هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خطوة للأمام تشهدها العلاقات المصرية الليبية بفتح القاهرة سفارتها مجددا في العاصمة طرابلس، وذلك في ظل تشكيل حكومة وطنية جديدة، ما اعتبره خبراء ومحللون فرصة جيدة تحقق الجارتان منها مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، قال إن وفدا دبلوماسيا مصريا في طرابلس الاثنين، للإعلان عن إعادة فتح سفارة القاهرة بليبيا، وفق وكالة الأناضول.
وقالت وكالة الأنباء المصرية الرسمية إن وفدا مصريا وصل إلى طرابلس للعمل على التحضيرات الفنية الخاصة باستئناف الوجود الدبلوماسي المصري بليبيا، ودراسة توقيت عودة العمل بالسفارة المصرية بطرابلس والقنصلية ببنغازي.
تلك الخطوة تأتي بعد انتخاب أعضاء ملتقى الحوار السياسي، في 5 شباط/ فبراير الجاري، سلطة تنفيذية مؤقتة لإدارة شؤون البلاد والإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية مقررة في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وهو ما رحبت به القاهرة.
"مصر المستفيد الأكبر"
وحول دلالات فتح مصر سفارتها في ليبيا مجددا بعد إغلاقها منذ 2014، يرى رئيس حزب "الجيل" ناجي الشهابي، أن مصر تتعامل مع الملف الليبي بواقعية شديدة طبقا لسياستها المعلنة وهي الحفاظ على وحدة التراب الليبي ومؤسساتها الوطنية، ومصر الآن تتعامل مع كل الأطراف الليبية، على حد قوله.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف السياسي المصري، أن "زيارة وفد مصري طرابلس مؤخرا، وإعلان الخارجية الليبية عن فتح سفارة مصر بطرابلس يؤكد الدور المصري المنفتح على كافة الأطراف للدفع بعملية السلام، ودعم الحكومة الشرعية التي اتُفق عليها مؤخرا".
اقرأ أيضا: وفد مصري بطرابلس الليبية خلال ساعات لإعادة فتح السفارة
ويعتقد الشهابي، أنه "سيكون هناك الكثير من المعطيات على الأرض؛ فليبيا لها أموال ضخمة مجمدة ببنوك دول غربية، تشكل مصالح ضخمة لهذه الدول، والحكومة الشرعية يمكنها سحب هذه الأموال واستخدامها لإعادة الإعمار بالربوع الليبية التي تهدمت منذ سقوط الدولة".
ولفت إلى أن "القوى الدولية ما زالت طامعة بحقول البترول الليبية"، مبينا أن "هذه المعطيات ستصاغ بشكل مختلف مع تولي بايدن"، مشيرا إلى أن "الدور المصري سيكون فاعلا في هذه المرحلة، وقريبا من الأطراف المتصارعة ومسعاه الأساسي احترام اتفاق السلام والتعامل مع الحكومة المنتخبة".
ويرى رئيس حزب "الجيل"، أن "إرسال وفد مصري رفيع المستوى إلى طرابلس، ورقة جديدة تلقي بها الحكومة المصرية والجهات الأمنية المصرية على طاولة الأطروحات الموجودة حاليا، حتى يكون هناك تواصل بين كافة الجهات المتصارعة، وذلك لصالح ليبيا، ولصالح الأمن القومي المصري والعربي".
وحول المكاسب المحتملة اقتصاديا وسياسيا في علاقات البلدين بفتح السفارة، قال إن "فتح سفارة القاهرة بطرابلس يعني أن سيناريو الحل السلمي أصبح الأقرب، وما يترتب عليه من آثار؛ أهمها بدء خطة إعمار واسعة تعيد العمالة المصرية الكبيرة للعمل فيها بما يخفف من مشكلة البطالة التي يعاني منها السوق المصري".
وأكد الشهابي، أن "ذلك من أهم المكاسب المصرية العائدة من فتح سفارتها في طرابلس، وكذلك مكسب الابتعاد عن سيناريو الحرب غير المقبول من جميع القوى الدولية اللاعبة في ليبيا، فإن علاقة مصر بحكومة طرابلس يغلق باب الحرب نهائيا".
وختم حديثه بالقول إن "إحلال السلام في ليبيا واختفاء شبح الحرب يعني بدء حركة تنموية ضخمة في ليبيا المستفيد الأكبر منها هو مصر".
"مصلحة مصر في ليبيا هادئة"
وفي تقديره للموقف قال المحلل السياسي الليبي الدكتور فرج دردور، إن "الوضع الطبيعي هو وجود علاقات وثيقة بين مصر وليبيا، وهذا على مر التاريخ، والوضع الاستثنائي هو وجود ما يشوب هذه العلاقات من توتر".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "ولهذا سيغلب الوضع الطبيعي على الاستثناء، ومن هنا كانت عودة العلاقات الليبية المصرية، تجسيدا لمفهوم التواصل والتعاون المستمر بين البلدين".
وأكد دردور، أن "مصلحة مصر لن تتحقق في ليبيا إلا وهي دولة هادئة مستقرة، وعليه فإنها حتما ستساعد بكل السبل لإزالة التوتر لما فيه مصلحة الشعبين".
ويعتقد أنه "من هنا كانت الزيارات المتبادلة حاضرة لتضع الأمور في نصابها وتعيد ترتيب تبادل العلاقات في المستوى الطبيعي لدولتين تربطهما مصالح مشتركة وتداخل اجتماعي وتوأمة اقتصادية وتفاعل شعبي".
اقرأ أيضا: هل تنجح اجتماعات مصر في حسم الاستفتاء على دستور ليبيا؟
وظلت ليبيا الجارة الغربية لمصر ملاذ العمالة المصرية وخاصة في مجال التعمير والبناء، فيما كانت تقدر في فترة تسعينات القرن الماضي بنحو مليون و200 ألف مصري، إلا أن تلك الأعداد تراجعت بشكل ملموس تباعا ومنذ العام 2012، وحتى اليوم، ما أفقد مصر وعمالتها مصدرا هاما للدخل.
وعلى مدار نحو عامين تأثرت العمالة المصرية بشكل كبير في ظل انتشار فيروس كورونا، إلا أن فرض حالة السلام في ليبيا تمثل بارقة الأمل للمصريين، للعودة إلى المدن والبلدات الليبية التي تحتاج إلى إعادة تعمير لما هدمته الحرب بالسنوات الماضية.
ووفق بيانات رسمية مصرية في كانون الثاني/ يناير 2020، فقد انخفض حجم الميزان التجاري بين مصر وليبيا مقارنة بعام 2019، ووصلت قيمة التعاملات التجارية نحو 404.8 ملايين دولار مقارنة بـ567.4 مليون دولار مقارنة بعام 2018، بتراجع بنحو 162.6 مليون دولار.