هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن عملية الاقتحام التي نفذتها مجموعة من مثيري الشغب المؤيدين لترامب على مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة، الأمر الذي شكل صدمة بالنسبة لأوروبا وأثار تساؤلات عدة، بشأن التهديد الذي يحدق بالديمقراطيات الغربية.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"،
إن أوروبا تشهد العديد من مظاهر الفوضى الاجتماعية والسياسية والمعلوماتية، التي تعد
نفس العوامل التي أدت إلى وقوع أحداث الشغب التي استهدفت مقر الكونغرس - معقل الديمقراطية
الأمريكية.
عندما اقتحم متظاهرون مؤيدون لترامب مبنى الكونغرس في
السادس من كانون الثاني/ يناير الماضي، راقب الأوروبيون ما يحدث بتوجس. سارع الساسة
في الدول الأوروبية إلى إصدار بيانات إدانة وتصدرت أحداث الشغب عناوين الصحف الأوروبية.
ولكن أوروبا ليست بمنأى عما يحدث في الولايات المتحدة، ذلك أن السياسات المدمرة لليمين
المتطرف القائمة على التخويف والعنف ونظريات المؤامرة ليست معضلة يعاني منها بشكل حصري
الشعب الأمريكي فحسب.
عنف اليمين المتطرف
أكدت الصحيفة أن أعمال العنف والشغب التي وقعت في الولايات
المتحدة لم تأت من فراغ، وإنما تعد الحلقة الأخيرة من سلسلة الهجمات التي شنتها مجموعات
اليمين المتطرف الأمريكي ضد خصومها، مثل الهجمات المعادية للسامية والعنصرية في بيتسبرغ
وشارلوتسفيل. ولم يكن هذا العنف مدبرا من قبل منظمة بعينها، وإنها هو نتاج ما يسمى
بـ "الإرهاب العشوائي" من خلال تجييش الأفراد المضطربين ضد الخصوم السياسيين
من خلال شيطنتهم.
وشهدت أوروبا أعمال عنف مماثلة لا يمكن التنبؤ بحدوثها
ولا مفر منها. فخلال السنوات الأخيرة، زادت التوترات العرقية والسياسية في مختلف الدول
الأوروبية. فعلى سبيل المثال، شهدت ألمانيا إطلاق نار جماعي على معابد يهودية ومتاجر
يملكها مهاجرون نفذه ألمان متطرفون، وقُتِل مهاجران من السنغال في إيطاليا خلال
هجوم استهدف المهاجرين في فلورنسا.
اقرأ أيضا: واشنطن "ثكنة عسكرية".. وتوتر مع قرب تنصيب بايدن (شاهد)
وأضافت الصحيفة أن السياسيين أيضًا في مرمى اليمين المتطرف. فقبل أسبوع من استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في سنة 2016، قُتلت جو كوكس
- النائبة عن حزب العمال - على يد متطرف كان يردد هتافات متطرفة من قبيل "هذا من
أجل بريطانيا". وأطلق أحد النازيين الجدد النار على فالتر لوبكه - السياسي
الألماني المنتمي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي - أمام منزله بولاية هيسن.
الشرعنة السياسية للعنف
وأشارت الصحيفة إلى أن العنف السياسي في أوروبا ليس حكرًا
على اليمين الراديكالي. ولكن المقلق هو وجود جهات سياسية فاعلة على استعداد لتبرير
هذا العنف. وعلى الرغم من أن أوروبا لم تشهد حتى الآن حالات تحريض على العنف مماثلة
لما فعله دونالد ترامب عبر "تويتر"، إلا أن أوروبا ليست في مأمن من ذلك بحسب العديد من
المؤشرات.
ومن بين هذه المؤشرات احتجاجات اليمين المتطرف في مدينة
كيمنتس الألمانية على خلفية مقتل مواطن ألماني على يد مهاجرين أحدهما سوري والآخر عراقي، والتي تسببت في سقوط عشرات المصابين. وقد أعرب زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا ألكسندر
غاولاند عن تعاطفه مع الحشود التي كانت تلوّح بالتحية النازية، في مدونة قال فيها:
"إذا لم تعد الدولة قادرة على حماية مواطنيها، فإن الشعب سوف يخرج إلى الشوارع
لحماية نفسه".
ولم تكن أحزاب أقصى اليمين الوحيدة التي ساهمت في إضفاء
الشرعية على أعمال العنف التي تقوم بها بعض الجهات، حيث يتفق السياسي الألماني فولفغانغ كوبيكي من الحزب الديمقراطي الحر مع حزب البديل من أجل ألمانيا في إلقاء اللوم على
أنغيلا ميركل على ما حدث من أعمال عنف في كيمنتس.
تطرف البيئة الإعلامية
وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات المضللة على نطاق واسع
من العوامل التي تساعد على فهم أزمة الديمقراطية الأمريكية. فأولئك الذين اقتحموا الكونغرس
الأمريكي الأسبوع الماضي، وجزء كبير من الذين صوتوا لترامب قبل شهرين، كانوا مدفوعين
جزئيًا بنظريات المؤامرة التي لا أساس لها من الصحة مثل نظرية "بيتزاغيت"
و"الدولة العميقة" و"كيو أنون".
اقرأ أيضا: واشنطن بوست: تقرير سري حذر من عنف بالكابيتول قبله بأيام
لم تصل أوروبا الغربية إلى هذه النقطة، لكن هذا لا ينفي
حقيقة استمرار شبكات المعلومات المضللة في الازدهار والانتشار على شبكة الإنترنت. وتعد
المنصات التي تحصد ملايين الزيارات شهريا مثل "المساواة والمصالحة" من بين
الفضاءات الافتراضية التي توحد السياسات اليمينية المتطرفة. في المقابل، تستغل المجموعات
التي تقف وراء هذه المواقع الإلكترونية قاعدة المستخدمين الواسعة والاستفزازات لضخ
الأفكار المتطرفة وتوليد الجدل والنقاشات.
ثقة هشة في نزاهة الانتخابات
أوضحت الصحيفة أن أحزاب اليمين المتطرف لا تعتبر خصومها
السياسيين مخطئين فحسب، بل غير شرعيين أيضا. وقد ترددت خلال مختلف الانتخابات الأمريكية
عبارات مثل "أصوات الديمقراطيين غير شرعية" و"أوباما ولد في الخارج"
و"كلينتون مجرمة". وتعتبر محاولات الطعن في نتيجة انتخابات 2020 التي انتهت
بفوز بايدن، عبر القضاء ثم عبر القوة، أحدث نسخة من محاولات التشكيك في نزاهة الانتخابات.
ما مدى هشاشة الإيمان بنزاهة الانتخابات في أوروبا؟ ظهرت
مزاعم بشأن تزوير الانتخابات من قبل اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية النمساوية
لسنة 2016، والانتخابات البرلمانية السويدية لسنة 2018. وكثيرا ما يروج هؤلاء السياسيون
لنظريات المؤامرة حول تزوير الانتخابات قبل موعد الاقتراع.
وحين يُسمح للناخبين بالتصويت عبر البريد، يمكن أن يصبح ذلك موضوعا مثيرا للجدل بالنسبة لليمين المتطرف، خاصة في ما يتعلق بالناخبين من الأقليات العرقية. كما تظهر استطلاعات الرأي أن بعض الناخبين من اليمين المتطرف قد تمت "تهيئتهم" بالفعل للتشكيك في الانتخابات، حتى في غياب إشارات واضحة من قبل السياسيين.