هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عَكَسَ قرار نقابة الفلاحين (مستقلة) في مصر تجميد نشاطها حالة الغضب لدى الفلاحين؛ بسبب تجاهل الحكومة لأوضاعهم ومطالبهم، خاصة في ظل جائحة كورونا.
وتعهدت الحكومة المصرية، منذ بدء الجائحة، بتوفير 100 مليار جنيه لدعم قطاعات الصناعة والسياحة والصحة والتموين، لم تكن الزراعة من بينها.
وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصـاء، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نشرة الزمام والملكية الزراعية لعام 2019، حيث بلغ إجمالي مساحة الزمام 10.3 مليون فدان في 2019 مقابل 10.2 مليون فدان عام 2017 بنسبة زيادة قدرها 0.8%.
وجاءت محافظات الوجه البحري في المرتبة الأولى، حيث بلغت مساحتها 6.3 مليـون فدان بنسبة 60.6% تليها محافظات الوجه القبلي، حيث بلغت مساحتها 3.2 مليون فدان بنسبـة 30.6%، والباقي موزع على جميع أنحاء الجمهورية.
تجميد نشاط نقابة الفلاحين
وقال نقيب عام الفلاحين حسين أبو صدام؛ إن "قرار نقابة الفلاحين بتجميد نشاطها هو رسالة للحكومة بضرورة إعادة النظر في أوضاع الفلاح، ومساعدته. الحكومة حتى الآن لم تطبق المادة الدستورية التي تلزمها بشراء المحاصيل الزراعية بهامش ربح، كما أن الدورة الزراعية غير مفعلة على الأرض، الفلاح هو مرشد نفسه ومسوق محصوله".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "شهدنا تدني جميع أسعار الخضروات الفترة الماضية، رغم أن أسعار المستلزمات الزراعية مرتفعة، وهناك خسائر كبيرة في غالبية المحاصيل، والحكومة لم تقدم أي دعم مادي أو معنوي للفلاح، ورغم زيادة صادرات الحاصلات الزراعية، إلا أنه لم يستفيد".
وبشأن دلالات تجميد نشاط النقابة، أوضح أبو صدام: "تجميد نشاط النقابة هو وقف الندوات والمؤتمرات التي تعقدها النقابة كنوع من التوعية للفلاحين، ومناقشة مشاكلهم، والتعرف على مطالبهم، هذه الأنشطة كانت تعاون الحكومة في الاطلاع عن قرب على مشاكل الفلاحين ومطالبهم، لكنْ، هناك إهمال واستهتار في التعامل مع النقابة كنقابة مستقلة".
وفيما يتعلق بدور النقابة، أكد أبو صدام أن "النقابة أدت دورا كبيرا في الفترة الأخيرة تمثلت بعرض مشاكل الفلاحين، في الإعلام، لا أحد يتحدث بلسان الفلاحين سوى النقابة، هي نقابة خدمية، ولكن لا تحظى بأي دعم من الدولة. نريد أن نوصل رسالة للحكومة مفادها أن الفلاح غاضب من تجاهل أوضاعه، وعدم مد يد العون له، وأوضاع الفلاحين مرشحة للتدهور ما لم تتدخل الدولة".
التزامات الحكومة تجاه الفلاح
من جهته؛ قال وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب السابق، رائف تمراز؛ إن "الحكومة المصرية ملزمة تجاه الفلاحين بتطبيق المادة 29 من الدستور المصري، التي تتعلق بتسويق المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، من خلال التعاقد مع الفلاحين لشراء المحاصيل بسعر مناسب قبل فترة كافية؛ لأن المشكلة الأساسية هي تسويق المحاصيل، لكن المادة لا تزال حبيسة أدراج وزير الزراعة منذ عام 2018 وحتى الآن".
مضيفا لـ"عربي21": "نطالب الحكومة بتطبيق الدستور وتطبيق قانون الزراعات التعاقدية، كما نطالب بإنشاء صندوق دعم الفلاح وتمويله، من خلال فرض نسبة بسيطة جدا على الصادرات الزراعية لصالح الصندوق".
وأردف: "دور هذا الصندوق هو مساعدة الفلاح في ظل الأزمات المختلفة مثل تقلبات المناخ، التي تكبد الفلاح خسائر كبيرة، ومثل أزمة جائحة كورونا، فمحصول الطماطم مثلا وصل سعره إلى أقل من التكلفة، نحن لا نريد أن ننتقد فقط، ولكن نقدم حلولا تساعد على حل المشاكل".
رسالة غاضبة دون رد
واعتبر مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، أن "تجميد نشاط النقابة رسالة يائسة، ولولا القبضة الأمنية لكان هناك رد فعل قوي من الفلاحين الذين يتعرضون للظلم، تارة بالإهمال وأخرى ببخس أسعار المحاصيل. كان الأولى بأعضاء النقابة اتخاذ موقف جاد من أمام مكتب رئيس الوزراء، وحثه بقوة على حل مشاكل الزراعة وتخفيض أسعار الأسمدة والتقاوي".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "عدم اتخاذ الحكومة رد فعل تجاه هذا القرار الخطير، هو دلالة على تجاهلها قطاعا اقتصاديا واجتماعيا عريضا في المجتمع. الفلاح ينتج 14% من الناتج القومي، ويحتضن 8 ملايين من الأيدي العاملة، ما يمثل ثلث القوة العاملة، ويساهم بنسبة كبيرة في الصادرات غير البترولية التي ترفد الموازنة العامة بملياري دولار بالعملة الأجنبية دون أي دعم مادي أو مالي، عكس القطاع الصناعي الذي يحظى بصور عديدة للدعم".
وحذر عبدالتواب من تداعيات تجاهل مطالب الفلاحين، قائلا: "الحكومة تتعمد تجاهل مطالب الفلاحين بتفعيل قانون الزراعة التعاقدية، الذي كان كفيلا بمنع خسائر تقدر ب6 مليارات جنيه في محصول البطاطس فقط، وغيره من المحاصيل التي حقق فيها الفلاح خسائر كبيرة رغم اجتهاده مثل محصول القطن والقمح وقصب السكر والطماطم، حيث يضطر الفلاح لبيع الإنتاج بسعر يقل عن التكلفة الحقيقية".