تسعى
منظمات حقوقية سورية عدة لدفع الاتحاد الأوروبي لإصدار قانون يفرض
عقوبات على النظام
السوري، على غرار قانون "
قيصر" الأمريكي لحماية المدنيين في
سوريا.
وتعكف
المنظمات على جمع الشهادات من عشرات الشهود والناجين من سجون النظام السوري، لبناء
ملف متكامل؛ لعرضه في البرلمان الأوروبي، أملا في إعلان الأخير عن قانون ضد النظام السوري،
يلزم كل الدول الأعضاء.
وقال
مدير "المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية"، المحامي أنور البني، إن
العمل بدأ على ذلك فعلا منذ نحو نصف عام، وهناك حراك حقوقي في
أوروبا لدفع الاتحاد
الأوروبي إلى تبني قانون "قيصر2" أوروبي جديد.
وأضاف
لـ"عربي21" من ألمانيا، أنه بعد إدلاء الشاهد" Z30" أو ما يعرف بـ"حفار
القبور"، بشهادته أمام المحاكم الألمانية، عن وجود مقابر جماعية في دمشق وريفها،
يقدر عدد الموتى فيها بمئات الآلاف من الذين قضوا في سجون ومعتقلات النظام السوري،
لاحظنا اهتماما أوروبيا، ونعمل على إعداد ملف متكامل.
وكشف
البني عن لقاءات تجريها المنظمات مع سياسيين من بلدان أوروبية عدة، لهذا الغرض.
وكان
الاتحاد الأوروبي أصدر في وقت سابق عقوبات ضد شخصيات من النظام السوري، لكن البني
يرى أنه قد يتم التراجع عنها أو تجاوزها، لطالما لم تفرض على شكل قانون، كما هو حال
"قيصر" الأمريكي.
وأضاف:
نتطلع إلى إصدار الاتحاد الأوروبي قانونا ملزما لا يتغير بتغير الحكومات في الدول الأوروبية،
وإن لم نستطع ذلك، سنحاول دفع دول أوروبية بعينها إلى إصدار قوانين تطال النظام السوري،
تمنع تأهيله والتعامل معه بشكل نهائي.
وفي
سياق متصل، أبدى البني رضاه عن نتائج تطبيق قانون "قيصر" بعد نحو 9 شهور من
دخوله حيز التنفيذ، قائلا: "لم يكن القانون أداة عسكرية لإسقاط النظام، وإنما
هو أداة لتضييق الخناق الاقتصادي على النظام السوري، بحيث حجّم القانون رغبة الأطراف
التي كانت بصدد إعادة التعامل مع النظام السوري".
وقال
البني: إن قانون قيصر أدى إلى زيادة المخاوف من قبل كل من يفكر بالتعامل مع النظام
السوري، والآن نسعى إلى دفع الاتحاد الأوروبي إلى إصدار قانون مشابه.
وحول
السقف الزمني المتوقع لإصدار الاتحاد الأوروبي لمثل هكذا قانون، أشار البني إلى صعوبة
التنبؤ بسقف زمني قائلا: "استغرق قانون قيصر قبل إقراره في الولايات المتحدة
نحو أربع سنين، وفي الحالة الأوروبية لدينا 27 دولة، وهذا ما يجعل من اتفاقها على قرار
واحد أمر صعب بعض الشيء".
من
جانبه، لم يستبعد المحامي السوري المعارض، عبد الناصر اليوسف، أن يُقدم الاتحاد الأوروبي
على إصدار قانون "قيصر2" ضد النظام السوري بالاعتماد على الشهود من اللاجئين
السوريين في أوروبا.
وقال
لـ"عربي21" إن جرائم النظام لا تحتاج إلى شهادات شهود، لكنه استدرك بالقول:
"غير أن المسار القضائي يجب أن يعتمد على شهادات وقرائن مثبتة للحكم، وهذا دور
المنظمات الحقوقية التي تنشط في أوروبا".
وحسب
اليوسف، فإن أهمية هذه القوانين تأتي من كونها تقطع الطريق على أي محاولات تقوم بها
روسيا لتعويم الأسد، الذي يعتقد نفسه أنه الطرف الذي انتصر في الحرب، وقال: "باعتقادي
لن يصمد النظام كثيرا أمام هذه الضغوط والأعباء الاقتصادية، ولا بد من أن تطاله ورموزه
يد العدالة قريبا".
وتشهد
الليرة السورية انهيارات متواصلة، ووصل سعر صرفها في الأيام القليلة الماضية إلى مستويات
غير مسبوقة، بحيث تجاوز سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز الـ3600 ليرة سورية، في حين
أن سعره كان بحدود الـ50 ليرة في العام 2011، ويرجع عدد من الاقتصاديين التدهور الأخير
في سعر صرف الليرة إلى تداعيات "قيصر".
وينسب
قانون "قيصر" إلى مصور عسكري في الطب الشرعي لقب بـ"القيصر" انشق
عن النظام عام 2013، وانضم إلى المعارضة وبحوزته آلاف الصور توثق عمليات قتل واسعة
ارتكبتها قوات النظام بحق خصومه خلال الحرب الدائرة في سوريا منذ 2011.