ملفات وتقارير

بدون السودان.. مصر نحو أولى خطوات تدويل قضية مياه النيل

وجه شكري خطابات رسمية للسكرتير العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة حول ملف سد النهضة- جيتي
وجه شكري خطابات رسمية للسكرتير العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة حول ملف سد النهضة- جيتي

تحرك دبلوماسي لافت قامت به السلطات المصرية، الثلاثاء، نحو أولى خطوات تدويل أزمة مياه النيل؛ في محاولة من القاهرة للتأكيد للعالم على خطورة استمرار إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية تؤثر على استقرار وأمن المنطقة.

وزير الخارجية المصري سامح شكري، قام باتصال هاتفي، مع سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لشرح أبعاد آخر تطورات ملف السد الإثيوبي، مؤكدا على ثوابت الموقف المصري الداعي لضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.

ووجه شكري عدة خطابات رسمية إلى غوتيريش بصفته السكرتير العام للأمم المتحدة، وإلى رئيس مجلس الأمن، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول الملف.

وطلب شكري تعميم تلك الخطابات كمستند رسمي تم من خلاله شرح كافة أبعاد ملف السد الإثيوبي ومراحل التفاوض المختلفة وآخر التطورات.

"خطوة لاستعادة الحق"

الأكاديمي السوداني، المتخصص بالقانون الدولي الدكتور أحمد المفتي، قال إن "المفروض أن يتحرك مجلس الأمن، لوقف مؤقت (لملء السد) إلى حين الوصول إلى اتفاق ملزم. والتحرك من أمريكا، ليس من أجل تمرير مسودة تخدم المصالح الإثيوبية".

وأكد في لقاء مع "عربي21"، الأربعاء، أن "الحل يكمن في أن تقدم أمريكا مسودة متوازنة تحفظ حقوق الدول الثلاث، أن يتحرك مجلس الأمن لوقف تشييد السد إلى حين الوصول لاتفاق".

وأوضح أن مجلس الأمن لا يتحرك دون تحقيق متطلبات، ويجب على مصر والسودان تحقيقها. وفي حال لم يتحرك مجلس الأمن، فهذا يعطي مصر والسودان المبرر للمواجهة مع إثيوبيا، لذلك فإن تحرك المجلس أمر محتوم".

 

اقرأ أيضا: خبير سوداني لـ"عربي21": خيارات صعبة لحل أزمة سد النهضة

"في وقتها تماما"

وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، قال لـ"عربي21"، إن قيمة خطوة اللجوء إلى مجلس الأمن والتحرك على المستوى الأممي جاءت في وقتها تماما".

ويرى علام أن "الخطوة جيدة الآن لإعلام المجتمع الدولي بالتصرفات الإثيوبية الأحادية، وتعنت أديس أبابا بالتفاوض، والتأكيد على أن التحركات الإثيوبية تهدد الأمن القومي المصري".

ولفت إلى أن تلك التحركات "تحفيز جيد للتحرك الدولي بالملف، وإنذار هام لإثيوبيا بقرب التحرك المصري للدفاع عن أمنه القومي".

"نحتاج لضغط السودان"

الكاتب الصحفي المصري محمد السطوحي قال لـ"عربي21": "ربما تكون هذه الخطوة تأخرت كثيرا لكنها ضرورية لتحريك القضية على المستوى الدولي".

ويرى أنه "من المهم أن يكون ذلك في إطار استراتيجية واضحة تضع بالحسبان أن الحصول على قرار قوي بمجلس الأمن قد يكون مستبعدا حاليا، وبالتالي نكون مستعدين للخطوات التالية".

وأضاف الصحفي المصري المقيم بأمريكا أن "مجرد التحرك لمجلس الأمن والأمم المتحدة ليس هدفا بذاته بل وسيلة نحشد عبرها الضغط على إثيوبيا، ونشرح المشكلة على مستويات أكبر".

وختم بالقول: "لكنني غير مقتنع أن ذلك سيكفي لتغيير الموقف الإثيوبي؛ إذا لم يكن هناك ضغط حقيقي من جانب مصر ومعها السودان، ووجود خطر حقيقي على الأمن والاستقرار بالمنطقة فلن يحدث تحرك عالمي يلبي طلباتنا".

الصحفي المهتم بالشؤون العربية والدولية، أحمد حسن بكر، أكد أنه "سبق لمصر توجيه خطاب لمجلس الأمن في حزيران/ يونيو 2020، بخصوص السد والتعنت الإثيوبي، ولم ينعقد المجلس لمناقشة هذا الخطاب، وبالتالي فهو لم يُصدر أية توصيات".

وقال لـ"عربي21": "لجوء مصر لمجلس الأمن يأتي استنادا على الفقرة الأولى من (المادة 35) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس لأي أزمة من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين".

ولفت إلى أن "ما يصدر عن المجلس بتلك الشكاوى يندرج تحت (الفصل السادس) من ميثاق المجلس بشأن حل النزاعات سلميا؛ وغالبا القرارات الصادرة مجرد توجيه، وإلزاميتها أدبية فقط، بخلاف إلزامية القرارات تحت (الفصل السابع)، بما فيها استخدام القوة العسكرية لو رفضت الدولة الصادر ضدها القرار تنفيذه" .

المحلل السياسي بين أيضا أنه "وتحت الفصل السادس يمكن أن يكون قرار المجلس مجرد دعوة للأطراف المعنية لتسوية النزاع دبلوماسيا".

وأكد أن "مجلس الأمن حتى الآن لا يرى أن النزاع المصري السوداني مع إثيوبيا بشأن السد قد تحول إلى نزاع يهدد السلم والأمن الدوليين، بدليل أنه لم يمارس صلاحياته ويناقش الأمر من تلقاء نفسه وبدون شكوى الأطراف".

وتساءل بكر: "هل يمكن أن تلجأ مصر للخيار العسكري ضد إثيوبيا دون الشكوى لمجلس الأمن؟"، مجيبا بقوله: "يمكن ذلك لو كانت تتمتع بتأييد قوى عظمى وإقليمية ودولية؛ وبحالة مصر فإنه يمكن تفهم لجوئها لمجلس الأمن على أنها تنوي فعلا أن يكون الخيار العسكرى الأخير، لذا فقد أحاطت مجلس الأمن علما بأبعاد النزاع".

وأوضح أن "المطالب القانونية لإحالة ملف النزاع لمجلس الأمن هو أن هذا النزاع يهدد السلم والأمن الدوليين"، متوقعا "غياب رد الفعل الإثيوبي على الإجراء المصري، لأنها تعلم أن قرار المجلس غير ملزم".

وعن عدم مشاركة السودان مصر في ذات الخطوة والإجراءات، يعتقد الصحفي المصري، أنه "ربما يأتي على خلفية تفاهمات ثنائية بين السودان وإثيوبيا بخصوص حرب الحدود التي اندلعت مؤخرا بين البلدين".

وقال: "يبدو أنهما اتفقا على تسويتها، وهو ما أظهرته السودان عندما أفرجت عن 61 أسيرا إثيوبيا باليومين الماضيين، كان تم أسرهم بالقتال الذي اندلع بين البلدين الشهر الماضي".

"تنويم وخداع"

السياسي والبرلماني السابق الدكتور محمد عماد، يعتقد أن "توجه مصر للأمم المتحدة بشأن خلاف سد النهضة؛ أحد سيناريوهات تنويم وخداع الشعب لكسب الوقت، وخطوة بلا قيمة، فالمزيد من الدبلوماسية والتفاوض والسلمية إعادة لتدوير لخطوات التنويم، دون قرار نهائي بحل الأزمة".

وفي حديثه لـ"عربي21" قال: "في ضوء مواقف الدول دائمة العضوية يمكن توقع صعوبة صدور قرار في إطار الفصل السابع ضد إثيوبيا، خاصة أن الصين تربطها علاقات اقتصادية وثيقة بأديس أبابا، وتوصف أحيانا بأنها صين أفريقيا".

ولفت إلى أن "مواقف روسيا من الأزمة مائعة؛ أما موقف أمريكا فكان الأقوى انتقادا لإثيوبيا بعهد دونالد ترامب، لكن إدارة بايدن ألغت العقوبات التي فرضها ترامب، وهي تقليديا كإدارة ديمقراطية أكثر تأثرا بلوبيات الأفارقة الأمريكيين المتعاطفة مع إثيوبيا باعتبارها أعرق أمة أفريقية سوداء".

أما الأوروبيون فيرى عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان سابقا أن "مواقفهم دائما مفرطة في الدبلوماسية وخالية من الحسم، حتى بقضاياهم الذاتية؛ إضافة إلى أن القوى الليبرالية واليسارية الأوروبية تميل دوما للتعاطف مع دول أفريقيا".

وأشار إلى أنه "ورغم تصاعد الغضب الغربي من جرائم أبي أحمد، في إقليم تيغراي، فإنه لو قرر مجلس الأمن فرض عقوبات على أديس أبابا -وهو احتمال ضعيف- فإنه لن يؤدي ذلك إلى تغير موقف إثيوبيا، كما لم تغيرها عقوبات ترامب بحجب المساعدات عنها".

وخلص السياسي المصري، إلى أن "الحقيقة التي يراد طمسها أن السيسي وقَّع على تنازل صريح عن حق مصر بمياه النيل، وما زال رئيسا لمصر، ومعه قيادات عسكرية متواطئة تقود مصر نحو الهاوية، وكل ما يجري الآن محض خداع لتنويم الشعبين المصري والسوداني، والجنرالات لا يهمهم إلا البقاء بالسلطة ولو على كومة من الخراب".

 

اقرأ أيضا: خبير أفريقي لـ"عربي21": سد النهضة مشروع مصيري لآبي أحمد

التعليقات (2)
مصري
الخميس، 15-04-2021 08:02 م
السياسي والبرلماني السابق الدكتور محمد عماد، يعتقد أن "توجه مصر للأمم المتحدة بشأن خلاف سد النهضة؛ أحد سيناريوهات تنويم وخداع الشعب....كلام صح ... وانا قلت الكلام قبل كده ...بلحه هو المشلكه نفسها... ويومه ات لا محاله وسيتخلص منه الجيش...للاسف الشعب اهبل رسمى
محمد غازى
الخميس، 15-04-2021 10:57 ص
منذ عشرات السنين، ونحن نسمع أن "مصر هبة النيل". ألم يسمع ذلك ألقزم السيسى، الدخيل على مصر مثله مثل عباس الوسواس الخناس الدخيل على فلسطين وقضيتها. عباس نجح نجاحا كاملا فى القضاء على أى أمل للشعب الفلسطينى فى إسترجاع حقه فى بلاده ألتى هجر منها بفعل المؤامرات الدولية. هل هذا ما ينتظر المصريون لا سمح الله.