يشكر فيه تركيا، لافتا إلى أنهم يدركون أن العلاقات الدبلوماسية التركية مع مصر ستحقق لهم مكاسب هامة، وهم يتصرفون وفقا لذلك.