هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتصاعد أزمة سد النهضة الإثيوبي، مع اقتراب موعد التعبئة الثانية لخزانه، المقررة في تموز/ يوليو المقبل، دون توصل لاتفاق بشأن آلية تنفيذها مع دولتي المصب؛ السودان ومصر.
ويأتي ذلك وسط قلق من "تداعيات مدمرة" على تدفق مياه شريان الحياة الوحيد لمصر، وتحذير الأخيرة من أن "جميع خيارتها مفتوحة" لمواجهة التحدي الخطير، ما يفرض البحث في أبرز محطات الملف وصولا إلى مرحلة التأزّم.
وتستعرض "عربي21" تاليا أبرز محطات ملف سد النهضة، التي تعود في الواقع إلى ستينيات القرن الماضي.
1. التشجيع الأمريكي ردا على "السد العالي"
ظهرت فكرة مشروع سد النهضة الإثيوبي نهاية الخمسينيات، بتشجيع من الولايات المتحدة، ردا على تشييد مصر لـ"السد العالي" بدعم من الاتحاد السوفييتي.
وأجرى مكتب الولايات المتحدة للاستصلاح (USBR) دراسات وعمليات مسح لتحديد الموقع الأنسب لتشييد السد خلال الفترة بين 1958 و1964، فضلا عن اقتراحه سدودا أخرى على النيل الأزرق في الفترة ذاتها.
لكن إثيوبيا، الخاضعة حتى ذلك الوقت لحكم الإمبراطور "هيلا سلاسي"، لم تكن قادرة بحكم الظروف الاقتصادية والسياسية على تنفيذ المشروع، كما أن الدعم الأمريكي بدأ بالتراجع مع تغير توجهات مصر بعد تولي أنور السادات الرئاسة عام 1970.
2. تلاشي الفكرة بانقلاب 1974
أدى انقلاب عام 1974 على النظام الامبراطوري التاريخي في إثيوبيا إلى دفن فكرة إنشاء السد، فيما انقلبت التحالفات؛ إذ تولى الحكم في أديس أبابا نظام شيوعي، ودخلت بحرب أهلية طاحنة، فيما اقتربت مصر أكثر للولايات المتحدة، حتى باتت حليفا رئيسيا لها في الشرق الأوسط.
3. إحياء مشروع السد
أحيت أديس أبابا فكرة السد مجددا عام 2009، حيث أجرت مسحا جديدا لموقعه، في تشرين الأول/ أكتوبر من ذلك العام، وفي آب/ أغسطس من العام التالي.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، حصلت أديس أبابا على تصميم للسد، وتكتمت عليه، بحسب تقرير لموقع "ووتر تكنولوجي".
4. حجر الأساس
في نهاية آذار/ مارس 2011، أعلنت أديس بابا رسميا عن المشروع، ومنحت عقدا بقيمة 4.8 مليار دولار دون مناقصة تنافسية لشركة "ساليني إمبريغيلو" الإيطالية.
وتم وضع حجر الأساس للسد في 2 نيسان/ أبريل من قبل رئيس الوزراء آنذاك ميليس زيناوي، الذي أطلق عليه اسم "سد الألفية العظيم"، قبل تغييره إلى "سد النهضة الإثيوبي الكبير".
5. أول احتجاج مصري
بعد أيام قليلة على وضع حجر الأساس، أعلنت مصر رفضها للمشروع، وجادل زيناوي بأن السد لن يتسبب بخفض منسوب النهر لدى دول المصب.
وبعد عام، في أيار/ مايو 2011، أعلنت وسائل إعلام إثيوبية عن تلقي القاهرة مبادرة من أديس أبابا بمشاركة تفاصيل تقنية للتحقق من مدى تأثير المشروع على تدفق المياه إلى مصر.
6. تقدم بطيء رغم الاضطرابات
وواصلت إثيوبيا تقدمها البطيء في المشروع رغم وفاة زيناوي عام 2012، واضطرابات عام 2016، لا سيما وأنها سعت للاعتماد في تمويله على جمع الأموال من المواطنين وعلى الاستثمارات المحلية، فيما لم تتخذ مصر خطوات فعالة لفرض حضورها وتجنب عواقب مستقبلة محتملة.
7. واقعة "والله والله"
تولى القوي "آبي أحمد" رئاسة الحكومة الإثيوبية عام 2018، ودفع بقوة لإنجاز المشروع، تعزيزا لموقعه السياسي، لا سيما أنه وصل إلى الحكم بموجب اتفاق على فترة انتقالية.
وظهر أحمد بعد شهرين على توليه الحكم إلى جانب رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر صحفي، وكرر خلف الأخير: "والله والله لن نقوم بأي ضرر لمياه مصر"؛ في مشهد أثار سخرية واسعة من الطريقة التي تتم من عبرها معالجة قضية أمن قومي.
8. طريق مسدود ووساطة أمريكية فاشلة
وبالفعل، تعثرت مساعي التفاهم في إطار آلية ثلاثية تضم السودان، مع إعلان أديس أبابا قرب وصولها إلى مرحلة تعبئة بحيرة السد.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، التوسط في الأزمة، وهو ما تعثر كذلك بعد لقاءات في واشنطن، واتهمت أديس أبابا الأخيرة بالتحيز للقاهرة.
وأعلنت واشنطن عقوبات على أديس أبابا، لكنها أكدت لاحقا، بعد تولي الرئيس جو بايدن، فك ارتباط قطع المساعدات بملف السد.
اقرأ أيضا: أمريكا تخرج "سد النهضة" من حسابات مساعداتها لإثيوبيا
وحافظت إدارة بايدن على موقف "التحذير" لإثيوبيا، دون اتخاذ خطوات عملية، فيما تصر الأخيرة على إبقاء المفاوضات داخل البيت الأفريقي، وسط غياب متزايد للثقة بين مختلف الأطراف.
9. الملء الأول
في تموز/ يوليو 2020، أعلنت إثيوبيا نجاح الملء الأول لبحيرة السد، ومضيّها بخطة إتمام التعبئة التدريجية بحلول عام 2023، وهو ما قابل سخطا مصريا، وتأكيدا على ضرورة إطالة أمد العملية لتقليل الآثار المترتبة لها على منسوب النهر.
10. بوادر "تنسيق عسكري" مصري سوداني
ومع قرب حلول موع الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، في صيف 2021، رفعت القاهرة مستوى تحذيرها، وبات موقف الخرطوم أكثر وضوحا إلى جانبها.
وأصدر السيسي تحذيره بأن "جميع الخيارات" مفتوحة، فيما ظهرت مقاتلات مصرية في السودان، لتعلن إثيوبيا رفضها التهديد بالقوة، وسط دعوات دولية للتهدئة.
اقرأ أيضا: تدريبات جوية بين مصر والسودان بعد تحذيرات السيسي لإثيوبيا
يشار إلى أن مصر تنطلق في اعتراضها من قلقها على أمنها المائي، ومن ثم الغذائي، ومن بنود اتفاقية عام 1929، التي تمنحها الحق في الاعتراض في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده؛ فيما تقول إثيوبيا إن هذه الوثيقة تم توقيعها إبان الاستعمار، وإنها لن تتردد في المضي بمشروع من شأنه توفير الطاقة وفرص تنموية كبيرة للبلاد.