هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أظهرت دراسة
حديثة حملت عنوان "مستقبل داعش: عوامل القوة والضعف ديناميكيات الخلافة
الافتراضية وفجوة استراتيجيات مكافحة الإرهاب"، أن التنظيم تمكن من القيام باستدارة
كبيرة عبر عمليات التكيف وإعادة الهيكلة وتحول "الخلافة" نحو النموذج
الافتراضي؛ على صعيد التكتيكات الميدانية والعسكرية والأمنية.
الدراسة للباحث
في شؤون الجماعات الإسلامية، الدكتور محمد أبو رمان، توقع فيها "ألا يستعيد
التنظيم قدرته على بناء الحاضنات الاجتماعية في ظل التجربة السابقة المريرة لهذه
المجتمعات مع حكمه، ولا توجد مؤشرات ولا إرهاصات لمراجعات فكرية تطمئن المجتمعات
أنّها إن دعمت التنظيم لن تدفع ثمناً غالياً كما حدث سابقاً".
وقال أبو رمان: "ما يزال قادة التنظيم على الخط الأيديولوجي نفسه للسابقين، إلاّ إذا حدث
تطور مفاجئ، على الصعيد نفسه، أو على صعيد العلاقة بينه وبين تنظيم القاعدة، إذ
يتقاسم كلاهما النفوذ والعلاقة مع الجماعات الجهادية المحلية، فمثل هذا السيناريو
سيؤدي إلى تحولات أخرى تعزز من قدرة التنظيم على اكتساب قاعدة اجتماعية أو تعيد
قدرته على التجنيد بصورة أقوى".
فشل سياسات مكافحة الإرهاب
وانتقدت الدراسة
التي تنفرد "عربي21" بنشرها سياسات مكافحة الإرهاب، وقالت إنها "ما
تزال تركّز على النتائج، لا على الأسباب والشروط والسياقات، ما يعني أنّ تنظيم
الدولة أو غيره من تنظيمات سيجد دائماً بيئة خصبة للتجنيد والدعاية، وربما حاضنات
اجتماعية، في العديد من المناطق".
وحذرت
الدراسة مما أسمته "تركة داعش"؛ وبينت أن "التنظيم قام خلال
الأعوام الماضية بتدريب وتنشئة جيل كامل في المناطق التي سيطر عليها أو من
القادمين إليها، وكثير منهم في المعتقلات والمعسكرات، بخاصة ممن كانوا يلقبون
بأشبال الخلافة، فيما لم تطور المجتمعات المحلية ولا المنظمات الدولية ولا حتى
الدول التي قد تستعيدهم من معسكرات التنظيم أي استراتيجيات واضحة لإعادة تأهيل
هؤلاء وإدماجهم في مجتمعاتهم، ما يعني أنّنا أمام جيل كامل ليست لدينا إجابات
مقنعة إلى الآن في كيفية التعامل معه".
إعادة الهيكلة والتكيف
وقالت إن "التنظيم ما يزال يحافظ على ديناميكيات فعّالة في إعادة
الهيكلة والإنتاج والتكيّف مع المرحلة الحالية، وهي خبرة لا يستهان بها تحصّل عليها
التنظيم في تجربته العراقية، كما حصل بعدما انهارت الدولة الأولى بعد مقتل
الزرقاوي، وبعد تشكل الصحوات السنيّة، 2007-2008، فقام التنظيم بعملية إعادة هيكلة
وصعد مرّة أخرى، وكما حصل مع تنظيم القاعدة نفسه، بعد الحرب الأفغانية 2002، إذ
قام بالتحول إلى اللا مركزية، وتمكن من البقاء والعودة إلى العمل والفعالية".
وبحسب الدراسة التي أصدرتها مؤسسة فريدريش ايبرت "لعلّ أبرز ما يمكن ملاحظته في إعادة الهيكلة والتكيف، هو
التحول من نموذج الخلافة الواقعية إلى الخلافة الافتراضية، فالتنظيم أدرك مباشرة
أنّ الخلافة بالمعنى الواقعي المحسوس على الأرض انتهت، مع فقدان المدن الكبرى، لكنه
– في الوقت نفسه- حافظ على رمزيتها لدى الأتباع والمؤيدين، فتحولت من أمر واقعي
إلى افتراضي، ما وفّر للتنظيم غطاء فكرياً وأيديولوجيا للعلاقة بينه وبين الفروع
المختلفة في أنحاء العالم، وأبقى الرسالة العالمية له فعّالة، فـزعيم التنظيم ما
يزال يخاطب المؤيدين بوصفه خليفة، والماكينة الإعلامية تضخ هذه الرسالة باستمرار،
ما يعني عدم ترك فراغ بإعلان نهاية الخلافة رسمياً وعلنياً".
أسباب ما زالت ماثلة
ويرى أبو رمان في دراسته على الطرف الآخر، أن أحد الأعمدة الرئيسية لخطاب تنظيم
الدولة والعوامل الأساسية في صعوده وقدرته على التجنيد ما زالت موجودة وهي دعوى
المظلوميات والتهميش لشرائح اجتماعية عديدة (مثل السنة في العراق وسورية، والبشتون
في أفغانستان، وبعض المناطق والقبائل في أفريقيا، والتقسيمات الدينية هناك) وحالة
الضعف التي عليها المجتمعات العربية والمسلمة.
إضافة إلى ذلك السياسات الاستبدادية وأزمة الشرعية السياسية لدى الأنظمة
الرسمية العربية، فمثل هذه السياسات والأوضاع تعطي التنظيم مجالاً خصباً لاستقطاب
أفراد بل ربما شرائح اجتماعية، وتشرعن الخطاب الثوري ضد هذه الأوضاع، بخاصة مع ما
يمكن أن نطلق عليه حالياً "حقبة السلطوية الجديدة" في العالم العربي،
والانقلاب على مخرجات الربيع العربي.
التنظيم ابن شرعي لسياسات السلطوية الرسمية
وقال معد الدراسة إن "مثل هذه السياسات التي تخنق مساحات الديمقراطية
والحريات وتقزّمها إلى أبعد حد، تمثل هي الأخرى مجالاً فسيحاً لنشاط التنظيم ودعايته،
فتنظيم داعش هو ابن شرعي لسياسات السلطوية الرسمية العربية ونتيجة منطقية وطبيعية
للانسداد السياسي وإغلاق المساحات الشرعية للعمل العام والحريات والطاقات، ما يدفع
بالعديد من الشباب إلى ساحات أخرى، كما حدث مع العديد من أبناء جماعة الإخوان
المسلمين في مصر، بعد الانقلاب العسكري في 4 تموز 2013، وما تلاه من وقائع فض
اعتصامي رابعة العدوية والنهضة".
ولفت إلى أن ذلك، أدى إلى "الزج بالآلاف من الشباب الإخواني في السجون
والمعتقلات وهروب الآلاف إلى خارج مصر، أو انضمامهم داخل مصر إلى الجماعات
الراديكالية، ومنها أنصار الشريعة (التي أصبحت لاحقاً جزءاً من شبكة داعش)، وكذلك
الأمر مع أفراد الجيش العراقي المنحل، الذين تم تسريحهم ومنعوا من العمل مرة أخرى في
الأجهزة العسكرية والأمنية، ومهنتهم هي العمل المسلّح والقتال، فالبديل المنطقي
سيكون التيار الراديكالي الجهادي، بنسخته الداعشية في العراق".
وفيما يلي النسخة الكاملة للدراسة: