ملفات وتقارير

هبّة متواصلة بالقدس لأسبوعين.. كيف بدأت؟ (تسلسل زمني)

مواجهات القدس- جيتي
مواجهات القدس- جيتي

تسلط هبة أهل القدس والمعركة المتواصلة التي يخوضونها مع الاحتلال، منذ الأول من رمضان، الضوء على منطقة باب العمود، كنقطة للمواجهة، رغم أنها اتسعت لتشمل أغلب الأحياء بالمدينة المحتلة.

ومنذ اليوم الأول من رمضان، عمد الاحتلال إلى اقتحام مئذنتي المغاربة وباب السلسلة بالمسجد الأقصى، وقطع أسلاك مكبرات الصوت فيهما من باب التنغيص على المقدسيين استعداداتهم لاستقبال شهر رمضان المبارك، لكن الخطوة التالية فجرت غضبهم، بعد قيام الاحتلال بإغلاق مدرج باب العامود، بحواجز معدنية، وهو أحد أكثر الأماكن حيوية لتجمع الفلسطينيين المتجهين للمسجد الأقصى.

فما هو باب العامود الذي كان عنوان هذه الهبّة المقدسية، التي وصلت لحد الإدانات والمناشدات الدولية بإعادة الهدوء بعد صمود المقدسيين طيلة الأيام الماضية، أمام قمع الاحتلال ورغبته بكسر إرادتهم؟

باب العامود، وكذلك يسمى باب دمشق ونابلس، أحد أجمل بوابات البلدة القديمة في القدس المحتلة، وهو مدخل رئيسي يوصل إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق، فضلا عن طريق رئيسي لسوق باب خان الزيت، وتتفرع منه طرق إلى أسواق العطارين واللحامين والقطانين والصاغة والحصر.

 

ونستعرض في التقرير الآتي تسلسلا للمواجهة منذ بدايتها وحتى مساء الأحد 25 نيسان/ أبريل..

شرارة المواجهة

يحيط بباب العامود مدرج كبير، يعد متنفسا للفلسطينيين القادمين للبلدة القديمة من جهته، وخاصة في شهر رمضان، الذي يشهد تجمعات وفعاليات ليلية، لكن الاحتلال عمد هذا العام، في الـ 13 من نيسان/ أبريل إلى إغلاقه بحواجز حديدية، لمنع الفلسطينيين من التواجد فيه، ما أدى إلى بدء التحركات لوقف هذا الاعتداء الجديد على الحق الفلسطيني في المكان.

 

 

 


 


لم يكتف الاحتلال بإغلاق المكان، لكنه قام بالمقابل بنشر قوات كبيرة لتحيط بالباب، وحولته إلى نقطة مرور فقط، فضلا عن الاعتداء على أي محاولة احتجاج أو اعتراض، لترد مجموعات من الشبان برشق الحجارة على الجنود وإلقاء الألعاب النارية صوب النقاط العسكرية المنتشرة في المكان للضغط من أجل التراجع عن الانتهاكات في المكان.

 

 

ورغم اندلاع مناوشات، إلا أن دعوات الجماعات الاستيطانية لتجمع كبير في باب العمود، تحت شعار "الشرف اليهودي"، بحماية قوات الاحتلال، يوم الخميس الـ22 من الشهر الجاري، فجرت المواجهات، بعد نزول المئات من المقدسيين إلى منطقة باب العامود، والتصدي لهم بقوة وإجبارهم على الفرار من المكان.

 

ولم تقتصر رقعة المواجهات العنيفة بين المقدسيين من جهة والجماعات الاستيطانية، التي نشرت العديد من الإعلانات المحرضة على قتل المقدسيين وطردهم من أحياء القدس من جهة أخرى، على منطقة باب العامود، بل توسعت لتشمل، وادي الجوز والطور وسلوان والشيخ جراح والعيسوية.

وشملت المواجهات التي لوحظت فيها كثافة المشاركة المقدسية، إطلاق الألعاب النارية على جنود الاحتلال، والمنازل الفلسطينية التي قام المستوطنون باحتلالها بعد تسريبها برعاية قوات الاحتلال، وتحطيم كاميرات المراقبة الأمنية التي تنتشر في الأحياء الفلسطينية لمراقبتهم، فضلا عن تحطيم سيارات "شرطة الاحتلال"، وملاحقة المستوطنين ومنعهم من الاقتراب من مناطقهم.

 

 

ووصلت أصداء المواجهات في القدس إلى الضفة وغزة، وشهدت العديد من المناطق مواجهات خاصة في رام الله والخليل والبيرة ونابلس، وأقدم الاحتلال على قمعها.

أما في غزة فقد شهد التضامن مع المقدسيين، شكلا آخر عبر إطلاق عدة صواريخ باتجاه المستوطنات المحيطة بالقطاع والتي رد عليها الاحتلال بقصف بعض المواقع إضافة إلى تنفيذ وقفات تضامنية من الفصائل والفعاليات المجتمعية. فضلا عن تحذيرات الأجنحة العسكرية، بالرد على أي تماد للاحتلال تجاه القدس والمقدسيين.

وتضامنت فعاليات في يافا بالداخل الفلسطيني المحتل، واعتدت قوات الاحتلال بالضرب على شبان فلسطينيين، كما أنها اعتدت على إمام مسجد حسن بيك، الشيخ أحمد أبو عجوة.

وقالت مواقع محلية، إن الشبان ردوا بإلقاء الحجارة ما أدى إلى إصابة مستوطنين متطرفين اثنين شاركا إلى جانب قوات الاحتلال في الاعتداءات.

 

 

أما على الصعيد الدولي، فقد أعربت تركيا، عن قلقها إزاء "الأعمال الاستفزازية" التي قام بها مجموعة من المستوطنين المتطرفين في باب العامود في القدس المحتلة.

وقالت وزارة الخارجية التركية الجمعة في بيان: "إن الأعمال الاستفزازية التي قامت بها مجموعات متطرفة تعيش في مستوطنات غير شرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أمس أمام باب العامود خطيرة وتثير القلق".

وتابعت: "يساورنا القلق حيال إصابة عدد كبير من الفلسطينيين في المواجهات، بالإضافة إلى احتجاز قوات الأمن الإسرائيلية لعدد منهم".

 


وشهدت العديد من المناطق في الأردن وقفات احتجاجية السبت، نصرة للأقصى والمرابطين في القدس، ورفضا لاعتداءات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه على الفلسطينيين. وأقيمت وقفة احتجاجية في مخيم الحسين للاجئين الفلسطينيين في عمان للتنديد بما يجري في القدس.

وفي الكرك جنوبي العاصمة عمان، طالب المحتجون بنصرة المقدسيين، مستنكرين استباحة دماء المسلمين في ظل صمت عربي.

وأدان وزير الخارجية أيمن الصفدي الهجمات العنصرية على البلدة القديمة بالقدس المحتلة، محذرا من تبعاتها.


وأدان الصفدي في تغريدة الجمعة، الهجمات العنصرية على البلدة القديمة بالقدس المحتلة، قائلا: "لا بد من تحرك دولي فاعل لحماية المقدسيين من الاعتداءات، وما تمثل من كراهية وعنصرية، وعلى سلطات الاحتلال تقع مسؤولية وقف الاعتداءات وفق القانون الدولي. القدس خط أحمر والمساس بها لعب بالنار"، وفق وصفه.

بدوره، دعا حزب جبهة العمل الإسلامي "الحكومة الأردنية لاتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة تتناسب مع الأمانة التاريخية التي وضعتها الأمة في أعناقنا، لوقف هذه الانتهاكات التي تمثل تحديا صارخا للوصاية الأردنية على المقدسات، واتخاذ إجراءات حازمة وفاعلة لوقف التصعيد الصهيوني بحق المقدسات وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، وقيادة تحرك دبلوماسي عربي ودولي ضد هذه الممارسات، ودعم صمود المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى".

 

 

من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن عملية الاستفزاز "تبدو مقصودة من أجل إشعال الموقف في المدينة المقدسة".

ونقلت صفحة جامعة الدول العربية إدانة أبو الغيط الأحد، وقال: "وتيرة الاستفزاز من جانب المتطرفين اليهود ظلت تتصاعد في القدس عبر الأيام الماضية، وإن دولة الاحتلال تحمي جرائم المستوطنين وتشجعها".

وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، تصريحات تعبر فيها عن "قلقها العميق" إزاء "تصعيد العنف في القدس"، مؤكّدة إدانتها خطاب "الكراهية" بعد أن أطلق يهود متشدّدون هتافات مناهضة للفلسطينيين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، في تغريدة على "تويتر": "نشعر بقلق عميق إزاء تصعيد العنف في القدس"، داعياً إلى "رفض خطاب المتظاهرين المتطرّفين الذين يردّدون شعارات تنمّ عن كراهية وعنف"، وأضاف: "ندعو إلى الهدوء والوحدة، ونحضّ السلطات على ضمان سلامة الجميع في القدس وأمنهم وحقوقهم".

ونجح المقدسيون على مدار الـ 14 يوما الماضية، في إجبار الاحتلال على الرضوخ لإرادتهم، وإزالة كافة الحواجز الحديدية التي نصبت في منطقة باب العامود.

وأصيب 110 فلسطينيين على الأقل خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية والمستوطنين، فيما اعتُقل أكثر من 50 شابًا آخرين.

وعلى صعيد التضامن الإلكتروني، لا يزال وسم "القدس تنتفض"، يتصدر قوائم الأكثر تداولا في جل الدول العربية.

من جانبه قال زياد ابحيص الكاتب والباحث المختص في شؤون القدس، إن "الانكسار" الذي جرى في القدس، هو الرابع خلال ستة أعوام، منذ هبة القدس عام 2015.

وأوضح ابحيص لـ"عربي21" أن فشل الاحتلال توالى عقب ذلك في هبة باب الأسباط عام 2017 والتي اضطر معها لتفكيك البوابات الإلكترونية، بعد 14 يوما على تركيبها.


وكذلك في الخان الأحمر بعد صمود شعبي وتهديد دولي في 2018، وفي مقبرة باب الرحمة في 2018 أيضاً، وهبة باب الرحمة عام 2019، والتي أعيد فيها فتح المكان الذي يعد جزءا من المسجد الأقصى بعد 16 عاما على محاولة السيطرة عليه.

 

 

 

وشدد على أن الاحتلال خلال هذه التراجعات، لم يجرؤ على إطلاق الرصاص الحي بقصد القتل، في مواجهة حشود المقدسيين، لخشيته فتح الباب أمام انتفاضة، وهو ما يعتبر أسوأ كوابيسه،  كما حصل عام 2000، مشددا على أن هذا الأمر يعد مراكمة مهمة في كي وعي الاحتلال بالحذر من القتل.. واللجوء إلى وسائل أخرى مثل الغاز والرصاص المطاطي والمياه العادمة وهو ما يفرض معادلة جديدة لفرض مزيد من التراجعات لصالح الفلسطينيين.

ودعا إلى استثمار الإنجاز الكبير بتراجع الاحتلال عن مشاريعه في باب العامود، وأهمية عدم ترك الفرصة له للثأر باقتحام واسع للأقصى وفق ما يخطط له يوم الـ 28 من رمضان، وهذا الأمر يستطيع الشباب المقدسي إفشاله وفرض إرداتهم على المكان من خلاله.

 

التعليقات (0)