هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذي أتلانتك" مقالا للصحفي توم مكتاغيو، قال فيه إنه بعد أن دخلت بريطانيا في حالة إغلاق لمنع انتشار فيروس كورونا العام الماضي، كان على المرء أن يتعامل مع عدد من العوامل المخففة عند تقييم أداء الحكومة.
وقال في المقال الذي ترجمته "عربي21": "نعم، عانت البلاد بعد ذلك من أسوأ عدد من الوفيات في أوروبا، وأسوأ ركود اقتصادي، لكن بوريس جونسون كان قد اتبع العلم، فأخر الإغلاق بناء على نصيحة المستشارين الطبيين والعلميين لحكومته".
وأضاف أنه بشكل عام، كانت بريطانيا -مثل أي مكان آخر في العالم في ذلك الوقت- تتحسس طريقها في الظلام. ربما تكون قد تعثرت أكثر من معظمها، ما كلفها عدة آلاف من الأرواح، ولكن بحلول الصيف، بدا أنها استعادت قدرا بسيطا من رباطة الجأش، متماشية مع معظم الدول الأوروبية الأخرى.
ومع ذلك، قال: "فشلت بريطانيا اليوم مرة أخرى. وفي حديثه إلى الشعب ليلة الاثنين، حذر جونسون من أن كوفيد-19 كان منتشرا في جميع أنحاء البلاد، مع تعرض المستشفيات لخطر الانهيار، حيث فرض إغلاقا وطنيا ثالثا في تسعة أشهر بعد أسابيع من الضغط لتعزيز استجابة الحكومة".
اقرأ أيضا: قرار بريطاني بشأن توزيع لقاحات كورونا يثير جدلا
وتابع: "في الصيف الماضي، حاولت أن أفهم سبب سوء أداء بريطانيا، ولم يكن هناك شك في أنها فشلت؛ كان السؤال الوحيد لماذا. والآن عاد السؤال مرة أخرى".
بالنسبة لجونسون وحكومته، فإن الإجابة أسوأ. لقد فهموا خطر الموجة الثانية في الشتاء منذ بداية تفشي المرض في الربيع الماضي، لكن في حين أن جونسون "اتبع العلم" بجدية في ذلك الوقت، فقد خرج هذه المرة عن خط مستشاريه العلميين والطبيين، الذين كانوا يدفعونه إلى التحرك بقوة أكبر لأسابيع، إن لم يكن لشهور.
هذه المرة، لا يستطيع جونسون ادعاء الجهل. قال لي مارك وولبورت، كبير المستشارين العلميين البريطانيين السابق: "هذا ليس إخفاقا في المشورة العلمية.. لقد تم لفت انتباه صانعي القرار السياسي إلى ما هو قادم".
وقال: "كما أخبرني إيان بويد، عضو اللجنة الاستشارية الرئيسية لمكافحة الأوبئة في الحكومة: منذ نيسان/ أبريل، كان الشتاء هو الشيء المهم الذي يشغل بال الجميع. كنا نعلم جميعا أنه سيكون تحديا. كان هناك شعور بالحتمية حيال ذلك".
في وقت مبكر، منذ 3 آذار/ مارس، في الواقع، عندما نشرت الحكومة البريطانية استراتيجيتها الأولى لمكافحة الوباء، حذر خبراء جونسون في إحاطات للصحفيين من مخاطر موجة الشتاء، وأنه ينبغي تجنب مثل هذا السيناريو. وفي تموز/ يوليو، نشرت أكاديمية العلوم الطبية البريطانية تقريرا يشير إلى أن خطر أزمة الشتاء قد يكون أكبر مما كان عليه في الربيع.
في الشهر ذاته، قال كبير المسؤولين الطبيين في الحكومة، كريس ويتي، للجنة الصحة في البرلمان إن زيادة الشتاء كانت "مصدر قلق حقيقي عندما أنظر إلى الأمام [و] حيث أقضي معظم وقتي في التفكير".
وفي أواخر أيلول/ سبتمبر، حذر زميله باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين، من أن بريطانيا قد تواجه 50 ألف حالة يوميا بحلول منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، مع أكثر من 200 حالة وفاة يوميا بعد شهر أو أكثر من ذلك.
وبينما استغرقت البلاد وقتا أطول قليلا للوصول إلى هذه المعالم القاتمة، فقد تم تجاوزها الآن.
حجة جونسون الآن هي أنه تعلم دروس الموجة الأولى، ولكن خذله الحظ. حجته، التي تم التعبير عنها في البث المسائي للإعلان عن الإغلاق، هي أن نوعا جديدا وأكثر عدوى من المرض ظهر في إنجلترا هذا الخريف، ما أدى إلى تدمير النجاح الذي حققته الحكومة في مكافحة الفيروس. وقال إن استراتيجية الحكومة كانت ستنجح لولا السلالة الجديدة.
وهذا صحيح إلى حد ما على الأقل. تشير الدلائل إلى أن السلالة الجديدة أكثر عدوى، ويمكن أن تكون مسؤولة جزئيا عن الارتفاع السريع في الحالات في جميع أنحاء بريطانيا. وكما أوضح لي أحد الخبراء، فقد كان الأمر أشبه بشخص كان يقوم بسداد أقساط الرهن العقاري بشكل جيد عندما كانت نسبة الفائدة 4% وفجأة، ودون سابق إنذار، ارتفعت نسبة الفائدة إلى 6%.
اقرأ أيضا: خبراء: سلالة كورونا الجديدة ظهرت قبل شهرين في أمريكا
ومع ذلك، أليس ذلك هو السيناريو الذي يجب على مالكي المنازل -ناهيك عن الحكومات- التخطيط له؟ لا يمكن للحكومات أن تلوم فشل سياساتها على الفيروسات التي لا تتصرف كما هو متوقع، تماما كما لا يستطيع أصحاب المنازل تقديم شكوى إلى البنك إذا لم يتمكنوا من تحمل سداد قروضهم العقارية.
وعلى أي حال، كلما زاد انتشار الفيروس، زاد احتمال حدوث طفرات كبيرة. ومن خلال عدم مكافحة كوفيد-19 بشكل أكثر فعالية، كانت بريطانيا تزيد من فرصة حدوث طفرة تفعل ما تفعله بالضبط.
وفوق هذا، فإنه ليس الشكل الجديد الوحيد للفيروس في بريطانيا، بل إن هناك آخر تم استيراده من جنوب أفريقيا، ويتسرب عبر حدود البلاد المليئة بالثغرات بسهولة واضحة.
الحقيقة هي أن جونسون لم يتعلم سوى بعض الدروس من إخفاقاته في الموجة الأولى. لقد أثبت باستمرار أنه أبطأ في اتخاذ إجراءات لمكافحة الفيروس من القادة الآخرين، حتى بالمقارنة مع أولئك في المملكة المتحدة نفسها.
وفي الواقع، فقد أصبح إحجام جونسون عن التصرف وتفاؤله بأنه لن يضطر إلى ذلك في المستقبل نمطا. منذ آذار/ مارس الماضي، كان يتوقع أن تتمكن البلاد من "قلب دفة" الوباء بعد 12 أسبوعا و "أن يجعل الفيروس يحزم أمتعته ويرحل".
وفي تموز/ يوليو، ادعى أن بريطانيا لن تحتاج إلى إغلاق وطني آخر. حتى عندما أُجبر على فرض قيود جديدة في تشرين الأول/ أكتوبر، تحرك بشكل أبطأ من القادة في ويلز وأسكتلندا وأبطأ مما طالبت به المعارضة، وبدا أنه يقاوم المزيد من القيود حتى لم يبق أمامه أي خيار آخر.
ومؤخرا حتى يوم الأحد، قال إنه لا يوجد شك في ذهنه أن المدارس آمنة، فقط ليعلن إغلاقها في اليوم التالي.
وفي النهاية، وصف كل من وولبورت وبويد جونسون بأنه يحاول اتخاذ مسار في الوسط وإدارة الوباء دون تدمير الحياة العادية والاقتصاد.
كان هذا معقولا تماما، كما أقر كلاهما. ومع ذلك، كما أشار وولبورت، فـ"ربما لم تنجح الحلول الوسط الناتجة في منع الضرر الجسيم سواء من المرض أو من عواقبه الاجتماعية والاقتصادية".
بعبارة أخرى، جونسون -المشهور برغبته المعلنة في الحصول على كعكته وأكلها أيضا- حاول الحصول عليها في كلا الاتجاهين، لكنه لم يحصل على أي منهما. وهو الآن يراهن على اللقاحات لإنقاذ الموقف.
ومع ذلك، حتى لو فعلت اللقاحات ذلك، فإنه سيستحق بعض الثناء لدعم جهود اللقاح مبكرا بأموال حكومية جادة، ولكن ذلك لن يمحو إخفاقات استجابة بريطانيا للوباء.