في الذكرى العاشرة لثورة يناير

(1) نجاحات وإخفاقات، صفقات وتحالفات، أخطاء وخطايا، سجون ومعتقلات، دماء وأرواح وأعراض وممتلكات.. كلنا اجتهدنا، أصبنا وأخطأنا، لكنها طبيعة الثورات كل الثورات، ويبقى إما أن نتعلم وإما أن نُستبدل بأجيال تعي الدروس والعبرات.

(2) في استطلاع لصحيفة الجارديان، صوّت أغلبية المشاركين وهم من مختلف الأعمار والبلدان بأنهم ليسوا نادمين على المشاركة في تظاهرات وفاعليات الربيع العربي، مع إقرارهم بأن الظروف الحالية أسوأ من قبل في المعيشة والحقوق والحريات، وأنه قد زادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

الاستبيان يمثل صفعة لمربع الثورات المضادة، والتي كانت وما زالت تشوّه وتشيطن ثورات الربيع العربي ومن شارك فيها، ويؤكد  الاعتزاز بالمشاركة في ثورات الربيع رغم أن الأحوال اليوم أكثر سوء من ذي قبل، ويشير إلى فشل أنظمة الثورات المضادة التي سيطرت على الحكم بالقوة في تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين. وليس فقط الحقوق السياسية والحريات.

هذه النتيجة تعتبر فرصة مضافة لمربع المعارضة الرافضة لأنظمة الثورات المضادة، ويمكن البناء عليها أن الثورات وانتزاع الحقوق حي في نفوس وقلوب ومشاعر الأجيال؛ لم يشطبه الاستبداد والقمع القائم.

(3) نحو تيار وطني جديد..

أتصور أن المعارضة المصرية المدنية والإسلامية قد وصلت لنهاية طريقها، وفقا لإمكاناتها في التفكير والتدبير لاعتبارات تتعلق بها وبالسلطة وبالمناخ العام.

وللإنصاف، هي فعلت ما تستطيع في ضوء مواردها المتاحة، خاصة المورد الفكري ونمط الإدارة والذي فقد أهم وظائفه في التقييم والتقويم والتطوير، لذا أصبحنا بالفعل في حاجة ملحة لتيار وطني جديد، وليس إعادة تدوير للبضاعة الموجودة والتي أنهكتها كثرة محاولات التدوير.

نحن بحاجة لتيار جديد بحجم التحديات ومستوى الطموحات، هذا التيار هو حلقة مضافة في سلسلة حلقات الإصلاح والتغيير.. هذا التيار قادم لا محالة وفقا للسنن الكونية، وستكون بقايا المعارضة المدنية الإسلامية هي الحاضنة الشعبية للجديد القادم. وهو نموذج تكرر منذ قرابة 100 عام بظهور الشيخ البنا، وكان حلقة جديدة لما قبلها من حلقات الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني. نعم كانت حلقات فكرية منهحية أكثر منها كيانات تنظيمية، نعم جيل جديد وتيار جديد، لكن تكرار الترميم وإعادة التدوير لن يحقق إلا مزيدا من استنزاف الموارد أهمها الوقت والثقة في أننا نستطيع..

وجهة نظر قد تكون صادمة للبعض، لكنها وجهة نظر.

(4) واجب عملي ووطني..

في ظل هذه الأجواء وجب علينا السعي لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم وتوضيح الرؤى وبث الأمل، لتبقى الأجيال الحالية متمسكة بالفكر والخلق والسلوك الإسلامي والوطني، ولعدم حدوث فراغات تتمدد فيها الأفكار والسلوكيات المضادة في مرحلة يحتدم فيها الصراع والتمدد في الفراغات، وفقا لقاعدة الفراغ لا بد أن يملأ، فالفراغ يُملأ بك وبغيرك، حتى لا نعود لفترة أواخر الستينات وأوائل السبعينات، فترة الانحلال العقدي وتمدد الشيوعية والانحراف الفكري وتمدد الوهابية والانحلال السلوكي للأنماط الغربية.