ملفات وتقارير

الانتخابات الفلسطينية.. هل تؤسس للمصالحة أم إدارة الانقسام؟

المصالحة- اف ب
المصالحة- اف ب

مع استمرار الانقسام لأكثر من 14 عاما، وتأخر إجراء الانتخابات الفلسطينية لـ10 أعوام، يتساءل كثيرون ممن يهتمون بالشأن الفلسطيني، عن مدى مساهمة الانتخابات المقبلة في تحقيق المصالحة والوحدة، أو أنها ستعمق المشكلة الفلسطينية. 

تفاعلات كثيرة 

ووفق المرسوم الذي صدر عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الجمعة 15 كانون الثاني/ يناير 2021، ستجرى انتخابات المجلس التشريعي في 22 أيار/ مايو 2021، والرئاسية في 31 تموز/ يوليو 2021، على أن تستكمل المرحلة الثالثة الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني، التي تعد نتائج انتخابات التشريعي هي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس يوم 31 آب/ أغسطس 2021. 

وحول قراءته لإمكانية تأسيس الانتخابات لمصالحة أو أن تساهم في تعميق الانقسام، أعرب هاني المصري، الخبير السياسي ومدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، عن أسفه للطريقة التي يتم التعامل في هذا الملف، التي "تجعل من الأرجح، وجود نوع من الانقسام وإدارة وتعميق الانقسام، ولكن ليس من الضرورة أن تنجح المخططات". 

وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أنه "تجري الكثير من التفاعلات التي ترفع نسبه الأمل، ولكن لا تزال المخاطر كثيرة، وعلى سبيل المثال فإن القائمة المشتركة، هناك تفاعلات كثيرة -خاصة داخل فتح- ضدها، وعلى الأغلب أنها لن تمشي". 

 

اقرأ أيضا: تحذير من نتائج عكسية للانتخابات الفلسطينية إذا لم تهيأ الأجواء

ورأى المصري، أنه "من أجل أن تؤدي هذه الانتخابات إلى الوحدة الفلسطينية، يجب أن تكون هناك حكومة انتقالية محايدة تحضر للانتخابات وتشرف عليها، تفاديا لتجيير أي طرف مقدرات السلطة لخدمة مصالحه، لأنه من الممكن أن تكون هناك الآن تعيينات ورشاوى لخدمة هذا الطرف أو ذاك". 


ونوّه إلى أن "الفرصة ما زالت متاحة لإقامة مثل هذه الحكومة التي تعتمد على الوفاق الوطني، وتتكون من شخصيات لا تريد الترشح للانتخابات ومتفق عليها، وهذا الأمر يتيح أجواء من الثقة وتزيل الشكوك والقلق، وذلك بإيجاد جهة واحدة تشرف على إجراء الانتخابات". 

وقال الخبير السياسي الفلسطيني: "نحن لسنا وحدنا، إسرائيل لاعب رئيس وهي لم تقل كلمتها بعد، وهذا يتطلب أن نحصن أنفسنا من أي موقف سلبي إسرائيلي تجاه الانتخابات، ما يوجب علينا الاتفاق السياسي المتكامل"، مشددا على أهمية أن "يبحث لقاء القاهرة المرتقب، في جميع القضايا المحورية، وليس فقط إجراء الانتخابات، وذلك على طريق رفع مستوى الضمانات وتقليل المخاطر". 

مخاوف وعوائق 

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: "المأمول أن تحقق الانتخابات مصالحة حقيقية، وهذا ما يتبناه شعبنا ويرغب به الجميع، ولكن من المبكر الحديث أن الانتخابات ستؤدي إلى مصالحة أو حتى أنها ستتم وفق الظروف القائمة حالية". 
 
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أرهن موضوع الانتخابات بلقاء القاهرة المرتقب، ففي حال وضع هذا اللقاء النقاط على الحروف وتم التوافق على كل القضايا الخلافية، فهذا يعطي مؤشرا بأن هناك انتخابات، هي مقدمة لحدوث مصالحة داخلية، في ضوء ظرف خطير جدا على القضية، يهدف لتدمير قضيتنا بالكامل، وهذه الخطوة جاءت في اللحظات التي هي الأخطر على القضية". 


وعن المخاوف من استغلال بعض الأطراف الانتخابات لإدارة الانقسام الفلسطيني بدلا من الخلاص منه، أكد الصواف، أن "هذا أمر وارد، فمحمود عباس وحركة فتح، هما من أكثر الأطراف التي تشكل عائقا أمام وحدة شعبنا، وأنا أؤكد أن عباس لا يريد وحدة، هو يريد انتخابات التشريعي فقط، ولن يكمل بعد ذلك، حتى يرضي الأوروبيين ليقدموا له الدعم"، وفق تقديره. 


ونبّه الكاتب، إلى أن "أطرافا داخل فتح أيضا لا تريد الوحدة ولا المصالحة من مثل: حسين الشيخ، وماجد فرج، وعزام الأحمد.. وهذه حقيقية، هم يريدون أن تبقى أوسلو العنوان، وهذه إحدى الإشكاليات التي تواجه الشعب الفلسطيني"، مؤكدا أن "هناك أيضا أطرافا عربية لا تريد لشعبنا أن يتحد، وصولا إلى مرحلة تصفية القضية". 

 

اقرأ أيضا: "عربي21" تقرأ شكل مشاركة فصائل المقاومة بالانتخابات المقبلة

ومع كل هذه الإشكاليات، رأى أن "الشعب الفلسطيني قادر على تجاوز كل هذه العقبات فيما لو استخدم حقة وإرادته في تحقيق ما يريد، في ظل تحكم عباس وزمرته داخل حركة فتح بالقضية، أما منظمة التحرير التي لم تعد قائمة، فهي ميتة بتركيبتها الحالية". 

وقال: "على الجميع في حال لم تحدث مصالحة ووحدة قائمة على أساس مصلحة الشعب الفلسطيني وصون حقوقه وثوابته، فلا بد للقوى الفلسطينية وعلى رأسها حماس، أن تجلس معا جلسة حقيقية ليفكروا كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة وبأي طريقة، بحيث أن من يملك القرار هو الشعب وتصبح هذه القوى مع الشعب". 

هل هناك انتخابات؟ 

 
أما الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فنبه إلى أن "الشارع الفلسطيني لا يهتم بالانتخابات أو غيرها، لأن خيبات الأمل تكررت، ويكاد لا يصدق أن هناك انتخابات"، معتبرا أن "تحقيق المصالحة يعتمد على الأوضاع بعد الانتخابات، لذا فإن من الممكن أن تؤسس هذه الخطوة لإنهاء الانقسام، خاصة أن الكل يصبح في إطار النظام السياسي". 

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه "في حال أجريت الانتخابات بمراحلها الثلاث، فسنكون أمام حالة شراكة ونضال من داخل المؤسسة، وهذا يشكل بداية معقولة جدا للذهاب خطوة خطوة باتجاه إنهاء الانقسام"، متفقا مع المصري، في ضرورة "وجود حكومة واحدة في غزة والضفة، لتصبح الانتخابات تتويجا لهذه المصالحة". 

وأكد عوكل، أنه "في حال لم تؤد الانتخابات إلى تحقيق المصالحة، فسنكون أمام أوضاع لا تختلف كثيرا عن الأوضاع الراهنة". 

وأشار إلى أن "الأمر مرهون بالقيادات السياسية ونتائج الانتخابات؛ ففي حال كانت تجربة الانتخابات شفافة وحقيقية والتزم الجميع بها، وشعر كل طرف بأنه أخذ حقه الطبيعي عبر صناديق الاقتراع، فلربما يشجع هذا على بناء الثقة والتوجه تدريجيا نحو معالجة وتفكيك مؤسسات الانقسام". 

ولفت الكاتب، إلى وجود "مخاوف من أن تجرى الانتخابات التشريعية ثم يتوقف الحال، أو تشريعية ورئاسية فقط، وهذه مخاوف مشروعة، لأنه ما تزال في العقل الباطن للفصائل المعنية حسابات فئوية خاصة لها علاقة بمراكز القوى ودور كل طرف في القرار السياسي والمؤسسة الوطنية الفلسطينية، بعد مرحلة تراجع في أدوار الفصائل وشعبيتها". 

 

اقرأ أيضا: هل يسمح الاحتلال بإجراء انتخابات للفلسطينيين داخل القدس؟

وأضاف: "يجب أن نتذكر أن إسرائيل موجودة، وهي ليست لها مصلحة أبدا في استعادة الوحدة الفلسطينية، ولذلك فإنه وارد جدا أن تكون الانتخابات مدخلا لإدارة الانقسام، خاصة في ظل عقبات كبيرة موجودة على الأرض، مع التأكيد على أن الانقسام مهما كان حجمه هو في غير صالح الفلسطينيين". 

ورأى عوكل، أن "المرحلة القادمة ليست مرحلة سلام مع إسرائيل، لذا يفترض أن توفر مناخا أفضل للفلسطينيين كي يستعيدوا وحدتهم ويعيدوا بناء حساباتهم على ضوء ما جرى في مرحلة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وفي حال لم يتم استثمار هذه الفرصة، فسيتأخر كثيرا إنهاء الانقسام مع تآكل الوضع الفلسطيني".

التعليقات (0)