هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "سفوبودنايا بريسا" الروسية تقريرا، قالت فيه إن عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، هي خطة نفذها الجانب الإسرائيلي لإجبار الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا، جو بايدن، على التخلي عن النهج الدبلوماسي في التعامل مع إيران، واختيار النهج العسكري لمواجهة طموحات إيران النووية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي
ترجمته "عربي21"، إن محسن فخري زاده هو المهندس السري لبرنامج إيران النووي،
رغم نفي إيران لذلك. وقد تعامل مع قيادة الحرس الثوري الإيراني، وترأس مركز البحوث الفيزيائية،
حيث أشرف على تصميم وشراء المواد لدعم جهود إيران لتخصيب اليورانيوم.
وأضافت الصحيفة أنه قبل وفاته،
شغل فخري زادة منصب رئيس منظمة البحث والابتكار التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية. وذكر
تقرير نشرته وزارة الخارجية الأمريكية في حزيران/ يونيو 2020 أن فخري زاده استخدم منظمة
البحث والابتكار لجذب علماء سابقين شاركوا في برامج الأسلحة والأنشطة التقنية المتصلة
بالأسلحة النووية، من أجل مساعدته في تطوير الأسلحة النووية في حالة اتخاذ قرار باستئناف
هذا العمل.
مأزق ترامب
في الحقيقة، كان لهذه الإدانة، إلى جانب قرار إيران بإنهاء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 والمعروفة باسم اتفاقية
إيران النووية، بشأن تخزين اليورانيوم منخفض التخصيب واستخدام أجهزة الطرد المركزي
الحديثة لتخصيب اليورانيوم، تأثير على تصفية العالم النووي.
في أيار/ مايو من عام 2019،
أي بعد عام من انسحاب الرئيس دونالد ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة، تخلت إيران
بدورها عن التزاماتها بموجب الاتفاق، مشيرة إلى حقها في القيام بذلك بموجب المادتين
26 و36 من الاتفاق، التي تسمح لأحد أطراف الاتفاقية بإنهاء التزاماتها إذا تبين انتهاك
الطرف الآخر للقواعد. علاوة على ذلك، تجادل إيران بأن فشل أوروبا في الوفاء بالتزاماتها
الاقتصادية بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة يشكل إخفاقا واضحا.
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي: اغتيال زاده رسالة تحالف إسرائيلية عربية لبايدن
وأوردت الصحيفة أن عدم امتثال
إيران لخطة العمل الشاملة المشتركة وضع إدارة ترامب في مأزق، وبات جليا أن سياسة
"الضغط الأقصى" القائمة على العقوبات والمطبقة منذ عام 2018 فشلت ولم تنجح
في إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات والتفاوض على برنامج نووي جديد أكثر تقييدا.
من خلال الإعلان الرسمي عن اعتقادها بأن إيران تحتفظ بطموحات خفية للأسلحة النووية، قدمت إدارة ترامب لإيران سببا لإنتاج أسلحة نووية في وقت يشكل فيه ذلك تهديدا مباشرا للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، لا سيما إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وقد أثارت التقارير الصحفية
الحديثة التي تفيد بأن ترامب يدرس خيارات لاستخدام القوة العسكرية ضد البرنامج النووي
الإيراني، المزيد من القلق. بينما يشكل امتلاك إيران المحتمل للأسلحة النووية معضلة
سياسية بالنسبة للولايات المتحدة، فإن السلاح النووي الإيراني سيشكل تهديدا وجوديا
بالنسبة لإسرائيل.
وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم
من أن المعلومات الاستخباراتية التي تقف وراء التقييمات الأمريكية والإسرائيلية لوجود
برنامج للأسلحة النووية تتأتى من مصادر مشبوهة، غير أن إسرائيل تبنت موقفا متشددا بشأن
ذلك. في محاولة لدعم هذا الموقف، اختلقت إسرائيل معلومات استخباراتية عن إيران. وبقيامها
بذلك، قوضت مصداقيتها لدرجة أنه عند إعلان حصول استخباراتها في أوائل عام 2018 على
أرشيف إيران النووي، وقع التشكيك في صحة الادعاء.
إدراك بايدن
على الرغم من عدم إعلان إسرائيل
مسؤوليتها عن اغتيال محسن فخري زاده، إلا أن تصفيته تندرج ضمن جهود إسرائيل لتدمير
إمكانات إيران النووية. بالإضافة إلى ذلك، يدرك جو بايدن الجهود الإسرائيلية في هذا
الاتجاه. وبصفته نائب الرئيس، حضر اجتماعات مهمة حول تنفيذ الهجوم بواسطة فيروس ستوكسنت.
وكان على دراية بالضغوط التي سُلطت على الرئيس أوباما للقيام بعمل عسكري ضد إيران،
مدركا الدور الذي لعبه اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين في زيادة هذا الضغط.
وقد لعب جيك سوليفان، الذي عمل
مستشارا للأمن القومي لبايدن عندما كان نائبا للرئيس، دورا مهما في المفاوضات المبكرة
مع إيران التي جعلت خطة العمل الشاملة المشتركة ممكنة. وكان بايدن يدرك أن خطة العمل
الشاملة المشتركة استثناء دبلوماسيا لسياسات من شأنها أن تؤدي إلى الحرب.
في الحقيقة، كان اغتيال فخري
زاده خطوة متعمدة من قبل إسرائيل، غير أنه لن يكون لوفاته تأثير حقيقي على أنشطة إيران
النووية. ومع ذلك، وجه مقتله في وضح النهار وفي قلب إيران طعنة لقيادة طهران، وأثبت
مرة أخرى أن الذراع الممتدة للاستخبارات الإسرائيلية يمكن أن تطال أي شخص تقريبا.
في الوقت نفسه، سيكون لهذا الاغتيال التأثير الأكثر خطورة على فريق الأمن القومي المحيط
بالرئيس المرتقب جو بايدن.
وأوردت الصحيفة أنه من وجهة
نظر إسرائيل لم يفشل "الضغط الأقصى" في إجبار إيران على الجلوس على طاولة
المفاوضات فحسب، بل دفعها إلى تطوير أسلحة نووية. إن الهدف الأكثر أهمية من مقتل فخري
زاده هو خلق سياسة الأمر الواقع من حيث الخيارات التي تنظر فيها إدارة بايدن المستقبلية.
ومن غير المرجح أن تنجح إعادة الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، إذ لن توافق
إيران على الشروط العديدة التي يسعى بايدن ومستشاريه إلى فرضها على إيران.
يمثل استمرار برنامج "الضغط
الأقصى" لترامب خيارا غير قابلا للتطبيق سياسيا، نظرا لتقدم البرنامج النووي
الإيراني، وتأثير ذلك على الفرص التي تدعم شرعية خطة العمل الشاملة المشتركة من وجهة
نظر الولايات المتحدة.