مقابلات

حقوقي دولي: مستقبل المستبدين صار أكثر غموضا برحيل ترامب

المدير التنفيذي لمؤسسة "فرونت لاين ديفندرز" أندرو أندرسون قال إن تنامي الفساد والاستبداد أدى لتدهور حقوق الإنسان- مواقع التواصل
المدير التنفيذي لمؤسسة "فرونت لاين ديفندرز" أندرو أندرسون قال إن تنامي الفساد والاستبداد أدى لتدهور حقوق الإنسان- مواقع التواصل

قال المدير التنفيذي لمؤسسة "فرونت لاين ديفندرز" الدولية، أندرو أندرسون، إنهم يأملون أن يكون هناك "قلق دولي متزايد بشأن حالة حقوق الإنسان بمصر. وأن المستبدين، مثل عبد الفتاح السيسي، يدركون أنه يمكن أن تكون هناك عواقب لأفعالهم، وأنه مع زوال ترامب أصبح مستقبلهم أكثر غموضا".

وفي مقابلة خاصة مع "عربي21"، أكد "أندرسون" أن "حالة حقوق الإنسان شهدت تدهورا على الصعيد العالمي خلال السنوات الأخيرة، بسبب تنامي الفساد والاستبداد الشعبوي"، منوها إلى أن "الحكومات القمعية زادت الهجمات ضد المدافعين/ات عن حقوق الإنسان وكل مَن يطالب بالمساءلة والعدالة".

وأكد أن "الحكومات الأمريكية والأوروبية وضعت مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية قصيرة المدى قبل دعمها لحقوق الإنسان وسيادة القانون. إنه أمر محزن بشكل خاص رؤية الاتحاد الأوروبي يعقد صفقات مع مستبدين فاسدين".

وأشار المدير التنفيذي لمؤسسة "فرونت لاين ديفندرز" إلى أن "العديد من الحكومات الغربية تتحدث عن حقوق الإنسان بشكل جزئي، حيث يدافعون عن حقوق الإنسان في بعض البلدان ويتجاهلونها في دول أخرى"، مشدّدا على أن هناك "حركة عالمية لحقوق الإنسان أكبر وأكثر تنوعا وأكثر حيوية من أي وقت مضى، ولا ينبغي لنا أن ننتظر أن تأتي حكومة قوية وتنقذنا".

وعن تداعيات جائحة "كوفيد-19" على الحقوق والحريات في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، قال "أندرسون": "للأسف لقد رأينا العديد من الحكومات داخل المنطقة، وعلى الصعيد العالمي، تستخدم عذر القيود المفروضة لأسباب صحية لاستهداف المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان. زادت الرقابة، وتم تقييد الحق في الاحتجاج والحق في حرية التعبير".

 

 

وبمناسبة اليوم الدولي للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وتحديدا في 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، احتفلت مؤسسة "فرونت لاين ديفندرز" بنخبة من المدافعين عن حقوق الإنسان في حفلها السنوي الذي يُقام في العاصمة الإيرلندية دبلن. وتم تنظيم الحفل هذا العام افتراضيا عبر الإنترنت، نظرا لتفشي جائحة "كوفيد-19".

وأُنشئت جائزة "فرونت لاين ديفندرز" السنوية للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر في عام 2005، لتكريم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقدمون مساهمات بارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان للآخرين والنهوض بها، وغالبا ما يتعرضون لخطر شخصي كبير.


وتاليا نص المقابلة الخاصة:

 

كيف ترى تداعيات جائحة "Covid-19" على الحقوق والحريات في العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص؟


للأسف لقد رأينا العديد من الحكومات داخل المنطقة، وعلى الصعيد العالمي، تستخدم عذر القيود المفروضة لأسباب صحية لاستهداف المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان. زادت الرقابة، وتم تقييد الحق في الاحتجاج والحق في حرية التعبير. وسُجن الناشط الحقوقي عبد الفتاح بوشيخي لمدة أربعة أشهر في المغرب لفضح الفساد المتعلق بتصاريح السفر.

وواجه المدافعون/ات عن حقوق الإنسان المحتجزون/ات ظلما في السجن خطر وباء كوفيد-19 في السجون. وأضربت المحامية الحقوقية الإيرانية البارزة نسرين ستوده عن الطعام احتجاجا على ذلك، وعلى الرغم من إطلاق سراحها مؤقتا في تشرين الثاني/ نوفمبر لأسباب صحية، إلا أنها أُعيدت الآن إلى السجن خلافا للنصائح الطبية.

وماذا عن تأثير جائحة "Covid-19" على المنظمات والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان؟

 

كان للوباء الصحي التأثير الأكبر على الفقراء والمهمشين، ويتعرض المدافعون/ات عن حقوق الإنسان الذين يعملون/ن لدعم مثل هذه الجماعات للخطر بشكل خاص، حيث تم استهداف أولئك الذين يدافعون عن الحقوق ويعززون الوصول إلى الرعاية الصحية لأفراد مجتمع الميم وعاملي/ات الجنس بشكل خاص في العديد من البلدان، والذين تم اتهامهم زورا بنشر المرض. وجعلت القيود المفروضة على الحركة الأمر أكثر من الصعب على المدافعين/ات عن حقوق الإنسان للقيام بعملهم/ن، وقد زادت نسبة تعرضهم/ن للمضايقات من طرف قوات الأمن في العديد من البلدان.

تم إنشاء منظمتكم بهدف رئيس هو حماية المدافعين عن حقوق الإنسان المعرّضين للخطر.. فكيف ترون أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان حاليا؟ وما أبرز الانتهاكات التي تُمارس بحقهم؟


لقد شهدنا تدهور حالة حقوق الإنسان على الصعيد العالمي في السنوات الأخيرة بسبب تنامي الفساد والاستبداد الشعبوي. زادت الحكومات القمعية الهجمات على المدافعين/ات عن حقوق الإنسان وكل مَن يطالب بالمساءلة والعدالة.

وعلى الرغم من أننا شهدنا تقدما في بعض البلدان مثل السودان، نتيجة المشاركة النشطة للمجتمع المدني، إلا أن هذه التطورات لا تزال هشة. حيث يستمر قتل المئات من المدافعين/ات عن حقوق الإنسان كل عام، وغالبا ما يكون ذلك في سياق النزاعات على الأراضي والمشاريع الضخمة الغارقة في الفساد.

ويستمر القادة الفاسدون في سجن وتعذيب أولئك الذين ينادون بحقوق الإنسان وسيادة القانون. ولا يزال صديقنا وزميلنا السابق الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة يقبع في سجن في البحرين للسنة العاشرة بسبب حكم غير عادل لمدى الحياة فُرض عليه إثر التعذيب ومحاكمة صورية.

كيف تقومون بدعم المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان المعرضين/ات للخطر؟


في عام 2020، واصلت "فرونت لاين ديفندرز" تقديم منح طارئة للمدافعين/ات عن حقوق الإنسان لتغطية احتياجات الحماية الخاصة بهم/ن بما في ذلك الرسوم القانونية والطبية، وتدابير أمنية في المنازل والمكاتب ونقل مؤقت عند الضرورة.

ونحن نقدم الدعم والمشورة فيما يتعلق بالأمن الرقمي بما في ذلك كيفية إدارة وإيصال المعلومات بأمان. كما نعمل من خلال المناصرة الدولية على دعم المدافعين/ات عن حقوق الإنسان ورفع أصواتهم/ن لردع التشهير والتشويه الذين كثيرا ما يواجهونه.

وشمل ذلك في عام 2020 إطلاق مجلة "سايفر"، وفي آخر إصدار لها ركزنا بشكل خاص على قصص المدافعات عن حقوق الإنسان.

إلى أي مدى تلتزم أمريكا وأوروبا باستراتيجية الدفاع عن حقوق الإنسان خاصة في ظل دعمها للكثير من الأنظمة الديكتاتورية؟


للأسف، وضعت الحكومات في الولايات المتحدة وأوروبا مصالح اقتصادية واستراتيجية قصيرة المدى قبل دعم حقوق الإنسان وسيادة القانون. إنه أمر محزن بشكل خاص رؤية الاتحاد الأوروبي يعقد صفقات مع مستبدين فاسدين في مصر وتركيا، مدعين أنه بدافع الخوف من تدفقات اللاجئين، ولكن السبب وراء ذلك في الواقع استمرار الظروف التي أجبرت الكثيرين على البحث عن ملجأ.

يعتقد البعض أن هناك انتقائية ومعايير مزدوجة لدى الغرب في الدفاع عن حقوق الإنسان حيث يتم الدفاع عن حقوق أشخاص من توجهات بعينها بينما يتم غض الطرف عن الانتهاكات بحق آخرين.. ما تعقيبكم؟


صحيح أن العديد من الحكومات الغربية تتحدث عن حقوق الإنسان بشكل جزئي، حيث يستعدون للدفاع عن حقوق الإنسان في بعض البلدان ويتجاهلونها في دول أخرى.

نرى أيضا حكومات مثل الصين وروسيا تسعى بنشاط لتقويض الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ومع ذلك، فإننا نرى أيضا حركة عالمية لحقوق الإنسان أكبر وأكثر تنوعا وأكثر حيوية من أي وقت مضى. هم المدافعون/ات عن حقوق الإنسان والحركات الاجتماعية الشعبية في جميع المناطق التي تعمل على النهوض بحقوق الإنسان، لا ينبغي لنا أن ننتظر أن تأتي حكومة قوية وتنقذنا.

كيف تصف علاقة منظمتكم "فرونت لاين ديفندرز " مع الحكومات المختلفة؟ هل هناك تعاون متبادل بينكم أم لا؟


تسعى "فرونت لاين ديفندرز" إلى العمل مع جميع الحكومات لتعزيز حماية المدافعين/ات عن حقوق الإنسان، نحن على استعداد للتحدث مع أي شخص إذا كان ذلك سيساعد أحد الأشخاص المعرضين للخطر بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان. ومع ذلك، هناك العديد من الحكومات التي ترفض التحدث معنا بسبب طبيعة عملنا وكثيرا ما نواجه مشاكل في السفر إلى بلدان معينة والالتقاء بأمان مع المدافعين/ات عن حقوق الإنسان. وهناك بعض الحكومات توفر التمويل لعملنا بما في ذلك أيرلندا والنرويج والسويد والدنمارك وبلجيكا وهولندا.

قبل أيام، دعوتم، في بيان مشترك مع منظمات حقوقية أخرى، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الضغط بشدة على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان، ودعوتم إلى إنهاء الدعم غير المشروط الذي يتمتع به السيسي... فكيف ترون حالة حقوق الإنسان في مصر؟

يسعدنا إطلاق سراح كريم عنارة، وجاسر عبد الرازق، ومحمد بشير، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قبل زيارة السيسي لفرنسا، ونأمل أن يكون هناك قلق دولي متزايد بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر. أعتقد أن المستبدين مثل السيسي في مصر يدركون أنه يمكن أن تكون هناك عواقب لأفعالهم وأنه مع زوال ترامب أصبح مستقبلهم أكثر غموضا.

وبالتالي، هل تعتقد أن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية سيساهم في تحسين حقوق الإنسان بطريقة أو بأخرى؟


من المؤكد أنه لن يضر وجود رئيس للولايات المتحدة لا يدعم ولا يشجع بنشاط ديكتاتوريين فاسدين مستبدين يقتلون ويعذبون. سيتعين علينا أن نرى ما إذا كان يمكن لرئيس الولايات المتحدة أن يلعب دورا عالميا أكثر إيجابية. وأعتقد أننا نقضي الكثير من الوقت في البحث عن شخصيات منقذة من خارج بلداننا، في نهاية اليوم الناس الذين سيحققون التقدم من حيث حقوق الإنسان هم أولئك الذين يعملون بشكل سلمي على المستوى الشعبي داخل مجتمعاتهم.

بمناسبة اليوم العالمي للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وبمناسبة حفل توزيع جوائز "فرونت لاين ديفندرز" للمدافعين/ات عن حقوق الإنسان لسنة 2020.. ما هي رسالتك للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان؟


الشجاعة للعمل من أجل التغيير في مواجهة القمع هي الخيط الذي يمر عبره خمسة فائزين ملهمين بالجوائز الإقليمية. وفي هذا العام الذي يصادف الذكرى الخامسة والعشرين من إعلان بكين في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، تفخر "فرونت لاين ديفندرز" بتقديم 4 من أصل 5 جوائز إقليمية للمدافعات عن حقوق الإنسان اللواتي تكافحن من أجل إصلاح القوانين والنهوض بحقوق النساء والفتيات في مجتمعاتهن.

هذا العام، على الرغم من وبسبب الوباء، واجه المدافعون/ات عن حقوق الإنسان تحديات غير مسبوقة لعملهم/ن وأمنهم/ن، تكيفت منظمة "فرونت لاين ديفندرز" مع الوضع حتى تستمر في تلبية الاحتياجات وطلبات الدعم، ونحن نتطلع إلى الأمام في عالم ما بعد أزمة "كوفيد-19"، حيث سيلعب المدافعون/ات عن حقوق الإنسان دورا رئيسيا في المساعدة لمعالجة الإخفاقات التي تم الكشف عنها من حيث الفساد وعدم الكفاءة وإساءة استخدام السلطة، بالإضافة إلى سعيهم/ن المستمر لتحقيق الكرامة والعدالة.

بمناسبة جائزة "فرونت لاين ديفندرز"، نجتمع للاحتفال بمَن يتجرأ ليحلم بعالم أفضل، ويغذي الأمل، والذي على الرغم من المخاطر الكبيرة، يعمل على جعل العالم الأفضل حقيقة واقعة.

ما هي المعايير التي يتم على أساسها اختيار المدافعين/ات لجائزة "فرونت لاين ديفندرز"؟


يتم اتخاذ القرار بشأن الفائزين/ات بجائزة "فرونت لاين ديفندرز" من قِبل لجنة تحكيم تتكون من برلمانيين أيرلنديين من مختلف الأحزاب على أساس الترشيحات التي تأتي من المدافعين/ات عن حقوق الإنسان حول العالم.

والمعيار الأساسي هو التعرف على أولئك الذين/اللاتي يواصلون/ن تقديم مساهمة كبيرة للنهوض بحقوق الإنسان على الرغم من المخاطر التي يواجهونها.

التعليقات (1)
محمد حسن محمد الميرغني
الثلاثاء، 05-01-2021 08:17 ص
نحلم أن يكون هذا العام الجديد هو عام الحريه والكرامه وأن تكون الانسانية هي في المقدمة