هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توالت الردود السودانية الرافضة، لقرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، بتشكيل "مجلس شركاء"، وشمل هذا الرفض أطرافا رئيسية في السلطة الانتقالية، بينهم رئيس الحكومة عبدالله حمدوك، الذي أصدر بيانا دعا فيه إلى "مراجعة قرار التشكيل والاختصاصات، على ضوء الوثيقة الدستورية الحاكمة".
وأصدر
البرهان الخميس الماضي، قرارا بتشكيل "مجلس الشركاء" ليضمه برفقة حمدوك
وخمسة أعضاء من مجلس السيادة، إضافة إلى 13 عضوا من قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)،
وخمسة من قيادات الجبهة الثورية.
لكن
هذا القرار، هاجمته أطراف أساسية في السلطة الانتقالية، وقال تجمع المهنيين
بالسودان الذي تصدر تنظيم الاحتجاجات الشعبية في كانون الأول/ ديسمبر 2018، التي تواصلت
حتى الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019؛ إن "تكون مجلس الشركاء،
يأتي استمرارا لمنهج فرض ترتيبات منافية لروح ثورة ديسمبر وأهداف الفترة الانتقالية".
أساس الأزمة
ورأى
التجمع في بيان أن هذه الخطوة تشكل "التفافا جديدا على آليات مراقبة الفترة الانتقالية
وتوجيهها، التي يمثلها المجلس التشريعي، الذي يجب أن يتم تكوينه بمعايير تعكس وزن القوى
الثورية وتنوعها"، وأضاف: "ننظر بعين الريبة للهمة والحرص وراء تكوين
هذا المجلس، مقابل التقاعس والتسويف في تشكيل المجلس التشريعي، والتجاهل التام لتكوين
المفوضيات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية".
بدوره،
وصف المحلل السوداني خالد التيجاني ما يجري بأنه "معركة في غير معترك"،
موضحا أن "الوثيقة الدستورية حددت هياكل الحكم بالسودان، ممثلة بمجالس
السيادة والوزارات والتشريعي، والأخير لم يتم تشكيله إلى الآن، بسبب انتظار اكتمال
مسار اتفاقيات السلام".
وتابع
التيجاني حديثه لـ"عربي21": "المجلس التشريعي هو أساس الأزمة،
والمكون العسكري غير حريص عليه، لأنه سيقيد صلاحياته"، لافتا إلى أن هناك
حركتين مسلحتين، لا تزالان لم تنضما إلى اتفاق السلام، لذلك فإن الأولى انتظارهما.
اقرأ أيضا: أول موقف بعد رحيل المهدي.. "الأمة" يعلق على مجلس الشركاء
وأكد
أن المواقف الرافضة لقرار البرهان، نابعة من التنازع على القرار السياسي، ومن
يمتلكه، مشددا على أن الوثيقة الدستورية تعطي صلاحيات تنفيذية واسعة للحكومة
الانتقالية، إلا أن افتقار الحكومة للخبرة السياسية في السودان، أظهر ضعفها.
وأضاف
التيجاني أن "الانشقاقات والانقسامات في قوى إعلان الحرية والتغيير، عززت ضعف
الحكومة، وفرض المكون العسكري نفسه كسلطة أمر واقع"، مستشهدا بأن "عملية
السلام مع الحركات المسلحة كان يجب إدارتها من الحكومة، لكن ضعفها دفع العسكريين
للمشاركة فيها".
وأشار
إلى أن مجلس الشركاء طلبته "الحرية والتغيير" لمواجهة أي تحالفات جديدة
بين العسكريين والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، وحتى لا تجد نفسها خارج
معادلة الحكم، مؤكدا أن المدنيين اقترحوا أن تكون رئاسة المجلس الجديد بالتناوب
بين البرهان وحمدوك.
ضغوط خارجية
لكن
بعد صدور قرار تشكيل المجلس، ظهر حمدوك عضوا فيه وليس كما هو مقترح، وهو ما دفعه
للاعتراض على الاختصاصات والصلاحيات، وفق المحلل السوادني الذي ذكر أن "هناك
ضغوطا خارجية وتحفظات على تمدد العسكريين ومحاولتهم اختطاف صلاحيات المجلس التشريعي"،
بحسب تعبيره.
وأوضح
التيجاني أن "مجلس الشركاء يحظى بصلاحيات أوسع من الحكومة"، متطرقا إلى
موقف حزب الأمة القومي، الذي يعد من المقترحين للمجلس، لكن اعتراضه يعود إلى أنه
"كان يتصور رئاسة الصادق المهدي للمجلس قبل وفاته".
واستدرك
قائلا: "كل طرف لا يقول سبب الرفض الرئيسي، والاحتجاج واضح أنه على حجمه
ودوره في المجلس الجديد"، مستبعدا تغير الواقع المتمثل بفرض العسكريين لنفوذهم، بسبب ضعف الحكومة وقوى الحرية والتغيير.
وفي
سياق الردود الرافضة، دعا تحالف قوى الحرية والتغيير بالسودان، إلى إلغاء المرسوم
الصادر من البرهان، إلى حين تحقيق التوافق بما يضمن تحقيق مهام الثورة.
اقرأ أيضا: حكومة السودان ترفض قرار البرهان تشكيل "مجلس الشركاء"
وأوضح التحالف الشريك في الحكم، في بيان،
أن "المجلس لا يمتلك أي صلاحيات تنفيذية أو تشريعية، ولا ينبغي أن يمس المؤسسات
المشكلة بواسطة الوثيقة الدستورية، أو يتغول على صلاحياتها".
وأضاف البيان أن قوى الحرية والتغيير
"تؤكد على أهمية إحكام التنسيق وتوحيد المواقف بين مختلف مكونات الفترة الانتقالية
بصورة مؤسسية، وإلغاء الصلاحيات الواردة في المرسوم حتى يتم التوافق عليها بما يضمن
تحقيق مهام الثورة".
وتابع: "هذا التنسيق يجب أن يحافظ
بوضوح على صلاحيات ومهام هياكل السلطة الانتقالية المختلفة، دون تغول طرف أو انتقاص
طرف آخر"، مضيفا أن "المرسوم الصادر من رئيس مجلس السيادة غير متوافق على
ما ورد فيه من صلاحيات، ولم يُعرض على الحرية والتغيير قبل إصداره، واحتوى على صلاحيات
للمجلس (الشراكة) تخرج به من الطبيعة التنسيقية التي أنشئ من أجلها".
وفي أول موقف سياسي بعد رحيل زعيمه
الصادق المهدي، قال حزب الأمة القومي: "إننا سنعمل مع جميع الشركاء خلال الساعات
المقبلة، لتصحيح التجاوزات، في ما يتعلق بصلاحيات مجلس الشركاء، لضمان عدم تغوله على
الأجهزة الأخرى، وأن يتم تكوينه بالتراضي والتوافق بين الجميع".
وأوضح
الأمين العام والناطق الرسمي للحزب الواثق البرير في بيان، أن "مجلس التنسيق بحزب
الأمة اجتمع وقرر أن ينهض فورا، للعمل على ضرورة إصلاح هذا الوضع، بالتواصل مع جميع
الشركاء، لتصحيح التجاوزات في تشكيل المجلس الجديد".