هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، حفيظة المعارضة السورية، باستخدامه مصطلح "العدالة التصالحية"، وذلك خلال إحاطة قدمها يبدرسون، الأربعاء، بمجلس الأمن الدولي.
وقال يبدرسون حول التطورات السياسية والإنسانية، إن بعض أعضاء اللجنة الدستورية من وفد "المجتمع المدني" طالبوا خلال اجتماعات اللجنة الدستورية الأخيرة بتطبيق مبدأ "العدالة التصالحية" في سوريا".
ونفى أعضاء في قائمة "المجتمع المدني" في اللجنة الدستورية أن يكونوا قد استخدموا هذا المصطلح، وطالبوا في بيان وصل لـ"عربي21" الأمم المتحدة وبيدرسون، بألا يتم استخدام مصطلحات غير مستخدمة، وألا يتم اختزال ما قدمته قائمة "المجتمع المدني" بطريقة يظهر فيها عمل القائمة هامشيا.
وعلمت "عربي21"، أن بيدرسون أصر على أن ذكر "العدالة التصالحية" جاء نتيجة لُبس في الترجمة، وأن المقصود هو مصطلح "العدالة التعويضية"، خلال الحديث عن حق اللاجئين باسترداد ممتلكاتهم.
وحسب المعلومات، تجاهل بيدرسون مطالب تصويب الخطأ، خلال اجتماعه بأعضاء "المجتمع المدني" مساء الخميس، داعيا إياهم إلى عدم خلق مشكلة من موضوع بسيط.
اقرأ أيضا: مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا يطلب دعما قويا من مجلس الأمن
العدالة التصالحية
وحسب ما تابعت "عربي21"، فإن "العدالة التصالحية" برنامج يستخدم عمليات تصالحية يشارك فيها الضحية والجاني في تسوية المسائل الناشئة عن الجريمة بمساعدة ميسر وفق آليات تصالحية، مثل الوساطة والمصالحة والتفاوض بين المحامين والقضاة، والتشاور بشأن إصدار الأحكام، ينتج عنها اتفاقات يتوصل إليها الأطراف، تتضمن التعويض ورد الحقوق والخدمة المجتمعية؛ بهدف تلبية الاحتياجات والمسؤوليات الفردية والجماعية للأطراف، وتحقيق إعادة اندماج الضحية والجاني في المجتمع.
واعتبر عضو "اللجنة الدستورية"، بشار الحاج علي، أن مصطلح "العدالة التصالحية" الذي ظهر قبل عقود قليلة في الولايات المتحدة وكندا، لا يناسب ولا يفيد القصد من العدالة في الحالة السورية.
وأوضح لـ"عربي21" أن العدالة التصالحية ممكن تطبيقها في حالات الحروب الأهلية، وتكون قد تساوت بالأفعال المتبادلة، وليس في حالة ثورة كرامة والمطالبة بحقوق الإنسان في مواجهة عصابة مغتصبة للدولة السورية أجرمت وقتلت، وانتهكت كل الأعراف وجرائم ضد الإنسانية والنواميس، معتبرا أن الأولى محاكمة النظام كجهة ارتكبت جرائم حرب.
وقال الحاج علي، إن السوريين يصرون على مبدأ العدالة الانتقالية التي تحاسب كل من تورط في هذه الجرائم، وهنا يكون تطبيقها على كبار القادة أولا، ومن تثبت إدانته أيضا، وفق مبدأ تعويض الضحايا، وجبر الضرر، وجبر ضرر الشهداء والمصابين والجرحى والمعتقلين، ومحاسبة من أجرم بحقهم.
وشدد عضو اللجنة على أنه لا يجوز ولا يمكن التنازل عن محاسبة المجرمين، خاصة أن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري لا تسقط بالتقادم؛ لأنها مصنفة جرائم ضد الإنسانية، وهذا يعني أن العدالة الانتقالية بمفهومها الواضح بالمحاسبة هي أساس أي حل سياسي وأي سلام مجتمعي.
وبناء على ذلك، قال الحاج علي: "لا تعويل جدي على أعمال اللجنة الدستورية حتى الآن، والجولات لم تدخل في نقاش دستوري، والفيصل في إمكانية المتابعة من عدمها هو الجولة المقبلة التي ستكون في ٢٥ كانون الثاني/ يناير المقبل".
وفي إطار ردود الفعل، التي أثارها استخدام مصطلح "العدالة التصالحية" من قبل بيدرسون، طالبت "هيئة القانونين السوريين" وفد المعارضة في "اللجنة الدستورية" بالتوقف عن المشاركة، وقالت في بيان: "بعد كل ما تقدم، ألم يأن لأعضاء اللجنة اللادستورية وهيئة التفاوض أن يوقفوا دورهم الهدام في خيانة الثورة السورية".
اقرأ أيضا: تراشق بمجلس الأمن حول سوريا وحق ألمانيا بـ"عضوية دائمة"
وأضافت أن إدراج هذا المصطلح في وثائق الأمم المتحدة الخاصة بالمفاوضات المتعلقة بالملف السوري يعني إقراره ضمن آليات الحل السياسي.
وقال عضو "هيئة القانونين السوريين"، عبد الناصر حوشان، لـ"عربي21"، إن استخدام مصطلح "العدالة التصالحية" يعني نسفا للانتقال السياسي عبر هيئة حكم انتقالية.
من جانبه، انتقد رئيس الائتلاف السوري، نصر الحريري، ما جاء في إحاطة يبدرسون، قائلا على حسابه في تويتر: "مضت سنة وثلاثة أشهر على تشكيل اللجنة الدستورية، والمبعوث الدولي يتجنب أو لم يستطع تفعيل باقي المحاور في 2254، ثم يخرج علينا ما يسمى (العدالة التصالحية) مع قاتل المليون شهيد، نحن وشركاؤنا والأمم المتحدة أمام تحد أخلاقي قبل كل شيء، علينا مواجهته جميعا".
كذلك، أكد رئيس "هيئة التفاوض"، أنس العبدة، على ضرورة العمل بسلة الحكم وهيئة الحكم الانتقالي، وغرد بقوله: "مهمة تيسير تنفيذه القرار 2254 منوطة بالمبعوث الأممي إلى سوريا، حسب التفويض الممنوح له من قبل مجلس الأمن".
يذكر أن اللجنة الدستورية شكلتها الأمم المتحدة من أجل صياغة دستور جديد لسوريا ضمن مسار العملية السياسية وفق القرار الأممي 2254، وهي مقسمة بالتوازي بين النظام والمعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني.