صحافة دولية

صحيفة: بدء العد التنازلي لمعرفة مصير أموال بن علي بسويسرا

الثورة التونسية أطاحت بحكم بن علي وأشعلت ثورات الربيع العربي في 2011- جيتي
الثورة التونسية أطاحت بحكم بن علي وأشعلت ثورات الربيع العربي في 2011- جيتي

نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية، تقريرا سلطت فيه الضوء على مصير الأموال التونسية لرموز النظام السابق المجمدة في سويسرا، خاصة مع اقتراب انقضاء مهلة استرجاعها. 

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن "العد التنازلي قد بدأ. فيوم الثلاثاء عند منتصف الليل، يمكن لتونس أن تودع أكثر من 200 مليون فرنك اختلستها عائلة الديكتاتور السابق بن علي. في 19 كانون الثاني / يناير 2011، بعد خمسة أيام من هروب زين العابدين بن علي، أصدر المجلس الاتحادي قرارا يقضي بتجميد أصول بن علي و36 من أقاربه". 

وبحسب جمعية "بابلك آي"، فقد حوّل هؤلاء 320 مليون دولار (284 مليون فرنك) عبر المركز المالي في جنيف.

 

ومع ذلك، يمكن للأشخاص المعنيين بهذا القرار استرداد الجزء الأكبر من هذا المبلغ، عند انقضاء مدة التجميد الإداري في منتصف ليلة الثلاثاء، بعد فترة قانونية مدتها عشر سنوات.

وأضافت الصحيفة أنه تم تجميد جزء من الأموال، التي تقدر قيمتها بـ 60 مليون فرنك، بموجب أمر قضائي وستبقى آمنة مهما حدث. وحتى الآن، استعادت الدولة التونسية 4.27 مليون فرنك.

 

اقرأ أيضا: عقد على اندلاع ثورة تونس.. تاريخ دفع "بن علي" للهرب
 

وتعلق منيرة العياري، عضو الكتلة الديمقراطية وممثلة التونسيين في سويسرا، على ذلك قائلة: "هذا المبلغ ليس سوى فتات!". وبعث حزبها رسميا برسالة إلى الجمعية الاتحادية مؤرخة في 11 كانون الثاني/ يناير، يلتمس فيها تمديد التجميد الإداري ومزيدا من المساعدة للتعرف على أصول عشيرة بن علي.

وعلى الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، لقيت هذه المبادرة الدعم.

 

ويصر عمر العزابي، النائب عن حزب الخضر في جنيف، على أن أموال "الدولة التونسية يجب ألا ينقصها دينار واحد".

 

وباعتباره عضوا في تعاونية مكونة من مجموعة من الجمعيات، بعث برسالة إلى المجلس الاتحادي. ورغم اعترافه بأن تونس "لم تتابع هذا الملف بالاهتمام اللازم"، إلا أنه يقول إنه "مفاجئ جدا" بـ "غياب ضغوط السلطات على البنوك، ليؤدي ذلك إلى اكتشاف 60 مليون فرنك فقط من الأصول غير المشروعة".

تشريعات غير مناسبة؟


وبيَنت الصحيفة أن المحور الثالث لهذه الضغوط يتمثل في المستشار الوطني نيكولا والدر. ففي اجتماع لجنة السياسة الخارجية مطلع الأسبوع المقبل، سيوجه سؤالا لجينيفان إغنازيو كاسيس، رئيس وزارة الخارجية الاتحادية، حول ما إذا كان بإمكان المجلس الاتحادي تمديد القرار الإداري أو إصدار قرار جديد في هذا الشأن.

 

وسيستجوبه بشأن الخطوات التي اتخذتها برن خلال السنوات العشر الماضية لتسهيل تحديد الأصول.

وتساءل البرلماني: "هل تشريعاتنا مناسبة لمثل هذه المواقف المعقدة؟ هل يعد تحديد التجميد الإداري بعشر سنوات أمرا معقولا وواقعيا؟ وهل العقوبات المفروضة على المؤسسات التي لا تتعاون مع السلطات كافية؟".

 

وقد يؤدي عدم التواصل عبر الوسيط المالي إلى دفع غرامة تصل إلى 100 ألف فرنك إذا كان نتيجة الإهمال، و250 ألف إذا كان ذلك متعمدا.

 

وفي هذا السياق، ذكر نيكولا والدر: "هذا حافز غير كاف للتعاون، خاصة أن قيمة الأموال المعنية تصل إلى عدة مئات من ملايين الفرنكات".

من جهته، رد النائب لوران ويرلي، العضو هو الآخر في لجنة السياسة الخارجية، بالقول: "بعد عشر سنوات من التجميد الإداري، لا يمكن القول إن الحكومة التونسية فوجئت بانقضاء مهلة استرداد الأموال. أنا أتفهم تماما القضية الأخلاقية. لكن يجب النظر إلى هذا الإجراء من منظور قانوني. إذا قام المجلس الاتحادي بتمديد فترة التجميد دون أساس قانوني، يمكن لعائلة بن علي مقاضاته والفوز أمام المحكمة الاتحادية".

 

وأضاف أن "هذا من شأنه أن يخلق فوضى كبيرة".

 

اقرأ أيضا: تونس تحيي ذكرى سقوط بن علي العاشرة على وقع إغلاقات كورونا
 

ويرى ويرلي أن طلبا من السلطات التونسية، هو الخطوة الوحيدة التي يمكن أن تسمح لسويسرا بالتصرف، موضحا: "المشكلة هي أن الطلب الأخير لم يصدر عن الحكومة، وإنما عن نواب عاديين".

وعند التواصل معها، أوضحت وزارة الخارجية الاتحادية أن التحرك السريع للمجلس الاتحادي خلال الثورة "أعطى السلطات التونسية الجديدة الوقت الكافي لإقامة تعاون قضائي مع سويسرا. وبالتالي، فإن تمديد التجميد الإداري غير ممكن.

 

وخلال العام الماضي، لفتت "السلطات السويسرية نظر السلطات التونسية في عدة مناسبات وعلى مستويات مختلفة إلى الانتهاء الوشيك للتجميد الإداري".

التراخي التونسي

 

وتساءلت الصحيفة عن سبب انتظار الحكومات المتعاقبة منذ 2011 طويلا للتصرف في مثل هذا الملف الحساس. وبحسب تسنيم تياري، المكلفة بهذا الملف من منظمة "أي ووتش" غير الحكومية: "حاولت الحكومات أولا إقناع رجال الأعمال بإرجاع الأموال بأنفسهم. واحتفظ هؤلاء بشبكاتهم وتأثيرهم في البلاد وخارجها".

ولم يخف رئيس الجمهورية الراحل، الباجي قايد السبسي، أبدا تردده في تتبع رجال الأعمال هؤلاء، مفضلا نهج العفو.

 

ووفقا لمركز الأبحاث الأمريكي فاينونس أنتغريتي، هرّب بن علي وأقاربه حوالي 9 مليار دولار في العقد الذي سبق الثورة.

وفي تونس، ذكر مصدر دبلوماسي أن "معظم الأشخاص المعنيين بتجميد الأموال في سويسرا يحاكمون هنا أيضا. إذا تمت إدانتهم، فستكون لدينا حجة قوية لنطلب من البلدان إعادة الأموال. نحن نوضح لأصدقائنا، بما في ذلك سويسرا، أنهم جمدوا الأصول مباشرة بعد مغادرة بن علي لمساعدة تونس الجديدة والديمقراطية".

  

وقال: "عشر سنوات هي فترة طويلة، لقد تأخرنا بالتأكيد، لكن تظل هذه الأموال أموال الشعب. وفي ظل الأزمة الاقتصادية والوباء، نحتاج إلى دعم شركائنا أكثر من أي وقت مضى". 

وفي الختام، أوردت الصحيفة أن رئيس الجمهورية، قيس سعيد، المنتخب في خريف 2019 وفي إطار الدفاع عن مكاسب الثورة، شكل في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لجنة معنية بمسألة الأموال غير المشروعة المحتفظ بها في الخارج.

 

وتعتزم هذه اللجنة فتح مكتب لها في سويسرا. ولكن تكمن المشكلة في أنه إلى أن يقع إصدار حكم، سيكون لدى أفراد عائلة بن علي الوقت الكافي لتحويل أموالهم إلى بلدان مضيفة جديدة، مثل السعودية، بحسب الصحيفة.

 
التعليقات (1)
همام الحارث
الجمعة، 15-01-2021 03:44 م
قضى زين العابدين بن علي في التحكم بتونس العزيزة ما يزيد عن 23 سنة . يعني لو سرق من مال الشعب مليار دولار سنويا "و هذا على أقل تقدير " يكون مجموع المنهوب 23 مليار دولار على الأقل . مركز الأبحاث الأمريكي تحدث عن اختلاس 9 مليار دولار في العقد الذي سبق الثورة فلو ضربنا الرقم ب 3 عقود يكون المجموع 27 مليار دولار . لك الله يا تونس العزيزة ، يبدو أن غالبية المال المسروق لن تعود إلى تونس . حسبنا الله و نعم الوكيل في المتحكمين اللصوص ، و هؤلاء اللصوص لهم لحوم نبتت من الحرام فالنار أولى بها و نسأل الله العوض . مرات عديدة قلت للاخوة العرب أن أي مال يذهب لبلاد الغرب لن يعود فلديهم عصابات مال محترفة في صناعة الحيل التي تخفي الأموال عن أصحابها بحيث تتم السيطرة عليها . بكل بساطة ، نحن العرب "خيرنا لغيرنا " في هذا العصر الهابط .