هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أفاد موقع سوري متخصص، في تقرير له، بأن النظام السوري، تفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي في قاعدة حميميم الروسية قبل شهر، في حين نفت دمشق صحة ذلك.
وأفاد موقع "جسور" في التقرير الذي أعده مديره محمد سرميني، بأن "قاعدة حميميم شهدت في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي لقاءً جمع نظام بشار الأسد بمسؤول أمني إسرائيلي، وبحضور عسكري واستخباراتي روسي".
ونقل معلوماته عن "مصادر موثوقة"، قالت له إن "اللقاء حضره من الجانب السوري رئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك، ومستشاره الخاص للشؤون الأمنية والاستراتيجيَّة اللواء بسام حسن، ومن الجانب الإسرائيلي الجنرال غادي إيزنكوت من رئاسة هيئة الأركان، والجنرال السابق في الموساد آري بن ميناشي، وبحضور أليكساندر تشايكوف قائد القوات الروسية في سوريا".
في المقابل، ردت وزارة خارجية النظام السوري، الاثنين، على الأنباء هذه، وقالت وفق ما نقلته وكالة أنباء "سانا"، بأنها "مأجورة".
وقال مصدر مسؤول في الخارجية: "تنفي الجمهورية العربية السورية بشكل قاطع الانباء الكاذبة التي تروج لها بعض وسائل الإعلام المأجورة حول حصول لقاءات سورية إسرائيلية في أي مكان".
وأضاف: "تؤكد سوريا أنها كانت ولا تزال واضحة في سياستها وتتخذ قراراتها بما يخدم المصلحة الوطنية والقضايا العادلة للأمة العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتحرير كامل الجولان العربي السوري المحتل والأراضي العربية المحتلة وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة"، بحسب قوله.
وتابع المصدر السوري قائلا: "القوى التي تقف وراء هذه الأكاذيب هي نفسها التي تسعى لاهثة للتطبيع مع هذا الكيان، وتحاول جر كل المنطقة إلى تحالفات صهيونية غربية، عبر الترهيب تارة أو الترغيب تارة أخرى.. وعندما تفشل تلجأ لمثل هذه الطرق الساذجة عبر نشر الأخبار الكاذبة"، على حد تعبيره.
وعن تفاصيل اللقاء الذي ذكرته "جسور"، قال سرميني: "عرض الأسد في هذا اللقاء مطالب عدة، أبرزها، العودة لجامعة الدول العربية، والحصول على مساعدات مالية لسداد الدين الإيراني؛ وبالتالي فتح المجال لنظامه لإخراج إيران من سوريا، ودعمه لتثبيت حكمه، وإعادة العلاقات مع المحور السني العربي".
اقرأ أيضا: الأسد لا يمانع "علاقات طبيعية" مع الاحتلال.. ويشترط
ومن المطالب أيضا بحسب تقرير "جسور"، "دعم إسرائيل لسوريا اقتصادياً، والمساعدة على وقف العمل بالعقوبات المفروضة على سوريا، وإيقاف قانون العقوبات سيزر".
وفي المقابل طلب الجانب الإسرائيلي "تفكيك ما يُسمى بمحور المقاومة والممانعة، وإخراج إيران من سوريا بشكل كامل، وإخراج قوات حزب الله اللبناني، وكامل المليشيات الأجنبية من سوريا، وتشكيل حكومة بالمناصفة مع المعارضة السورية، وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية السورية بشكل كامل، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية بشكل كامل، وإعادة الضباط المنشقين بضمانة روسية أمريكية إسرائيلية".
وأوضح أن "هذا اللقاء الأولي لم ينتهِ إلى اتفاقات محدَّدة؛ إلا أنه يُشكل بدايةً لمسار تدفع روسيا باتِّجاهه بقوة، ويُعتقد أنَّه سيشهد توسعا كبيرا في عام 2021، حيث ترى موسكو أنَّ بناء علاقة مباشرة بين نظام الأسد وتل أبيب يمكن أن يُشكّل طوقَ النجاة للنظام؛ وبالتالي لمسعاها في الحصول على الاعتماد الدولي لمشروعها للحل السياسي في سوريا".
وأضاف "جسور" أن "السلام مع إسرائيل يمثِّل حلا مثاليا لنظام الأسد للخروج من حالة الحصار الدبلوماسي والاقتصادي التي يعيشها منذ عشر سنوات تقريبا، كما قد يمنح نظامه بطاقة عبور لعقود قادمة في الحكم، ما لم يحصل انفجار شعبي آخر، أو تنشأ ظروفٌ أخرى غير محسوبة في المستقبل".
وقال سرميني تعلقيا على ذلك: "بلا شك، فإنَّ إسرائيل من جهتها سترحِّب بالتعاون الرسمي من طرف النظام، وفي تحويل علاقتها الممتدَّة معه منذ نحو نصف قرن إلى طابع أكثر رسمية، وهي تُدرك أنَّه الخيار الأفضل بالنسبة لأمنها مقارنة مع أيِّ فاعل مرَّ على سوريا خلال السنوات العشر الماضية، وهو الإدراك الذي دفعها طيلة العقد الماضي للحيلولة دون سقوطه بأيِّ شكل".
وتابع بأن "إيران من جهتها تُدرك أنَّ الأسد يبحث بكلّ شكل عن مخارج تُعيده إلى المنظومة الدولية، وتساعده على التخلّص من القيود الإيرانية والروسية، أو من إحداها على الأقل، ولذا فإنّ طهران تسعى إلى عرقلة جهود النظام، وقبل ذلك عرقلة جهود روسيا التي تُهندس هذه التوجهات".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: حديث الأسد عن السلام يهدف لبقائه في السلطة
وأشار إلى أن "طهران تُدرك بأنَّ قدرتها على الضغط الفعلي على روسيا محدودة جدَّاً، كما تُدرك أنَّ علاقة نظام الأسد معها علاقة براغماتيَّة بحتة، ولذا فإنّها لا تُعوّل على احترام الطرفين روسيا أو نظام الأسد لالتزاماتهم معها، بل تسعى إلى تسريع عملية تجذُّرها في بُنية الدولة والمجتمع في سوريا، بما يجعل اقتلاعها من أيِّ طرف بما في ذلك روسيا والنظام أمراً بالغ الصعوبة، لكنَّه ليس مستحيلاً بطبيعة الحال".
واعتبر أن "لقاءات الأسد مع الإسرائيليين تُفسِّر الخطاب الإيراني الأخير، الذي قدَّمه الناطق باسم المشروع الإيراني في المنطقة حسن نصر الله، نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2020 في خطاب وفي مقابلة مطولة، حيث سعى إلى توريط الأسد شخصياً فيما قال إنَّه نقل تكنولوجيا وأسلحة إلى غزَّة، كي يؤكد للأسد نفسِه أنَّه كان شريكاً كاملا في المشروع الإيراني، وأنَّه لن يكون بإمكانه الانسحاب من هذا المشروع بالسلاسة التي يتخيَّلها".
وقال: "كرَّر نصر الله في رسائل نهاية العام والتي جاءت بعد لقاء حميميم التأكيد على أنَّ إيران هي من منعت سقوط الأسد، وليس الروس، كما لو أنَّه يريد أن يقول، إنَّ إيران بدورها هي من يحمي النظام اليوم لا روسيا، وإنها قادرة على خلخلة أمنه إن أرادت".
وتابع بأن "عام 2021 يبدو أنه سيكون مليئاً بالمستجدَّات فيما يتعلَّق بالصراع الروسي-الإيراني داخل سوريا من جهة، وسعي روسيا والنظام لبناء جسور الثقة مع تل أبيب من جهة أخرى، وهي مستجدَّات ستتأثر بشكل مباشر بالطريقة التي ستتعاطى بها الإدارة الأمريكية الجديدة مع طهران ومع مشروعها الإقليمي وخاصة في سوريا".
وأكد سرميني أنه "مما لا شك فيه أنَّ دخول دمشق إلى مسار التطبيع يُمكن أن يُشجِّع العواصم الغربية على طي صفحة الماضي، والنظر في منظومة العقوبات الدولية والوطنية، وهو ما سيفتح الباب أمام ولادة الأسد من جديد، مستنداً إلى شرعية دولية عميقة هذه المرَّة، دون أن يكون بحاجة إلى المتاجرة بفلسطين وقضيتها، ودون أن يتعرّض حتى لضغوط للإفراج عن المعتقلين في فرع فلسطين وغيره".
وختم بالقول: "على ما يبدو فإنَّ دروس الأشهر الأخيرة كانت كفيلة بدفع الأسد للذهاب إلى حميميم راغباً غير مُكره، فقد كان درس السودان كافياً لإقناع كلِّ المُعاقَبين والمنبوذين من النظام الدولي بأنَّ مفتاح الخروج من سجن العقوبات إلى جنَّة القبول الدولي موجود في تل أبيب، وهو درس ربَّما سيسعى العديد من المنبوذين في المنطقة للاستفادة منه في عام 2021".
وسبق أن أعلن الأسد، في مقابلة مع وكالة روسية، نشرت في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، أنه لا يمانع إقامة "علاقات طبيعية" مع الاحتلال الإسرائيلي.
وتابع في مقابلته مع وكالة "سبوتنيك": "موقفنا واضح جدا منذ بداية محادثات السلام في تسعينيات القرن العشرين، أي قبل نحو ثلاثة عقود، عندما قلنا إن السلام بالنسبة لسوريا يتعلق بالحقوق".
وكان تصريح الأسد الأول من نوعه ليكشف عدم ممانعته وجود علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.