هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريرا سلطت من خلاله الضوء على حقيقة الاختلاف بين التيار "المعتدل" و"المتشدد" في إيران.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن النظام الإيراني يلجأ إلى التحذير من فزاعة "الجناح المتشدد" كلما تعثرت مفاوضاته مع الولايات المتّحدة.
ولكن هذه الحجة اختفت خلال السنوات الأربع لإدارة ترامب إلى حدّ كبير لأن جماعات الضّغط المؤيدة لإيران كانت تعلم أن الإدارة الأمريكية لا تكترث لهذه التحذيرات.
وذكرت الصحيفة أن إيران تتصرف دائمًا بالطريقة نفسها بغض النظر عن الوجه "المعتدل" الذي تظهره للعالم، وذلك لأن "معتدليها" المزعومين مثل وزير الخارجية جواد ظريف ليس لهم دور فعّال في صنع القرارات، بل هم بالأحرى يدينون بالولاء إلى "المتشددين" المزعومين من الحرس الثوري.
وقد أثبت ظريف ذلك من خلال الإعراب عن دعمه للحرس الثوري الإيراني وقائده الرّاحل الجنرال قاسم سليماني.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفكرة القائلة إن النظام الإيراني يحتضن شقين من الحكومة يعملان بشكل مختلف ويتخذان مواقف متناقضة هي في الحقيقة مجرّد خرافة راسخة تروّج لها إيران، لأنها تدرك أن الغرب يصدق ذلك.
وتعلم إيران جيدا أن الغرب يبحث دائمًا عن "معتدلين" مستعدين "للالتزام" بالاتفاقات سواء كان يتعامل مع طالبان أو حماس أو حزب الله.
لذلك، لا تأتي إيران على ذكر "المتشددين" عندما يتعلق الأمر بمناقشة مشاكلها مع تركيا أو الصّين أو روسيا أو أي قوى أخرى.
اقرأ أيضا : صحيفة عبرية: إيران لم تتعاف من آثار انفجار "نطنز"
وأوضحت الصحيفة أن إيران لن تفكر يوما في تخويف موسكو بفزاعة "المتشددين" المزعومين لأنها توقن أنها لن تستجيب لمطالبها.
وعندما تتفاوض إيران مع الصين، فإنها لا ترسل علي لاريجاني لتهديد بكين بأن "المتشددين" قد يصلون إلى السّلطة إذا لم توافق بكين على صفقة جديدة مدّتها 25 عامًا، لأنّها تعلم أيضا أن هذه الحيلة لن تنطلي على الصّين التي لا شك أنها ستجد ذلك مثيرا للسخرية.
تدرك إيران أنه يجب عليها أن تظهر نهجا استبداديّا عند التّحدّث إلى القوى الاستبدادية، وتتظاهر بأن سياستها فوضوية وخارجة عن السيطرة عندما يكون الحديث مع الأنظمة الدّيمقراطيّة.
في هذا الصدد، قد تدعي إيران مثلا أن "المتشددين" يعملون على تخصيب المزيد من اليورانيوم، بينما لن يفكر "المعتدلون" في ذلك.
ولن تتوانى إيران عن الادعاء أيضا بأن "المتشدّدين" قد يهاجمون السّفن في خليج عمان وقد يأمرون بقصف جوّي للقوات الأمريكية في العراق؛ وأنهم قد يخطفون الغربيّين في إيران ويحتجزونهم كرهائن، وأنهم قد يعدمون المعارضين والمتظاهرين، بينما في الحقيقة لا يوجد فرق بين التيار المعتدل والمتشدد.
وأوردت الصحيفة أنه لا يوجد دليل على أنّ نفوذ "المتشدّدين" في إيران يتأثر بما يفعله الأمريكيون، نظرا لأنه لا يوجد تباين في المواقف في النّظام على عكس ما يصوّره البعض.
في أيار/ مايو 2018، عندما كانت الولايات المتحدة تستعد للانسحاب من الاتفاق النووي، ظهرت رواية "المتشددين" لفترة وجيزة في محاولة لثني الإدارة الأمريكية عن هذا القرار، لذلك تم حينها تداول أنباء بأن الولايات المتحدة ستمنح بذلك هديّة "للمتشددين".
وتساءلت الصحيفة عن التغيير الذي شهدته إيران سياسيا، في الوقت الذي لا يزال فيه المتظاهرون يُشنقون، والصحفيون مستهدفين ويتعرّضون للخطف خارج البلاد.
كما أن إنتاج الصواريخ مستمر؛ وتواصل ميليشيات الحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان شن الهجمات.
فضلا عن ذلك، لم يُقتل الناشط السياسي لقمان سليم في لبنان أو الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والجماعات المتطرفة هشام الهاشمي في العراق السنة الماشية على يد "المتشددين" بل نفذت عمليات الاغتيال فرق الموت الموالية لإيران.
مع اقتراب موعد الانتخابات، يبدو أن إيران ستحاول لعب ورقة السياسة الدّاخلية مرة أخرى لدفع القوى الغربية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.
وفي الوقت نفسه، تعمل إيران دون رادع على تخصيب اليورانيوم وخرق المزيد من بنود اتفاق 2015 النووي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الغرب والولايات المتحدة أمام عدة سيناريوهات. أوّلا، إذا لم تعد الولايات المتّحدة إلى طاولة المفاوضات، فإن إيران ستستمر في تخصيب اليورانيوم. ثانيًا، ستصدر إيران تعليمات لوكلائها في العراق ومناطق أخرى لمهاجمة الأهداف الأمريكية. وثالثا، ستعود إيران مجددا إلى التحذير من خطر "المتشددين" إذا لم تفعل الولايات المتّحدة الصواب. لقد اعتمدت إيران هذا الأسلوب في السابق ونجحت، وهي تعتقد أنه سيكون بنفس الفعالية في المستقبل أيضًا.