هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعيش حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن، صراع أجنحة، فتكت به، منذ مقتل زعيمه، علي عبدالله صالح، على أيدي حلفائه الحوثيين في صنعاء نهاية العام 2017، وسط فشل جهود ومبادرات لملمته، وهو ما يضع علامات استفهام عدة حول أداء وأدوار الحزب الذي حكم البلاد لثلاثة عقود.
ويتساءل كثيرون عما يعوق توحيد هذه الأجنحة المتصارعة، خاصة المؤيدة للسلطة الشرعية، وما مبررات هذا التشرذم وصراع برزت ملامحه غير مرة، وآخرها، البيان الذي نشره موقع "نيوز يمن" الذي يديره، سكرتير صالح، نبيل الصوفي، في الأيام الماضية، ونسّبه للجنة العامة لحزب المؤتمر، الذي أعلن رفضه تعيين أحمد بن دغر، الذي يشغل أمين عام مساعد في الحزب، رئيسا لمجلس الشورى.
وفي الوقت الذي باركت فروع محلية بالحزب تعيين بن دغر، رئيس لمجلس الشورى، حذر هذا الفصيل (المدعوم من الإمارات) من أن أيام الشرعية باتت معدودة إذا لم تتراجع عن هذا القرار وقرارات أخرى، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها اصطفاف إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، وتوريط لاسم الحزب في تحالف بدأت ملامحه في التجلي مع الانتقالي.
اقرأ أيضا: مصدر يمني: محاولات إماراتية لتعطيل ميناء نفطي افتتح حديثا
"هوس الزعامة"
وتعليقا على هذا الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء، عادل الشجاع؛ إن قيادات المؤتمر تعاني من "هوس الزعامة، إذ يعتقد كل واحد منهم أنه الأقدر والأجدر بملء الكرسي الذي كان يجلس عليه علي عبدالله صالح، في إشارة إلى رئاسة الحزب".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "هذا الهوس هو الذي أدى إلى هذا الصراع المرير على الكرسي الأول في الحزب".
وأكد الشجاع وهو قيادي بارز بحزب المؤتمر، أن "الصراع اليوم على أشده داخل هذه القيادات التي انفصلت عن القواعد وتحديدا القيادات المنضوية في الشرعية، التي احتكرت المؤتمر باسمها دون مشاركة القواعد، واكتفت أن تكون عبارة عن أفراد مبتورة من قواعدها".
وأشار إلى أن "ثقافة الاستحواذ هذه؛ هي التي جعلت هؤلاء الأفراد يتصارعون، وليس الأجنحة، موضحا أن "الأجنحة تكون مشمولة بعدد كبير من القواعد وهذا غير موجود".
وبحسب الأكاديمي اليمني، فإن "هذه الثقافة بالإضافة إلى وهم الزعامة هما اللذان يمنعان أو يعيقان توحيد هذه القيادات".
وتابع بالقول؛ إن "رفض الدكتور أحمد عبيد بن دغر جاء في بيان مجهول الهوية بما يدل أن الذين يقفون وراءه أفراد لا قوة لهم وسط القواعد".
وهو تأكيد، وفقا للقيادي بحزب المؤتمر الشجاع، على "فكرة وهم الزعامة، ليعترضوا على قيادي منهم وفيهم تحت وهم أن يصبح زعيما على حسابهم".
وأوضح الأكاديمي والقيادي بالحزب أن "مبررات هذا التشرذم كل ما سلف ذكره، بالإضافة إلى خواء هذه القيادات وإفلاسها السياسي والحزبي، فأغلب هذه القيادات غير مسيسة، وتجربتها السياسية محدودة"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: اليمن خلال 2020.. انتكاسات عسكرية وانقلاب واستقالات
ولفت إلى أن "المؤثرات الخارجية كشفت هذا الصراع وأظهرت حدته وكانت دليلا عليه مثلما كانت الشمس دليلا على الظل برغم وجوده أصلا".
ويشهد حزب المؤتمر تشظيا وانقساما غير مسبوق، منذ اندلاع ثورة 11 شباط/ فبراير في العام 2011 مرورا بما يعرف بـ"الانقلاب الذي قاده الحوثيون خريف 2014، وصولا إلى أحداث كانون الأول/ديسمبر 2017 التي انتهت بمقتل زعيم الحزب صالح".
وبعد مقتل صالح، انقسم الحزب إلى تيارات عدة، الأول "موال للحوثي في صنعاء"، والثاني "محسوب على نجله أحمد"، بالإضافة إلى تيار ثالث موال للرئيس عبدربه منصور هادي.
"صيغة معقدة"
من جانبه، يقول الكاتب والصحفي اليمني، كمال السلامي؛ إن "الانقسام داخل حزب المؤتمر الشعبي العام، بدأ منذ تولي الرئيس هادي السلطة في فبراير 2012".
وتابع حديثه الخاص لـ"عربي21": "لكنه أصبح أكثر عمقا وحدة، بعد اغتيال الحوثيين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي كان يشغل رئيسا للحزب.
وأشار السلامي إلى أنه "قبل مقتل صالح، كان هناك جناحان، الأول يرأسه صالح، ويضم قطاع واسع، والآخر يرأسه هادي وبعض القيادات الأخرى، أما بعد اغتيال صالح، فقد أصبح هناك أجنحة متعددة".
وأوضح: "هناك جناح أبو راس (رئيس الجناح الموالي للحوثي) والراعي (قيادي مؤتمري ورئيس مجلس النواب الموالي للحوثي) انخرط كليا في بوتقة الحوثي، بالإضافة إلى جناح الشرعية بقيادة هادي وبن دغر وآخرين، وجناح آخر، يتزعمه البركاني وآخرين، قريب لهادي والشرعية، مع علاقات إيجابية وميل واضح نحو الإمارات، وقطيعة مع جناح الحزب المؤيد للحوثيين".
وأضاف: "فضلا عن الجناح الرابع، الذي تشكل تحت سمع وبصر الإمارات، وهذا يتزعمه أحمد علي صالح، سفير اليمن السابق لدى الإمارات، والقربي (وزير خارجية سابق) وآخرين، وهؤلاء لديهم علاقات مستمرة مع جناح صنعاء"، وفق قوله.
وبحسب السلامي، فإن "هذه الصيغة المعقدة جعلت من الصعب إعادة لململة الحزب، حتى برز مؤخرا خلاف بين قياداته المؤيدة للشرعية، مع صمت وتجاهل بعض القيادات الفاعلة، للأخطار التي تتهدد اليمن وتقف وراءها الإمارات".
وأوضح الكاتب اليمني أنه "أصبح من الصعب الحديث عن إعادة توحيد هذه الأجنحة، بل بات من الصعب أيضا توحيد قيادات الحزب المؤيدة لحرب استعادة الدولة، بسبب حدة الاستقطاب الإقليمي، فجزء كبير منهم التحقوا بمعسكر أبوظبي، وآخرون بمعسكر السعودية".
وقال: "لعل ما يؤكد حدة الانقسام داخل أجنحة المؤتمر الواقفة على الجانب الآخر من الحوثيين، هو البيان الذي نشره موقع "نيوز يمن" المقرب من جناح أبو ظبي، وبدى رافضا ومتهما لهادي بالسطو والتعدي على الدستور، وأيده في ذلك القيادي أبو بكر القربي، في حسابه بموقع تويتر".
ويعتقد الصحفي السلامي أن "الإمارات تقف وراء الموقف المتطرف لقيادات في الحزب ضد هادي"، لافتا إلى أن توحيد جبهة الشرعية والتحاق المؤتمرين بركبها، سيقلص تحرك أبو ظبي ويفقدها نفوذها في اليمن، مع الإشارة إلى مساعي أبو ظبي، دعم تيار من المؤتمر ليكون بديلا لهادي وشريكا للانتقالي.
"الإمارات أحد الأسباب"
وبالنسبة لمبررات التشرذم، يرى السلامي أن "الإمارات هي أحد الأسباب"، مضيفا أن السبب أو المبرر الأهم، هو أن الحزب كان قائما على شخص علي عبدالله صالح، فلما رحل، انفرط العقد، وصار هناك تكتلات داخل الحزب، ورغبة في الاستئثار بتركة صالح السياسية، وربما المالية.
وقال: "إجمالا، الحوثيون بدرجة رئيسية ثم الانتقالي، هم أكثر المستفيدين من تشرذم المؤتمر، وهذا يتضح من خلال سطو الكيانين الانقلابيين على قواعد الحزب، وكوادره".