كشف تقرير حقوقي أن
سوريا باتت من أسوأ دول العالم في كمية
الألغام المزروعة منذ عام 2011.
وقال التقرير الصادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان؛ إن الألغام قتلت ما لا يقل عن 2601 مدني في سوريا منذ عام 2011، بينهم 598 طفلاً و267 سيدة، أي أن 33 في المئة من الضحايا هم نساء وأطفال، ما يؤكد "عشوائية" هذا السلاح.
وأوضح التقرير الذي يتكون من 16 صفحة؛ أنه "من الصعوبة بمكان إسناد مسؤولية حوادث القتل بشكل محدد إلى أحد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في حالتين اثنتين، هما: الألغام الأرضية المضادة للأفراد والمركبات، والتفجيرات عن بعد بما فيها الهجمات الانتحارية أو الإجبارية".
وأكد أن هناك صعوبات وتحديات إضافية خاصة تواجه فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان وتحول دون إسناد مسؤولية حوادث القتل بسبب الألغام إلى جهة محددة من أطراف النزاع، ومنها أن جميع أطراف النزاع المحلية تستخدم هذا النوع من السلاح، إلى جانب تعدد أطراف النزاع والقوى التي سيطرت على المناطق التي تقع فيها حقول الألغام، فيما لم تكشف أيٌّ من أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا عن خرائط للأماكن التي زرعت فيها الألغام، بحسب التقرير.
ووفقا للتقرير، فإن كل "أطراف النزاع في سوريا قد استخدمت الألغام على مدى قرابة عشر سنوات، باستثناء قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والقوات الروسية". وذلك يعود إلى امتلاك النظام السوري عشرات آلاف الألغام، إضافة إلى سهولة تصنيعها وكلفتها المنخفضة؛ "الأمر الذي مكَّن بقية أطراف النزاع من استخدامها على نحوٍ واسع ودون اكتراث للإعلان عن مواقعها أو إزالتها".
وطبقاً للتقرير، فإن أغلب ضحايا الألغام الأرضية قد وقعوا في محافظتي حلب والرقة، وبلغت نسبة حصيلة الضحايا في المحافظتين قرابة 51 في المئة من مجمل ضحايا الألغام، تليهما محافظة دير الزور بنسبة تقارب 16 في المئة ثم درعا بقرابة 9 في المئة ثم حماة بنسبة 7 في المئة، ثم بقية المحافظات. وعزا التقرير تفاوت هذه النسب إلى عوامل عديدة، من أبرزها تغير مساحة المناطق المسيطر عليها من قبل أطراف النزاع، وتعدُّد الجهات التي سيطرت على المحافظة الواحدة، موضحاً أنَّ محافظة حلب من أكثر المحافظات التي تغيرت فيها القوى المسيطرة على المناطق.
وشهد العام 2017 وقوع الحصيلة الأكبر من الضحايا بسبب الألغام، وقد شكلت قرابة الثلث مقارنة مع بقية الأعوام، مع استمرار سقوط ضحايا بسبب الألغام على الرغم من تراجع العمليات العسكرية، ومضت سنوات عديدة على زراعة حقول من الألغام، واكتشاف الكثير منها من قبل المنظمات المحلية العاملة في إزالتها.
ورأى التقرير أنه "ما زالت هناك العديد من حقول ومواقع زراعة الألغام لم تكتشف بعد؛ مما يهدد أجيالاً من السوريين لعقود قادمة، والأطفال في مقدمة المتأثرين" بها. وأكد أن استخدام هذا الأسلوب يعد من
جرائم الحرب.
وقال إنه لم تقم أيّ من "القوى الفاعلة" التي استخدمت الألغام بالكشف عن خرائط للأماكن التي زرعت فيها الألغام، "كما أنها لم تعمل بشكل جدي على إزالتها، وبشكل خاص النظام السوري الذي استعاد مناطق واسعة لكنه لم يقم بعمليات إزالة مدروسة للألغام".
سيارات مفخخة وهجمات انتحارية و"إجبارية"
وكانت الشبكة قد أصدرت الشهر الماضي تقريرا تناول ضحايا العمليات "عن بُعد" ومن ضمنها الانتحارية و"الإجبارية"، مشيرة إلى مقتل ما لا يقل عن 9967 مدنيا بينهم 1683 طفلا و1126 سيدة بسبب
التفجيرات عن بعد منذ آذار/ مارس 2011.
وجاء التقرير تحت عنوان: "التفجيرات عن بعد بما فيها الانتحارية/ الإجبارية وعدم القدرة على تحديد هوية المجرم... القاتل المجهول!".
وأشار التقرير الذي جاء في 18 صفحة إلى أن تلك التفجيرات تشمل العبوات الناسفة التي يحملها الأفراد أو المركبات، وتتم عملية التفجير بشكل أساسي إما عبر لاسلكي أو عبر مؤقت زمن، وهذا ما يجعل عملية إثبات مسؤولية جهة ما عن التفجير "عملية معقدة جداً".
ورأى التقرير أنّ "تبني جهة ما لعملية التفجير كما حصل في كثير من الحوادث التي تبناها تنظيم داعش الإرهابي، أو تنظيم جبهة النصرة، لا يمكن الاعتماد عليه مصدراً وحيداً في إسناد مسؤولية التفجير. وكذلك الأمر في بعض حوادث التفجيرات عن بعد التي قد تتوافر فيها قرائن تُشير إلى الجهة التي ارتكبت التفجير، مثل تفجيرات حصلت داخل أفرع أمنية تابعة للنظام السوري على الرغم من الحواجز الأمنية التي تحيط بها، فهناك شكوك تُشير إلى قيام النظام السوري بمثل هذه الأنواع من التفجيرات بهدف حشد الرأي العام معه، لكن لا يمكن إسناد مسؤولية هذه التفجيرات إلى النظام السوري بمجرد الاعتماد على تلك القرائن"، وفق التقرير.
وفي كثير من الأحيان قد يتم تحميل الشخص عبوة ناسفة دون أن يعلم، أو تحت التهديد والإرهاب (يتم تفجيرها عن بُعد)، كما قد يتم تركيب عبوة ناسفة على مركبة دون أن يعلم صاحبها، ويتم تفجيرها عن بعد وهو يقودها، أو بعد أن يقوم بإيقافها.
وكذلك الأمر للأحزمة الناسفة التي "يرتديها الشخص الانتحاري أو المجبَر"، وهي محشوة بالمتفجرات، ولها صاعق، وقد تحتوي على كرات حديدية صغيرة، أو مسامير، التي تكون بمثابة شظايا؛ بهدف إيقاع أكبر ضرر ممكن.
ووفقاً للتقرير فإنَّ أغلب ضحايا التفجيرات عن بعد قد وقعوا في محافظة حلب، وبلغت نسبة حصيلة ضحايا التفجيرات فيها قرابة 22 في المئة من مجمل الضحايا، تلتها محافظة إدلب بنسبة تقارب 14 في المئة، ثم دير الزور بقرابة 10 في المئة، ثم بقية المحافظات. وعزا التقرير تفاوت النسب إلى عوامل عديدة من أبرزها تغير واقع السيطرة على المناطق، وتعدُّد الجهات التي سيطرت على المحافظة الواحدة، وتنافسهم على أراضيها.
وقال التقرير إن الاختلال في موازين القوى دفع بعض أطراف النزاع المسلح الداخلي إلى تفادي الاشتباك المباشر، واستخدام أسلوب التفجيرات عن بعد بما فيها الانتحارية منها، "وهو يندرج ضمن إطار المواجهة التي تهدف إلى بثِّ الرعب والإرهاب بين صفوف الأهالي في مناطق الخصم"، مشيرا إلى أن مئات من حوادث التفجيرات عن بعد، التي تسبَّبت في مقتل آلاف المدنيين السوريين لم توجَّه إلى هدف عسكري، أو أنها مبررة من الناحية العسكرية، بل استهدفت السكان المدنيين والأسواق وأماكن العبادة والمراكز الحيوية المدنية، وغيرها.
وحمّل التقرير "القادة المدنيين والعسكريين المسؤولية الجنائية وفقاً لمبدأ مسؤولية القيادة".