بورتريه

جنرال ميانمار في السلطة لحماية استثمارات العسكر (بورتريه)

هلاينغ
هلاينغ

في السنوات العشر الماضية كان يبدو الحاكم الفعلي للبلاد، حتى في ظل انتقال ميانمار (بورما سابقا) إلى الحكم الديمقراطي المدني، قبل أن تأتي ساعة الصفر للقيام بانقلاب عسكري بداية شباط/ فبراير الحالي. ويقال، في منصات إعلامية دولية، بأن الانقلاب وقع لحماية استثمارات الجيش الضخمة الذي يحصل رسميا على 14% من مجموع الميزانية العامة للدولة.


يقود المرحلة جنرال هادئ وخجول، نجح في تسويق نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير رغم سمعته الملطخة بتهم تصل إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.


درس مين أونغ هلاينغ، المولود عام 1956 في تافوي في بورما، القانون في جامعة "يانغون" عام 1972 قبل أن يلتحق بأكاديمية الخدمات الدفاعية عام 1974 بعد ثلاث محاولات، وبحسب ما نشر عنه فقد نُبذ من قبل زملائه في الدراسة بسبب شخصيته المتحفظة.


عين بعد تخرجه عام 1977 ملازما ثانيا في الجيش، وتدرج في الخدمة العسكرية ووصل عام 2002 إلى رتبة قائد قيادة منطقة، وكان شخصية محورية في المفاوضات مع مجموعتين محليتين من المقاتلين.


لكنه برز بشكل لافت عام 2009 بعد أن قاد هجوما ضد "جيش التحالف الديمقراطي" في كوكانغ.


وأشرف على العمليات في شمال شرق ميانمار، والتي أدت إلى فرار عشرات الآلاف من اللاجئين من الأقليات العرقية، من مقاطعة شان الشرقية ومنطقة كوكانغ على طول الحدود مع الصين.


واستمر هلاينغ في الصعود رغم الاتهامات التي وجهت لقواته بارتكاب جرائم قتل واغتصاب، فأصبح رئيس أركان القوات المشتركة عام 2010.


وفي العام التالي أصبح القائد العام الجديد للقوات المسلحة في ميانمار، ليحل محل رئيس الدولة المنتهية ولايته ورئيس المجلس العسكري الجنرال ثان شوي.


وتزامن ذلك مع انتقال ميانمار إلى الحكم الديمقراطي بعد عقود من الحكم العسكري. وفي عام 2012، دافع عن استمرار دور الجيش في السياسة الوطنية.


كما أقام علاقات عسكرية مع المسؤولين العسكريين الصينيين، ووقع عدة اتفاقيات ثنائية بشأن التعاون الدفاعي مع الصين، والتعاون مع الصين فيما يتعلق بنزاع كاشين.


وتزايد نفوذه السياسي وحضوره مع تولي حزب "الوحدة التضامن والازدهار" المدعوم من الجيش رئاسة الحكومة.


ومع وصول حزب أونغ سان سو تشي، "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، إلى السلطة عام 2016، بدا وكأنه يساير المرحلة مع ضمان استمرار حصول الجيش على 25 في المئة من المقاعد البرلمانية والحقائب الوزارية المهمة المتعلقة بالأمن، وقاوم محاولات حزب سو تشي للحد من السلطة العسكرية.


وجاءت نتائج انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على عكس أمنيات الجيش حيث اكتسح "حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الانتخابات، لكن الجيش والحزب الذي يدعمه، استمرا في رفض النتائج.


وزعم حزب "الوحدة التضامن والازدهار" حصول عملية تزوير في الانتخابات قبل موعد جلسة البرلمان المنتخب، التي كان من المفترض أن تنعقد في الأول من شباط/ فبراير.


ويتحدث الجيش عن وجود 10 ملايين حالة تزوير في الانتخابات، ويريد التحقيق في الأمر، وطالب مفوضية الانتخابات بالكشف عن لوائح التصويت للتحقق منها.


ونفت المفوضية مزاعم التزوير وأكدت أن الاقتراع كان "حرا ونزيها وذا مصداقية"، لكنها أقرت بوجود "ثغرة" في قوائم الناخبين.


وأعلن الجيش حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام، لافتا إلى أنه اعتقل عددا من كبار زعماء الحكومة.


ودعا هلاينغ المواطنين إلى "إعطاء الأولوية للوقائع وليس المشاعر"، مؤكدا أن "الانتخابات ستجري، ليتم تسليم السلطة إلى الحزب الفائز في البلاد".


وفي أول خطاب له منذ الانقلاب العسكري، قال إن "هناك مخالفات في انتخابات العام الماضي تم تجاهلها وإنه لا توجد منظمة فوق القانون".


مشيرا إلى أن "السياسة الخارجية ستبقى دون تغيير وسيتم تشجيع الدول على الاستثمار في ميانمار". وأكد أن "الحكومة ستعطي الأولوية أيضا للتعامل مع تفشي فيروس كورونا ومع ملف الاقتصاد".


وتبدو مسيرة الجنرال هلاينغ ملطخة باتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ففي عامي 2016 و2017 كثف الجيش من حملة القمع ضد أقلية الروهينغيا المسلمة في ولاية راخين.


وفي عام 2018 قال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: "يجب التحقيق مع كبار الجنرالات العسكريين، بمن فيهم هلاينغ، ومحاكمتهم بتهمة الإبادة الجماعية في راخين، فضلا عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ولايات راخين وكاشين وشان".


وعقب هذا الإعلان، حذف "فيسبوك" حساب الجنرال، بالإضافة إلى حظر أفراد ومنظمات قيل إنهم "ارتكبوا أو سمحوا بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في البلاد".


وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات بحقه عام 2019، بسبب دوره في "التطهير العرقي" و"انتهاكات ضد حقوق الإنسان". كذلك فعلت بريطانيا العام الماضي.


وأدين القائد العسكري دوليا بسبب "الإبادة الجماعية"، فقد أفاد مجلس حقوق الإنسان بأن "جنود هلاينغ كانوا يستهدفون المدنيين عمدا في ولايات شمال ميانمار ويقومون بالتمييز المنهجي وانتهاكات حقوق الإنسان ضد الأقليات في راخين".


وبعد سنوات من النزاعات والتهجير، يخشى الروهينغيا من عودة النظام العسكري إلى الحكم وسط مخاوف من نشوب أعمال عنف جديدة في راخين.


وأمضت فئة كبيرة من هذه الأقلية المسلمة سنوات في مخيمات نازحين مزدحمة دون حرية التنقل أو توفير الرعاية الصحية في ظروف يصفها المدافعون عن حقوق الإنسان بأنها ترقى إلى "الفصل العنصري".


وما زال القمع العسكري عام 2017 ومشهد تدمير قرى بأكملها وفرار نحو 750 ألفا منهم إلى بنغلادش هربا من الفظائع وجرائم الاغتصاب والقتل ماثلا أمامهم.


وكانت أونغ سان سو تشي، رئيسة الحكومة الفعلية خلال حملة القمع عام 2017، دافعت عن الجيش البورمي أثناء الجلسات التي عقدتها محكمة العدل الدولية عام 2019 على خلفية الاتهام بالإبادة الجماعية.


وأثار الجنرال هلاينغ جدلا كبيرا بسبب المصالح التجارية الكبيرة لعائلته والتضارب المحتمل في المصالح. وهو مساهم رئيسي في شركة ميانمار الاقتصادية القابضة المملوكة للجيش.


وسيطر الجيش بشكل كامل على مؤسسات الدولة، خصوصا في قطاعي النفط والغاز. وهو يسيطر على شركة "ميانمار أويل أند غاس إنتربرايز" التي لديها شراكات مع "توتال" الفرنسية و"شيفرون" الأمريكية، وهي احتياط كبير في بلد يتلقى ما يقرب من مليار دولار سنويا من بيع الغاز.


ويمتلك نجله عددا من الشركات الخاصة، ولديه أيضا حصة أغلبية في شركة اتصالات وطنية.


وكان من المقرر أن يتنحى الجنرال هلاينغ عن منصب القائد العام للقوات المسلحة بعد بلوغه سن التقاعد المحدد في 65 عاما في تموز/يوليو المقبل. لكنه منح نفسه عاما آخر على الأقل في السلطة مع عودة الحكم العسكري في ميانمار وفرض حالة الطوارئ لمدة عام.


ونقلت "رويترز" عن أحد زملائه السابقين في الدراسة، أنه كان صاحب مستوى دراسي متوسط، وكان يحصل على ترقيات عادية وبطيئة، كاشفا عن أنه تفاجأ بعدما أصبح هلاينغ يرتقي إلى الرتب فوق المتوسطة في سلك الضباط.


ويبدو أن هلاينغ باق في السلطة إلى حين اتفاق العسكر على جنرال آخر يكون واجهة لمصالحهم.

2
التعليقات (2)
ناقد لا حاقد
السبت، 20-02-2021 06:20 م
تماما مثل الجزائر ، عشرات من الجنرالات الطاعنة في السن تنهب و تسرق في مقدرات و خيرات البلاد و العباد ثم يخرج علينا بعض العبيد ليبرر للعبودية من انصار الفاسد تبون و الهالك قايد صالح و المقبور بومدين و كلهم من نفس السلالة ........
عبد الله المصري
السبت، 20-02-2021 03:47 م
كلها مافيا و اكثر من حين اانها تضع قوانين تقنن جرائمها لتتأكد أعرف قوانين المافيا و قوانين مغتصبين الحكم في بلادنا و لا اقول عليهم عسكر لان العسكري لا يخون و لا يفرط في شرفه مقابل مال من الخليج لكن هم مجرمين سفلة