قالت صحيفة
واشنطن
بوست الأمريكية، إن الضجة العارمة حول الامير هاري وزوجته ميغان ماركل، مع بعض
أفراد العائلات الملكية المهمين، يجب أن تذكرنا بالأنظمة الملكية العربية في دول
الخليج، التي تحكم فيها مجموعة من الأقوياء بشكل مطلق.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته
"عربي21" إن العواصم الغربية تتعامل مع هذه الملكيات ليس كونها مفارقات
تاريخية مثيرة للفضول، لكنها صاحبة نفوذ معهم وتحالفات إقليمية، تخضع فيها
الحكومات البريطانية المتعاقبة بشكل أساسي للأمراء في السعودية والإمارات، وتعطي
ضوءا أخضر لصفقات سلاح رغم المخاوف الحقوقية.
وأضافت، "مهما كان الأمر فإن عناوين الأيام القليلة الماضية هي تذكير بالتأثير الدائم لعائلة
لا تزال، على الأقل شكليا، تقود بقايا إمبراطورية كانت تغطي الكرة الأرضية سابقا. ويوفر
أفراد العائلة المالكة البريطانية مادة للحكايات الخيالية اللامعة، وخطوط قصة
لدراما نتفليكس التي نالت استحسان النقاد، ومن فينة إلى أخرى، لقطة للعلل المؤسسية
والمجتمعية التي لا تزال تطارد
بريطانيا".
ونقلت عن باتريك فرين، كاتب المقالات لصحيفة
تايمز الأيرلندية، "إن أفراد العائلة المالكة المعاصرين ليس لديهم قوة
حقيقية.. إنهم يخدمون بالكامل في تكريس الطبقية في اللادستور البريطاني. إنهم
يعيشون في رفاهية عالية واستقلالية متدنية، ويلعبون دور أسلافهم، ويخضعون لإسقاط
نفسي اجتماعي مستمر من قبل أشخاص يتحسرون على خسارة الإمبراطورية".
وأضاف: "يمكنك الشعور بهذه الاستقلالية
المنخفضة في كل من العبارات المقتضبة لقصر باكنغهام والحزن الذي أحاط بالزوجين
الراغبين بالانعتاق خلال مقابلة أوبرا. قبل ثماني سنوات، شبّهت الكاتبة الحائزة
على جائزة بوكر هيلاري مانتيل أفراد العائلة المالكة في بلدها بدبب الباندا، مكلفة
جدا للرعاية وغير متكيفة مع أي بيئة حديثة".
لكن الصحيفة قالت: "في المقابل نأخذ
في الاعتبار ثقل السياسة الواقعية، التي تسببت بقرار الرئيس بايدن بالتساهل مع ولي
العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حتى بعد أن أصدرت إدارته تقريرا استخباراتيا
أمريكيا أكد أن ولي العهد متورط بشكل مباشر في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي".
وأضافت: "مع إثبات هذه الحقيقة الأساسية،
تبدو إدارة بايدن الآن مستعدة للمضي قدما مع اقتراح بعض العقوبات التي لا تفي بوعد
حملة بايدن بمحاسبة ابن سلمان، ويبدو أنه في ظل إدارة بايدن، قد يُمنح الطغاة
الذين يقدمون قيمة إستراتيجية مؤقتة لأمريكا تصريح 'جريمة قتل واحدة
مجانية'".
وتابعت الصحيفة: "بالنظر إلى شبابه، يمكن
أن يظل ولي العهد السعودي على المسرح الجيوسياسي لمدة نصف قرن. ويصنف نفسه على أنه
مهندس تحول وطني وإقليمي كبير، حريص على تنويع اقتصاد المملكة الغنية بالنفط
وتحديث المجتمع السعودي على نطاق أوسع. وتُستثمر الثروة السيادية السعودية في
شركات التكنولوجيا الرائدة في الخارج وتوفر الأساس في الداخل لمدينة ضخمة جديدة
بقيمة 500 مليار دولار يُتصور أنها أول مدينة معرفية في العالم، تدار بالكامل من
خلال التكنولوجيا الذكية مثل التعرف على الوجه والتي يراها ولي العهد على أنها
المشروع الرائد في خطته".
لكن هذه المساعي الجذابة لا يمكن أن تخفي
الاستبداد تحتها. تواصل السلطات السعودية احتجاز مئات المعارضين والسجناء
السياسيين الذين تعتبرهم تهديدات للبلاط. وعلى الرغم من كل التعاطف العالمي الذي
خلقته أميرة المشاهير المولودة في أمريكا، لا تزال هناك أميرات في حالة يرثى لها. في
الأسبوع الماضي فقط، لفت المدافعون الانتباه إلى المحنة المتفاقمة للأميرة بسمة،
ابنة الملك الثاني للسعودية، والتي ظلت في الأسر منذ عام 2019، مع ابنتها، ويُزعم
أنها تعاني من اعتلال في صحة القلب.
وقد لقيت أميرات دول الخليج الأخريات اللائي
وقعن في نزاع مع سياسات وإملاءات الأسرة الحاكمة مصيرا مشابها، واختفين عن الأنظار
واختفين في ظروف مريبة. وفي الشهر الماضي، بثت بي بي سي مقاطع فيديو تم تسجيلها
على ما يبدو على هاتف سري للأميرة لطيفة، ابنة حاكم دبي، التي ظلت محتجزة منذ
محاولتها الهروب من الإمارات في عام 2018. ودعت الأمم المتحدة الإمارات مؤخرا إلى
إظهار دليل على أن الأميرة على قيد الحياة.
في مراسلات مع بي بي سي، حثت الأميرة أيضا
السلطات البريطانية على إعادة فتح تحقيق في اختطاف مزعوم قبل أكثر من عقدين من
الزمن، حيث اختطف عملاء إماراتيون أختها الكبرى، الأميرة شمسة، من أحد شوارع
كامبريدج بإنجلترا.
وفي العديد من البلدان التي يسيطر فيها أفراد
العائلات المالكة، من الخطر انتقادهم. فبعد عقد من احتجاجات الربيع العربي التي
دفعت الملك المغربي الحاكم لفترة طويلة إلى إدخال إصلاحات دستورية، يشير المنتقدون
الآن إلى مناخ سياسي أكثر قتامة، حيث يتم القبض على اليساريين والإسلاميين وغيرهم
من منتقدي الملك.
وقالت الصحيفة إن قوانين إهانة الذات الملكية،
موجودة في الكتب حتى في بعض الملكيات الدستورية الأكثر اعتدالا، والتي لا تملك
سلطة حقيقية في أوروبا، لكنها تطبق بشكل أكثر وحشية من قبل الحكومات حيث يمتلك
التاج سلطة حقيقية.