هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال تحليل لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الخلاف العلني في صفوف العائلة الهاشمية المالكة في الأردن، هو بمثابة تذكير بأن استقرار الأردن يحتاج إلى رعاية وليس شيئاً يجب أن يعتبره أصدقاء واشنطن أو عمّان في المنطقة أمراً مفروغاً منه.
وفي التحليل الذي كتبه الزميل في
المعهد، غيث العمري، والمدير التنفيذي للمعهد وروبرت ساتلوف، أن الأحداث الأخيرة
أمر "غير مألوف للغاية في هذه المملكة الشرق الأوسطية المعروفة بهدوئها".
وأشار إلى أن الخلافات عادة في العائلة
المالكة تتم بعيدا عن أعين الجمهور، ففي 2017 أعفى الملك عبد الله اثنين من إخوته -
أخوه الشقيق فيصل وأخوه غير الشقيق هاشم - من مناصبهما القيادية العسكرية، مما
أثار شائعات عن وجود خلاف داخل الأسرة. ومع ذلك، امتثل كلا الأميرين للإعفاء، مما
أدى إلى القضاء على المزيد من الشائعات.
وفي عام 1999 أعاد الملك الراحل الحسين
بن طلال تغيير تراتبية الخلافة قبل أسابيع قليلة من وفاته بمرض السرطان، فاستبدل
شقيقه حسن، الذي كان ولياً للعهد منذ عام 1965، بابنه البكر عبد الله، الذي كان
حينذاك ضابطاً عسكرياً. وعلى الرغم من الصدمة والضربة الشخصية القوية اللتين
تلقاهما الأمير حسن، إلّا أنه لم يحتجّ على ذلك التغيير وعبّر دائماً عن دعمه
العلني لابن أخيه كعاهل للأردن.
وعند اعتلاء عبد الله الثاني العرش عام
1999، قام بتعيين حمزة ولياً للعهد بناءً على رغبة والدهما المحتضر. وقيل إن الملك
حسين كان متعلقاً كثيراً بحمزة، الذي اشتهر بالتقوى والتواضع والتواصل مع قبائل
الأردن. ولكن بعد خمس سنوات، نزع عبد الله هذا اللقب عن حمزة ومنحه لابنه الأكبر
حسين، وهذا ليس بالأمر غير المألوف بالنظر إلى أن الملك الراحل حسين عيّن ثلاثة
ولاة للعهد خلال فترة حكمه. ولم يعترض حمزة علناً على القرار في ذلك الوقت.
وتابع بأن الطريقة التي تم حل المشكلة بها تشير إلى انتهاء الحلقة الراهنة على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تكون
الفصل الأخير من الصراع بين الإخوة غير الأشقاء. ومع أن المواجهة غير مستبعدة في
النهاية، فحتى هذه ستنتهي على الأرجح برحيل حمزة عن البلاد بدلاً من سجنه وتحويله
إلى شهيد للمعارضة.
وعن الاحتجاجات في الشارع، قال المعهد
إنها لم تحظ خلال الأسابيع القليلة الماضية بمشاركة واسعة ويعود ذلك إلى حدٍّ كبير
إلى الإجراءات الأمنية الوقائية إلا أنها أثارت مخاوف من تأجج الاستياء الشعبي تحت
السطح. وطوال هذا الوقت، كان يُنظر إلى حمزة على أنه قد وضع نفسه بصورة المتعاطف
مع هذه المخاوف وكنقيض للعاهل الأردني.
وأشار إلى أن الرسائل الرسمية قد سلّطت
الضوء على صِلات حمزة المزعومة مع المعارضين الأردنيين في الخارج، وكثير منهم
فقدوا مصداقيتهم علانية.
وتابع: "تشير الأدلة السردية إلى
أن هذه الرسائل تلقى صدى لدى نسبة كبيرة من الشعب. وبالفعل، لم تُعرب أي شخصية
عامة بارزة تقريباً عن دعمها علناً لحمزة باستثناء والدته. وعلى الرغم من أن هذا
الموقف قد كشف عن عداوة هاشمية تتأجج منذ زمن بعيد، إلا أن الأمر قد ينتهي بتخفيف
الضغط المحلي على البلاط الملكي على المدى القريب من خلال تحويل الانتباه بعيداً
عن "كوفيد-19" وغيره من التحديات الاجتماعية والاقتصادية".
ولفت إلى أن مصادر الاستياء الكامنة
التي استغلها الأمير حقيقية، "وستعاود الظهور حتماً مرة أخرى في المستقبل إذا
لم تعالجها عمّان. وتشمل هذه قضايا طارئة مثل الوباء العالمي، فضلاً عن القضايا الأكثر
هيكلية مثل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وإصلاحات الحوكمة الأوسع نطاقاً".
وحذر المعهد في هذا السياق عمّان لأن
عليها التعامل بحذر مع اتهاماتها التي لا أساس لها حتى الآن بشأن ضلوع جهات خارجية
مهمّة بالمؤامرة المزعومة. فمن بين البلدان التي تم تناقل أسمائها - السعودية،
والإمارات، وإسرائيل - ليست هناك مصلحة لأيّ دولة منها في زعزعة استقرار الأردن،
ولا يمكن أن تكون أيٌّ منها قد اعتقدت أن مؤامرة رديئة قائمة على أمير ساخط وحفنة
من مساعديه ربما تستطيع الإطاحة بعبد الله المحصّن.
وتابع: "إذا أوصلت الادعاءات
المحددة بشأن عوض الله وابن زيد إلى أدلة دامغة على تواطؤ مسؤولين سعوديين في مثل
هذه المؤامرة، سيكون هذا الأمر مضراً لعلاقات الولايات المتحدة مع الرياض. ومع
ذلك، فمع انعدام مثل هذا الدليل، من الضروري أن يتجنب الأردن تحويل علاقة متقلّبة
بين العائلة المالكة السعودية ونظيرتها الهاشمية إلى ضربة دبلوماسية كاملة، لا
سيما بالنظر إلى الدعم المالي والسياسي الحاسم الذي تقدمه الرياض لجارتها الأفقر
بكثير".