هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن فشل مسيرة مصر نحو الديمقراطية، بعد مرور عشر سنوات على الثورة التي قامت ضد نظام حسني مبارك، في ظل نظام عسكري قمَع كل الحرية والأمل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في 25 كانون الثاني/ يناير 2011، واجهت مصر عشرات المسيرات القادمة من جميع أركان مدينة القاهرة الكبرى، واصطفت على الطريق المؤدي إلى ميدان التحرير. لأول مرة منذ سنوات تجاوز عدد المتظاهرين قوة الشرطة. واشتعل الغضب عند مفترق طرق كان مركز العالم على مدار 18 يوما.
وأضافت الصحيفة أنه بعد مرور عشر سنوات على اندلاع الثورة في مصر، لم يتحقق أي إنجاز يتجاوز ذلك المتمثل في الإطاحة بحاكم مستبد ظل لمدة ثلاثة عقود في القصر وإحباط خلافة ابنه جمال.
فيما انتهت الرئاسة العابرة للإسلامي محمد مرسي بشكل مفاجئ، في 2013 بانقلاب أدى إلى دكتاتورية المشير عبد الفتاح السيسي. على ضوء ذلك، قال حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي أُطلق سراحه خلال السنة الماضية بعد شهور قضاها خلف القضبان بسبب انتقاده لنظام السيسي والنخبة العسكرية: "كانت تلك ثورة ضد الاستبداد والظلم الاجتماعي والفساد، لكن، ما زالت كل هذه الانتهاكات منتشرة ومتواصلة في البلاد اليوم".
اقرأ أيضا: كيف استخدم "العسكر" الإعلام للانقلاب على ثورة يناير؟
ونقلت الصحيفة عن حسن نافعة، الذي أسس "الجمعية الوطنية للتغيير" قبل أشهر من انتفاضة 2011 "أن النظام الحالي غير قادر على حل مشاكل الشعب، حيث يعيش حوالي 60 بالمئة من السكان تحت خط الفقر. كما تسيطر الأجهزة الأمنية تماما على الإعلام ولا توجد معارضة سياسية أو تقسيم للسلطات، وغالبا ما تكون الانتخابات زائفة نتيجة تدخل الأجهزة الأمنية المكثف لدرجة أنها تختار حتى المرشحين. ولم يكن هناك حتى مرشحون حقيقيون ضد السيسي في الانتخابات الرئاسية".
وقالت الصحيفة، إن كل الأحلام التي تلت رحيل مبارك عن السلطة تلاشت تماما، في حين فر محمد البرادعي، الذي أصبح نائبا لرئيس البلاد بعد الانقلاب، في حالة من الفزع بعد شهر من تعيينه، عقب طرد الحكومة للإسلاميين الذي راح ضحيته آلاف الأشخاص، علما وأن انتهاكات حقوق الإنسان تتمتع بالإفلات التام من العقاب.
وأضافت الصحيفة أن أحلك الأحداث في التاريخ الحديث للبلاد، التي حدثت خلال هذا العقد، أصبحت بمنأى عن المساءلة، بعد أن حجبت القيادة العسكرية بالقانون كل تحقيق علني لتدخلاتها.
وبحسب الناشط الحقوقي الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد في مصر ووقع ترحيله بعد 16 شهرا من الإضراب عن الطعام، محمد سلطان "تعتبر مصر اليوم سجنا في الهواء الطلق، يتبع النظام منهجية دقيقة للغاية: لقد اختبر أولا جميع أدوات القمع المتاحة له مع الإسلاميين. وعندما لم تحدث الإدانة الدولية، زادت رغبته في استخدامها ضد أعضاء آخرين في المجتمع، من النشطاء إلى الصحفيين والمعارضين الليبراليين، وحتى ضد أولئك الذين كانوا ذات يوم جزءا من النظام".
مأساة وأمل
وفي ظل حكم المؤسسة العسكرية التي وسعت مركزها الاقتصادي من خلال المشاريع الضخمة، وقع التخلص من المنافسة السياسية من الساحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يقبع أكثر من 60 ألف معارض في السجون بينما وقف الآلاف أمام محاكم عسكرية.
اقرأ أيضا: الغارديان: 10 سنوات على ثورة الحرية المصرية والخوف مستمر
على ضوء ذلك، أشار باسم كامل، نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي: "أردنا إقامة ديمقراطية والتمتع بالحرية والكرامة. كان شعار الثورة الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، لكننا لم نحقق شيئا. لا توجد حتى حرية المشاركة في الحياة السياسية". ويضيف قائلا: "بعض أعضائنا يتواجدون وراء القضبان لأنهم يمثلون تطلعات الثورة. لا يوجد دليل على أن الوضع سيتغير في أي وقت قريب".
ووفقا لعالمة السياسة الأمريكية في مركز كارنيجي ميشيل دن، "تبدو مصر اليوم غارقة في شكل من أشكال الاستبداد يعتبر أكثر قسوة وأكثر عسكرة مما كان عليه قبل انتفاضة 2011. يكمن السبب الرئيسي لفشل محاولة التحول الديمقراطي في عدم قدرة القوى السياسية والاجتماعية على الاتفاق بشأن برنامج تغيير واسع. كانت الثقة بين الأحزاب السياسية مهزوزة لدرجة أن القيادة العسكرية كانت قادرة على الانقسام والفوز".
وفي الختام، نقلت الصحيفة عن زهرة سعيد، شقيقة الشهيد الأول للثورة، أن "الناس ما زالوا يموتون أو يُسجنون أو يضطرون إلى مغادرة البلاد بسبب ممارسات النظام. أشعر أن النظام أسوأ من ذي قبل. ما زلت آمل أن يقع تعويض حقوق أولئك الذين قُتلوا بوحشية وسجنوا ظلما. يمكن أن يكون المستقبل مشرقا إذا حققنا العدالة بالنسبة لجميع الذين ظلموا وماتوا".