أفكَار

الإسلاميون وأزمة التعاطي مع واقع الانسداد بعد الربيع العربي

مخاوف من محاولات لتحجيم دور الإسلاميين في السلطة  (عربي21)
مخاوف من محاولات لتحجيم دور الإسلاميين في السلطة (عربي21)

بالأمس القريب، حصل فرز مهم داخل الحركات الإسلامية، فبقاء حركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في مربع السلطة، أو المؤسسات السياسية، سمح بالتأصيل لمقولات عدة، تنتصر لفكرة الشراكة أو فكرة الاستثناء أو فكرة التوافق، حتى ذهب الشيخ راشد الغنوشي إلى تبني مفهوم الإسلام الديمقراطي حتى يعطي الانطباع  بأن الوضع الذي توجد عليه حركته سياسيا، إنما استمدته من الاجتهاد السياسي الذي قدمته، وبصفها أقدمت على قطيعة مع البراديغم الحركي، وتبنت براديغما جديدا، يعبر عنه هذا الوصف الجديد "الإسلام الديمقراطي"، بينما حاولت المدرسة المغربية أن تستثمر كثيرا في الحديث عن وصفتها في التمييز بين الدعوي والسياسي، مبررة بذلك المسافة التي تفصلها عن البراديغم الحركي، وعن الحركات الإسلامية المشرقية التي تتبناه.

لكن، اليوم، وبعد واقع الانسداد الذي دخلته التجربة التونسية، وتمرير القاسم الانتخابي الجديد في المغرب، يبدو أن الحركات الإسلامية جميعها اليوم، أصبحت مضطرة للتفاعل نظريا وسياسيا مع واقع الانسداد. فتونس، التي يحتفظ زعيمها بموقع مركزي ضمن مؤسسات الدولة (رئيس البرلمان) تعيش على إيقاع شلل تام أصاب النسق المؤسسي، بسبب عدم انسجام المؤسسات الثلاث، رئاسة الدولة، ورئاسة الحكومة، ورئاسة البرلمان، فلم تجد حركة النهضة من خيار سوى بتفعيل خيار الشارع، ذلك الخيار الذي تسبب في مصر في أعمق انسداد سياسي تواجهه الحركة الإسلامية في تاريخها. 

أما المغرب، فقد أدت مصادقة البرلمان على القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، واعتماد قاسم انتخابي على أساس عدد المسجلين، إلى خلق حالة شك غير مسبوقة في الصيغة الإصلاحية التي اعتمدها الإسلاميون المغاربة، وحركت التساؤلات حول كيفية التعاطي معها، وما إذا كانت قد استنفدت أغراضها ومدى الحاجة إلى البحث عن خيارات أخرى.

الإسلاميون وحساسية مفهوم الانسداد

ثمة حساسية شديدة لدى الإسلاميين من مصطلح الانسداد، فغالبية أطيافهم، يعتبرون أن الانسداد مؤشر على فشل خياراتهم، أو سوء قراءتهم للواقع، أو محدودية الصيغة الإصلاحية التي تبنوها، وأكثرهم، يرفض أن تصير المحنة التي يتعرضون إليها مدعاة لنقد سلوكهم وخطابهم السياسي، فيعتبرون أن النقد بدل أن يتوجه إلى الجلاد، صار يتوجه إلى الضحية. 

ولذلك، فحساسيتهم من مصطلح الانسداد تستمد شرعيتها من فرضهم أن يتوجه إلى نقد عقلهم السياسي في الوقت الذي يتطلب الأمر التوجه إلى الأنظمة السياسية التي أعاقت المسار الديمقراطي أو انقلبت على الشرعية (حالة مصر)، أو اتجهت في منحى غير مؤسساتي (حالة النهضة في تونس) أو أن السلطة السياسية لم تبد جدية في ترصيد التراكم الديمقراطي (حالة المغرب).

والحال، أن مفهوم الانسداد لا يعني بالضرورة توصيف دور الإسلاميين، ولا حتى ربط مآل الوضع السياسي بموقعهم ومواقفهم السياسية، وإنما هو توصيف لمآل الوضع السياسي، ذلك المآل، الذي تصير فيه صيغة الإسلاميين في العمل الإصلاحي، غير قادرة على الاشتباك معه ولا إنتاج ديناميات سياسية أو حركية ذات أفق من داخله.

وفي الحالتين معا، أي الحالة التي يكون فيها كسب الإسلاميين سببا فيما انتهى إليه الوضع السياسي، أو أن يكونوا ضحايا له، فإن الوضع لا يفرق شيئا، لأن الأمر يتعلق باختبار صلاحية وجدوى الصيغة الإصلاحية التي تبناها الإسلاميون وما إذا كانت تتمتع بقدرة عملية أم أنها فقدت جدواها، وصار العقل الحركي معولا للتفكير في صيغة أخرى تتناسب مع الوضع السياسي الجديد.

إسلاميو مصر.. خيار الشارع وأزمة التعاطي مع واقع الانسداد

إسلاميو مصر يعتبرون الموضوع الرئيس في هذه الإشكالية، فدون أن ندخل في حيثيات المناورات السياسية التي تبنتها السلطة السياسية للإجهاز على العملية الديمقراطية والتكتيكات التي قامت بها للسيطرة على السلطة، فإن المآل الذي انتهى إليه الوضع، هو خلق حالة من الانسداد السياسي، عنوانه تنازع طرفين، الأول مسيطر على السلطة يمتلك كل أدوات القمع الإيديولوجي والسياسي، وفضلا عن ذلك ينتج مناورات في الحقل السياسي لعزل الإسلاميين، والثاني مطالب بعودة الشرعية، لا يمتلك غير الشارع، وتضييق مساحات تحالفاته السياسية. 

النتيجة التي انتهى إليها الوضع السياسي، أن خيار الشارع أثبت محدوديته في ظل ضعف أو غياب التحالفات السياسية، وأن هذا الخيار بدل أن يصلب عود الإسلاميين، فإنه استنزفهم، ونقل الصراع إلى داخلهم، فصارت البنية التنظيمية مهددة بتحدي الانقسام وعدم القدرة على تدبير أزمة صراع الأجيال، بل أسهم في خلق واقع تنظيم الشتات، وموقع الداخل والخارج في تحديد القرار السياسي، فضلا عن إشكالات كثيرة ترتبط بتقييم المرحلة، وحدود العلاقة بين الدعوي والسياسي، ومسؤولية القيادة الحركية فيما انتهت إليه التجربة.

 

الثابت، أن المراجعات التي قام بها الإخوان، أو للدقة بعض مفكريهم، ممن قاموا بعملية التأسيس الفكري للتيار الوسطي المندمج في العملية السياسية بكل لوازمها، ومن ذلك القبول بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة ومشاركة المرأة في الحياة العامة، هذه المراجعات ساعدت في إعادة بناء وتجديد الصيغة الإصلاحية، وهيأت الأجواء لوضع حالة الانسداد في ذاكرة التاريخ.

 



لحد الآن، لم يغير الإخوان سلوكهم السياسي، ولم يتجهوا إلى التفكير في صيغة أخرى للتعاطي مع وضعية الانسداد السياسي، فأصبحت حركتهم السياسية الثقيلة أساليب الحركات المعارضة في الخارج، أي الضغط السياسي والإعلامي، وخوض معركة تطويق القرار السياسي المصري، وتوسيع جبهات الفرض له، ومحاصرته حقوقيا وإعلاميا، ومحاولة استثمار أي معارضة داخلية أو خارجية تأتي من غيرهم، وإسنادها سياسيا وإعلاميا، كما في حالة دعم حركية المقاول الشاب محمد علي.

المثير للانتباه، أن أزمة الانسداد هذه لم تكن هي الأولى في التجربة المصرية، بل عاشتها أكثر من مرة، في أواخر مرحلة الإمام حسن البنا، بعد قراره المشاركة الثانية في الانتخابات، وما أعقبها من بداية الاحتكاك مع السلطة السياسية، ودخول العلاقة بين الطرفين مرحلة الشد والجدب بعد اتهام الحركة بممارسة العنف، ثم عاشت تجربة الانسداد بعد نجاح الثورة، واشتداد الخلاف بينهم وبين جمال عبد الناصر حول أسلوب تدبير الحكم بعد الثورة، ولعلها كانت أطول حالة انسداد تعاني منها الحركة الإسلامية في مصر (عقد ونصف) إلى أن جاءت لحظة الانفراج السياسي مع حكم أنور السادات.

الثابت، أن المراجعات التي قام بها الإخوان، أو للدقة بعض مفكريهم، ممن قاموا بعملية التأسيس الفكري للتيار الوسطي المندمج في العملية السياسية بكل لوازمها، ومن ذلك القبول بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة ومشاركة المرأة في الحياة العامة، هذه المراجعات ساعدت في إعادة بناء وتجديد الصيغة الإصلاحية، وهيأت الأجواء لوضع حالة الانسداد في ذاكرة التاريخ.

وإذا كان من الطبيعي أن ترفض جماعة الإخوان في مصر الاعتراف بمسؤوليتها في حالة الانسداد التي عرفتها السياسة في مصر بعد دخولها مربع الصراع مع حكم جمال عبد الناصر، فإن غير الطبيعي، هو أن تستمر الجماعة في فرض الربط بين مراجعة صيغتها الإصلاحية، وبين الدور الذي انخرطت فيه غداة الانفراج السياسي، فمؤرخو الجماعة، يصرون في كتاباتهم التأريخية، على أن الأمر يتعلق بنصر الله، وأنهم حالما شعر النظام السياسي بمخاطر الانسداد على شرعيته، جاء الانفراج السياسي، ولم يفعل الإخوان أكثر من إيحاء تنظيمهم بالقواعد الفكرية والسياسية نفسها التي أصل لها الإمام حسن البنا.

تونس.. النموذج المتموج في تدبير حالة الانسداد

ينبغي الإقرار هنا، أن حالة حركة النهضة في تونس، تمثل نموذجا غير منضبط في التعامل مع حالة الانسداد، فالغنوشي، ربما كان أول من أنتج جوابا استثنائيا عن حالة الانسداد سماها الصبر وعدم الاستدراج، ففي مقال قديم له، تحت عنوان موقف الحركة من العنف، نبه إلى خصوصية الحركة، وأنه في الوقت الذي استهدفت بالقمع والاستئصال، وكان من الممكن أن تستدرج لمربع العنف، فإنها اختارت الصبر وعدم الاستدراج، لمواجهة السلطة، ثم كان الخيار الذي التزمه الغنوشي في مواجهة نظام بن علي، وهو تبني أدوات المقاومة السلمية، بما في ذلك البحث عن تحالفات مع المعارضة السياسية، والتوافق معها على أرضية للتغيير السياسي، وهو الخيار الذي انعكس على مرجعية "النهضة" وهويتها وانعطافها إلى تبيئة مفاهيمها مع متطلبات الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان، مما أكسبها تعاطفا كبيرا ليس فقط من داخل الحركة الإسلامية، وإنما أيضا من مختلف الطيف الفكري والسياسي الليبرالي والقومي واليساري فضلا عن كثير من النخب الغربية.

 

الحقيقة أن أطروحة التوافق، أو أطروحة التناول من أجل حماية المسار الديمقراطي، لم تساعد في تأجيل حالة الانسداد أو تجاوزها، بل زادت من إنتاج شروطها، مما جعل النهضة، تلجأ لخيار الشارع

 



بعد الثورة، اتجه المنهج السياسي لحركة النهضة إلى إنتاج مفهوم التوافق، ومفهوم حماية المسار الديمقراطي الذي أنتجته الثورة، فقدمت النهضة تنازلات مؤلمة، بدأت بتنازلها عن أحد قيادييها في رئاسة الحكومة، ثم التنازل عن رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية، ثم التوافق مع أحزاب كانت تعدهم من بقايا النظام السابق، أو من أنصار الثورة المضادة، ثم الخروج من الحكومة بشكل نهائي، ثم القبول بواقع حكومة كفاءات لا تمثل الأحزاب السياسية.

والحقيقة أن أطروحة التوافق، أو أطروحة التناول من أجل حماية المسار الديمقراطي، لم تساعد في تأجيل حالة الانسداد أو تجاوزها، بل زادت من إنتاج شروطها، مما جعل النهضة، تلجأ لخيار الشارع، لتوجيه رسالة بأن أي محاولة لإعادتها للمربع القديم، أي مربع إقصائها أو محاولة استئصالها، هي خط أحمر، لا يمكن تجاوزه.

مؤكد أن تجربة النهضة في الحكم، أو على الأقل في البنية المؤسسية للدولة، غيرت كثيرا من أفكارها، بل أثرت حتى في تصورها لوزنها ولدورها، لكن، تلويحها بخيار الشارع، يؤشر على أنها دخلت مرحلة محدودية الخيارات في مواجهة حالة الانسداد، وأنها لم تجد أي صيغة أخرى، سوى استدعاء الأسلوب الذي اعتمدته الحركة الأم، أي جماعة الإخوان، التي لا تحسن أي جواب في التعاطي مع حالة الانسداد غير لغة الشارع.

حزب العدالة والتنمية.. حالة الانسداد وأزمة الخيارات

وجب التنبيه في هذا السياق، أن الانسداد في الحالة المغربية له مفهوم مختلف، فالقصد منه، أن  الاختيارات القانونية التي تم اللجوء إليها لتأطير العملية الانتخابية، وبالتالي إحداث حلقة أخرى في مسار العملية السياسية، أدخلت الصيغة الإصلاحية للإسلاميين إلى دائرة الشك، فالإسلاميون المغاربة كانوا يعتقدون أن النموذج الديمقراطي المغربي يسمح بتحقيق مكتسبات ديمقراطية تدريجية، وأن الحكومات الإصلاحية، يمكن أن تحقق تراكمات مهمة تعود على المسار الديمقراطي بالتقدم، وكانوا يستدلون على ذلك بتقدمهم الانتخابي والسياسي، فقد انتقلوا من تسعة مقاعد سنة 1997، إلى 45 مقعدا سنة 2002، إلى 47 مقعدا سنة 2007، إلى 107 سنة 2011، إلى 125 سنة 2016، وقد تطور موقعهم في حقل السياسة بشكل سريع حتى تبوأ موقع الصدارة الذي أهلهم لقيادة الحكومة لولايتين.

لكن حدث التصويت على القاسم الانتخابي على قاعدة عدد المسجلين، أدخل الصيغة الإصلاحية إلى دائرة الشك، إذ اعتبر إسلاميو المغرب أنه يمثل "مجزرة للديمقراطية"، إذ من المتعذر ـ معه ـ على أي حزب أن يتصدر العملية الانتخابية تصدرا سياسيا، فتصير نخب الأحزاب وبرامجها غير ذات قيمة، ما دامت الاعتبارات الرياضية والتقنية، تجعل الأحزاب كلها بنفس الوزن السياسي، مع التفاوت الكبير في قواعدها الانتخابية.

بالأمس القريب، كان الثابت الدستوري (الخيار الديمقراطي)، يدفع الإسلاميين، لتبني صيغة النضال الديمقراطي، أي تحقيق المكتسب الديمقراطي بشكل تدريجي، ضمن شروط البيئة السياسية، وباحترام تام لقواعدها. لكن هذا التصور بات يعرف أزمة كبيرة، فالقاسم الانتخابي الجديد، يضع مسلمات هذه الصيغة في دائرة الشك، فإذا كان الإصلاح معلقا على التراكم الديمقراطي، وكان هذا التراكم معلقا على جدية العملية الانتخابية، فإن الأفق اليوم أصبح مهددا بالانسداد.

يختلف إسلاميو المغرب عن غيرهم في التعاطي مع الأزمات في شيء مركزي، فطبيعة النظام السياسي في المغرب، تجعل من ثوابت تفكيرهم عدم الدخول في مواجهة مع السلطة، والابتعاد عن تحكيم لغة الشارع، والحرص على البقاء في مربع التطبيع السياسي مع مكونات الحقل السياسي.

 

بالأمس القريب، كان الثابت الدستوري (الخيار الديمقراطي)، يدفع الإسلاميين، لتبني صيغة النضال الديمقراطي، أي تحقيق المكتسب الديمقراطي بشكل تدريجي، ضمن شروط البيئة السياسية، وباحترام تام لقواعدها. لكن هذا التصور بات يعرف أزمة كبيرة

 



تخترق بنية تفكير الإسلاميين المغاربة ثلاثة أفكار في تدبير التعاطي مع أزمة انسداد الصيغة الإصلاحية:

ـ فكرة إصلاح الخط الديمقراطي. وتنطلق من تقييم يرى أن ما انتهى إليه الوضع السياسي حتى وصل إلى محطة القاسم الانتخابي، هو ثمرة لجملة تراجعات في خط الإصلاح الديمقراطي، ونتيجة لغير نخبه وانزياحها عن هذا الخط، وأن هذه التراجعات التي أقدمت عليها قيادة الإسلاميين هي التي أضعفت أوراق الاعتماد التفاوضية لهذا الخط حتى انتهى به الأمر إلى مواجهة تحدي عدم "الجدية الديمقراطية".

ـ الفكرة الثانية، وهي خط الانتظارية، ويقوم على فكرة أن الأمر يحسمه الزمن، وأن القوى الديمقراطية مدعوة للأناة والصبر وعدم تعجل الاحتكاك مع السلطة، وأن الخيارات التي استهدفت الديمقراطية، ستفرز نتائجها بشكل سريع، وأن الحكمة ستدفع المغرب، ولو بعد حين، إلى مراجعة هذه الخيارات، كما فعل في محطات سابقة.
 
ـ الفكرة الثالثة، وهي ما تسمى بالصيغة اليوسفية نسبة إلى منهج نبي الله يوسف عليه السلام في العمل السياسي، أي محاولة إنتاج صيغة جديدة في السياسة تراعي طبيعة الدولة واحتياجاتها، فطبيعة الدولة ـ حسب هذا التصور ـ إصلاحية، لكن بنيتها منافية للديمقراطية، وأن الشكل الوحيد لممارسة السياسة، هي أن يتماهى الإسلاميون مع مشروع الدولة، وأن يخفضوا سقف تطلعاتهم الديمقراطية، ويكتفوا بأن توفر لها الكفاءات التي تعينها على تنفيذ هذا المشروع.

المشكلة أن ثمة تحديات بيداغوجية، تجعل الإقناع بهذه الأفكار أمرا صعبا، فإصلاح الخط الديمقراطي، يواجهه تحدي الاستقطاب التنظيمي بين نخبتين نخبة المواقع، ونخبة المقاومة السياسية، وتحدي التركيبة السوسيولوجية، التي تجعل نخبا في الأحزاب الإصلاحية، لا تتحمل كلفة هذا الخط. 

أما خط الانتظارية، فمشكلته، عدم القدرة على مواجهة طلبين متناقضين: الطلب على الديمقراطية داخل النخب الشبابية، والطلب على الاستمرار في التجربة الحكومية بأي ثمن، أما الفكرة الثالثة، أي الصيغة اليوسفية، فمعضلتها، أنها تقتضي مراجعة النموذج الديمقراطي برمته من جهة، وتقتضي أن تتحول وظيفة الإسلاميين من شريك في السلطة، يرغب في الفوز في الانتخابات لتأمين ولاية ثالثة في قيادة التجربة الحكومية لتحقيق تراكم إصلاحي وديمقراطي مطرد في البلاد، إلى مجرد ناد لاستقطاب الأطر التقنية. وتنضاف لهذه المعضلة معضلة أخرى، أن حاجة الدولة للكفاءات التقنية وإن كانت ملحة وحاسمة، فإن الطلب على الإسلاميين من هذه الزاوية ـ إن صح أن يكون خيارا، فهو خيار الضرورة، وليس خيار الطبيعة.

التعليقات (1)
عبدو
الثلاثاء، 09-03-2021 01:03 م
مقال جيد في التحليل القطري لبعض الحركات الاسلامية ،لكن يفتقر لعنصر مهم وهو التأثير الخارجي على هذه الحركات ،لان هذا ينفي عنصر مهم في سبب الانسداد السياسي لهذه الحركات واللذي هو بعبع الارهاب اللذي اخترعه الغرب لغزو العراق وبناء مشروع الشرق الاوسط الجديد اللذي تعثر جزئيا بسبب الربيع العربي وصعود الاسلام السياسي . السلطة اللتي تواجه الحركات الاسلامية مجرد تابع للغرب وهو ما يسميه منصف المرزوقي بالاستعمار الثاني وان لم يكن الحقيقي، الانسداد سيبقى مادامت المواجهة قطرية ولم ترقى لمواجهة الغرب نفسه تحت تكتل قوي تقوده تركيا.

خبر عاجل