قضايا وآراء

الأردن ورحلة البحث عن العقلاء

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

مثلت حادثة مستشفى السلط الأردنية التي أودت بحياة 7 من المواطنين الذين رقدوا على أسرة الشفاء نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا المستجد، صدمة كبيرة للأردنيين.. وفيات تسبب بها النقص الحاد في خزانات الأوكسجين التابعة للمستشفى.

الحادثة أعادت الجدل إلى الساحة الأردنية بقوة حول الأسباب الكامنة وراء تردي أوضاع الإدارة الأردنية؛ جدل سرعان ما فتح الباب لنقاش أعمق حول ضرورة الإصلاح السياسي كمتلازمة لتحقيق الإصلاح الإداري والدخول في المئوية الجديدة للأردن بدولة عصرية أكثر تطورا في نظامها الإداري والسياسي والاقتصادي.

وباء كورونا المستجد بات جزءا من المشهد السياسي وحديث الساعة لدى الأردنيين وقضيتهم الأساسية التي يحاولون مواجهتها ومواجهة آثارها الاقتصادية؛ وباء تطور خلال العامين الماضيين على وقع صفقة القرن الأمريكية التي طرحها ترامب وصهره كوشنر؛ وأزمات أنهكت الاقتصاد الأردني ووضعته على حافة الانهيار مذكرا بهزيمة عام 67 وآثارها الاقتصادية والاجتماعية ليضاعف الوباء من قوة الضغوط على الاقتصاد الأردني الذي بات أقل حصانة من تحمل أزمات الإقليم وتعقيداتها .

فأزمات الإقليم باتت قادرة على التأثير في نشاط وأداء الاقتصاد الأردني؛ كان آخرها تصفية بنك عودة اللبناني وفرض البنك المركزي الأردني اليد على موجوداته واحتياطاته .

 

الأزمة في الأردن ليست أزمة محلية أو سحابة صيف عابرة؛ بل أزمة إقليم وأزمة نظام دولي مترنح بتأثير من وباء كورونا والصراعات العسكرية والسياسية المزمنة في الإقليم؛ ما استدعى العديد من كتاب الرأي والخبراء والمثقفين إلى استدعاء لغة العقل؛

 



رغم قوة الدولة والفاعلية الكبيرة لقطاعها المصرفي إلا أن الأزمات باتت تنخر بقوة في عصب الاقتصاد الأردني ولا تترك قطاعا أو بابا إلا وتطرقه وتدخله عنوة دون استئذان؛ أزمات تضافرت مجتمعة لتسهم في انخفاض الاحتياطيات النقدية من العملات في البلاد 2.6% خلال شهرين من العام الحالي 2021.

كارثة السلط فتحت الباب لارتفاع الأصوات الناقدة للحكومة وللأداء الاقتصادي في البلاد؛ الذي أرجعه المحتجون والمنتقدن إلى سوء الإدارة والفساد؛ بل إن الملك عبد الله الثاني عبر عن ضيقه من هذه الثغرات بتوجيه سهام النقد للجهاز الإداري داعيا إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ومشددة لضبط عمل مؤسسات الدولة وعلى رأسها القطاع الصحي الذي بات يدار من خلال عدد من المتصرفين العسكريين.

الأزمة في الأردن ليست أزمة محلية أو سحابة صيف عابرة؛ بل أزمة إقليم وأزمة نظام دولي مترنح بتأثير من وباء كورونا والصراعات العسكرية والسياسية المزمنة في الإقليم؛ ما استدعى العديد من كتاب الرأي والخبراء والمثقفين إلى استدعاء لغة العقل؛ تارة بالدعوة للإصلاح والتطوير الهادئ وتارة بالدعوة إلى ترتيب الأولويات لتكون مواجهة الوباء في مقدمة الأهداف. 

نقاش رغم طبيعته المنفتحة والعاقلة إلا أنه حتى اللحظة لم يتمكن من طرح حلول حقيقية لأزمة البلاد؛ وسبل التكيف مع المستجدات المحلية والإقليمية التي تتطلب شراكات واسعة؛ فالعقلانية ليست مجرد دعوات على صفحات الجرائد يطلقها شخص هنا وآخر هناك؛ بل مبادرة لا بد للدولة أن تقودها وتطلقها وتشرف عليها؛ بالشراكة مع كافة القوى الاقتصادية والمجتمعية والمؤسسات الفاعلة في البلاد.

ختاما: أزمة الأردن الاقتصادية والاجتماعية المتبلورة بل وأزمة الإقليم والنظام الدولي لن تنقضي بانقضاء الوباء وتوافر المطاعيم؛ بل بمبادرة تحول دون بلوغ القاع للبدء برحلة تعاف طويلة على الأرجح يصعب أن تتحقق إن لم تتصدر الدولة الأردنية بمؤسساتها وقيادتها ممثلة بالعرش مشروع الإصلاح والتعافي؛ فالأردن يتمتع بخصوصية تحول دون تغيب أي من عناصره وقواه الفاعلة.. فهل يتوصل الأردنيون لهذه القناعة وهذا المستوى من العقلانية؟ وهل تتصدر الدولة بمؤسساتها وقيادتها برنامج التطوير والإصلاح؟ 

الأردن يتوافر على الكثير من العناصر التي تتيح له المجال لتصدر المشهد وانتزاع زمام المبادرة، وهي فرصة لم يتمكن حتى اللحظة من تفعيلها وهو ما زال أسير عقلية البحث عن العقلاء ومخاطبتهم.

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)