ما زال العنوان مزعجا لأبناء الحركة الإسلامية الذين لا يقرأون المضامين، وخادعا لغيرهم ممن يظنون انتهاء
الجماعات المعبرة عن الملايين، إسقاطا للمثل غير الصحيح ولا العلمي الذي يقول "الخطاب يبان من عنوانه". فكم من خطابات أخطأت العناوين وكم من عناوين لم تصلها خطابات!
جماعات الإسلام السياسي السلمي ما زال لها رصيد مؤثر داخل المجتمعات العربية والإسلامية، رصيد شعبي ما زال يفوق رصيد باقي المكونات، خاصة الحركة المدنية التي لم تستطع ملء الفراغ الحادث بعد إقصاء الجماعات من المشهد بالتزامن مع صعود الثورة المضادة.
تجاوز الجماعات أو اعتبار مواتها إهدارا لسنوات وثروات وتاريخ وخدمات وأفكار وسلوكيات والعمل على إصلاحها وتطويرها؛ وفاء مطلوب وعمل مندوب.
والرهان على تقويم الجماعات لنفسها ومراجعة مواقفها وأفكارها وأهدافها رهان معطل، بحكم الواقع والتجربة، لذا فقيام الغير من المهتمين والباحثين بهذه المهمة الوطنية النبيلة يدخل في إطار البحث العلمي والعمل الوطني، حفاظا على ثروات الوطن ومكونات المشهد من التآكل والاندثار.
إن قول البعض بأن الجماعات شأن خاص لأعضائها وعلى الغير تقديم ما يراه من نصح وملاحظات ليس أكثر؛ من أولى النقاط التي تحتاج لتصحيح، وإلا كيف تكون شأنا خاصا وتداعيات مواقفها يتحملها المجتمع كاملا في حاضره ومستقبله.
والدخول في جدل مع الجماعات حول هذا الملف استنزاف للوقت والجهد والعقل، لأنهم يرون أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، حتى لو أظهروا قبول الحوار والنقاش فتجاربهم في ازدواجية الخطاب بل وتعدده خير شاهد.
مهمة التصحيح والتطوير واجب وطني للبعض وفرض شرعي على البعض، حفاظا على عشرات الآلاف من الشباب الذين يدفعون بهم كل دورة زمنية إلى أتون الصراع الدموي دون مبرر ولا عائد، فضلا عن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية بل والقيمية التي تتأثر سلبا كل دورة زمنية.
وتدخل
المراجعات الفكرية للغة الخطاب الديني للجماعات والمصطلحات والأحكام الشرعية المترتبة في باب التجديد والاجتهاد الفقهي بما يناسب الواقع والمستقبل، بعيدا عن الجمود والتقليد المستمر لقرابة ألف عام مضت دون إضافة ما يناسب، وهو انعكاس عملي لقاعدة صلاحية الإسلام الممتدة عبر الزمان.
تناول موضوع المراجعات والتصحيح والتطوير للجماعات ينبغي ألا يتورط في الانحياز السياسي أو الشخصي لأنه معطل، وطريقه الأفضل هو البحث العلمي والحس الوطني والمسؤولية الأخلاقية.
ويهدف تناول ملف المراجعات والتعديلات لفكر وتنظيم ورسالة الجماعات إلى تصحيح الواقع القائم وإرشاد وتنبيه وتحذير المستقبل القادم.
طرح نقاط التناول (راجع مقال مرحلة ما بعد الجماعات تساؤلات مشروعة) للمراجعات في مقالاتي السابقة تأكيد أن هناك نقاطا تحتاج إلى تطوير، أيضا هو استجابة للبعض الذين طلبوها بغض النظر عن خلفيات الطلب.