هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تدور محادثات سياسية حثيثة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والتي وصلت إلى مراحل متقدمة تقود إلى تشكيل تحالف في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وعقدت بين الطرفين 14 اجتماعا، تمخضت عن استعداد الحزب الديمقراطي الكردستاني لاعتبار الصدر مرجعا سياسيا وحيدا لقادة الشيعة، فيما يعتبر زعيم التيار الصدري، البارزاني مرجعا سياسيا رئيسا للمكون الكردي في العراق، حسبما ذكرت مواقع محلية.
هذه التطورات جاءت بعد إعلان التيار الصدري سعيه للحصول على رئاسة الحكومة المقبلة، وكذلك توتر العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والقوى والفصائل الموالية لإيران بعد الهجمات الصاروخية التي طالت أربيل مؤخرا واتهمت بها مليشيات تابعة للحشد الشعبي.
علاقات استراتيجية
تعليقا على الموضوع، قال النائب رياض المسعودي، إن "التيار الصدري المتمثل بتحالف ’سائرون‘ يشكل جزءا مهما من العلية السياسية، وهذا يقودنا إلى بناء علاقات استراتيجية حقيقية مع أغلب الكتل السياسية الفاعلة لغرض العمل مبكرا على إعادة صياغة العملية السياسية بشكل إيجابي".
وأضاف المسعودي في حديث لـ"عربي21" أن "الحكومات السابقة شابها الكثير من المشكلات الحقيقية، وعدم التفاهم، وانعكس ذلك على طبيعة العملية السياسية في العراق والواقع الأمني والاقتصادي وحتى الاجتماعي".
وأوضح أن "إستراتيجية التيار الصدري في المرحلة المقبلة هي شراكة الأقوياء، والذهاب باتجاه تشكيل حكومة قوية، تتحمل تبعات النجاح والفشل، لذلك فإنه لا ينبغي أن يشترك الجميع في الحكومة المقبلة، فمن غير الصحيح أن الجميع يشارك في الحكومة وفي المعارضة أيضا".
وفي ما يتعلق بالتفاهمات بين الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري، قال المسعودي إن "الاجتماعات مستمرة منذ عام 2006 وحتى الآن، وتبادل الصدر والبارزاني الزيارات بين أربيل والنجف، لذلك فإن التفاهمات موجودة، ولكن مستواها وطبيعتها لم تصل إلى اتخاذ القرارات، وإنما هي مبنية على ضرورة تشكيل حكومة قوية فيها تمثيل لجميع المكونات".
وتابع: "نحن قريبون من جميع الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق، وإن الإقليم جزء مهم من العملية السياسية، لكننا نؤمن بشراكة الأقوياء وهو عدد قليل من القوى السياسية بمقاعد كثيرة تصل إلى 200 مقعد لتشكيل الحكومة المقبلة".
اقرأ أيضا: من المنشقون الذين يريد الصدر إعادتهم قبل انتخابات العراق؟
تقارب واضح
من جهته، قال الكاتب والباحث السياسي من إقليم كردستان، كفاح محمود إنه "من السابق لأوانه إعلان مثل هذا التحالف، لكن هذا لا يمنع من حصول زيارات من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى بغداد، واللقاء بمعظم الكتل البرلمانية بما فيها: ائتلاف دولة القانون، تيار الحكمة، والتيار الصدري".
ونقل محمود خلال حديث لـ"عربي21" تصريحات لعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني جعفر إبراهيم، قال فيها: "حتى هذه المرحلة من المحادثات، فإن التيار الصدري هو الأقرب إلينا لما يتمتع به من مساحة أفقية واسعة في الوسط السياسي الشيعي، وحتى على المستوى العراقي".
وأضاف الكاتب الكردي إن "المحادثات في بدايتها، وإن هناك تقاربا واضحا جدا ما بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي، وإن الأخير واحد من أكبر الأحزاب السياسية العراقية، وعلى مستوى الإقليم هو الحزب الأول والأكبر".
وأشار محمود إلى أن "الحزب الديمقراطي لديه أولويات مهمة، أولها مسألة الدستور وتطبيقاته والعلاقة مع الإقليم، ومن هو الأقرب إلى أطروحات الحزب من بقية الفعاليات الكردستانية على الأقل في المواضيع الخلافية، ولا سيما حول المناطق المتنازع عليها، وحصة الإقليم من الموازنة".
وأكد الكاتب الكردي أنه "لم يعد هناك تحالف إستراتيجي قائم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والقوى الشيعية، ففي الولاية الثانية لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بدأ المؤشر في العلاقة تسوده الكثير من الشكوك وسادت بيئة اللاثقة ما بين الطرفين، خاصة بعد دخول المليشيات، وتوجهها العدواني تجاه الإقليم".
اقرأ أيضا: برلمان العراق يُقر حل نفسه في أكتوبر تمهيدا للانتخابات
وتابع: "كل ذلك دفع للتقارب بين الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري، الذي لم يثبت حتى الآن أن هذه الفصائل مدعومة من التيار أو يؤيد الأخير تصرفاتها، وإنما معظم هذه الفصائل لديها ارتباطات ومدعومة من كتل برلمانية، وبالتأكيد هذه ستكون خارج إطار تحالفات الحزب الديمقراطي".
تفاهمات متقدمة
وبخصوص الحديث عن توصل التفاهمات إلى ذهاب رئاسة الجمهورية للبارزاني، مقابل ترؤس الصدريين للحكومة، قال المسعودي إن "هذا الأمر سابق لأوانه، وإن نتائج الانتخابات هي التي تحدد الحجم العددي لكل كتلة فائزة، وإيمان كل طرف بمنهج الآخر، فنحن نؤمن بشراكة الأقوياء، والذي يتطلب قرارا عراقيا مستقلا لا يميل إلى الشرق أو الغرب".
وفي المقابل، قال الكاتب الكردي كفاح محمود إنه "على حد علمي لم تتطرق المحادثات إلى مثل هذه التفاصيل، لكن الجانبين طرحا مسائل أهم بكثير من منصبي رئاستي الجمهورية والوزراء، فالعراق يواجه تحديا خطيرا جدا في مجال الاقتصاد والبطالة وانتشار الفقر، والسيادة وانتشار السلاح والمليشيات الخارجة على القانون".
وأكد محمود أن "المحادثات لا تزال جارية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري، وأن الاجتماعات ستكثف خلال المرحلة المقبلة، وربما مع كتل سنية أخرى، وأن هذا التحالف إذ تشكل سيكون نواة لضم قوى أخرى سواء من المكون السني أو الشيعي".
وكانت مواقع محلية قد كشفت الأسبوع الماضي، أن الحزب الديمقراطي برئاسة مسعود البارزاني أجري 14 اجتماعا مع التيار الصدري خلال الفترة الماضية تمخضت عن استعداد الحزب لاعتبار الصدر مرجعا سياسيا وحيدا لقادة الشيعة، فيما يعتبر الصدر بارزاني مرجعًا سياسيا أوحدا لكل الاكراد.
وأضافت أن "البارزاني أكد للتيار الصدري أنه لا يمثل كل الأكراد، فهو يمثل 25 مقعدا من أصل 60 كرديا بالبرلمان العراقي". وأكدت أن "المحادثات بين الهيئة السياسية للتيار الصدري والديمقراطي الكردستاني، نجمت عن اتفاق أولي بين الجانبين على تشكيل تحالف ما بعد الانتخابات".
وأفادت المواقع بأن "وفد التيار الصدري بحث على مدى أسبوع في إقليم كردستان العراق، تشكيل تحالف يتضمن دعم المشروع السياسي للتيار في رئاسة حكومة ما بعد الانتخابات، مقابل تنفيذ مطالب الكرد، وتسهيل تمريرها".