سياسة عربية

ما خيارات الرياض في الرد على هجمات الحوثيين الأخيرة؟

الحوثيون وجهوا ضربات صاروخية وبطائرات مسيرة لأهداف سعودية بكثافة الفترة الماضية- تويتر
الحوثيون وجهوا ضربات صاروخية وبطائرات مسيرة لأهداف سعودية بكثافة الفترة الماضية- تويتر
صعّد الحوثيون مؤخرا، من وتيرة عملياتهم العسكرية داخل عمق السعودية، ما أثار أسئلة عدة عن خيارات الرياض في الرد على هذه الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية في المملكة. 

فخلال أيام، نفذ الحوثيون هجمات متنوعة، استهدفت محطة نفطية عائمة في جازان (جنوبا)، وأخرى لتوزيع النفط تابعة لآرامكو في مدينة جدة ( غربا)، وأمس الأربعاء، ناقلة نفط، في ميناء الشقيق على البحر الأحمر، ما خلف أضرارا وحرائق فيها.

ويرى مراقبون وخبراء أن استهداف الحوثيين منشآت اقتصادية هي الأهم بالمملكة، يكشف غياب أي استراتيجية سعودية في حربها باليمن، فضلا عن حالة من العجز والاختلالات التي تحيط بدوائر صنع القرار السعودي، بعدما أغرقتها حليفتها الإمارات في ملفات وخصومات كانت بمنأى عنها. 

"عجز وسوء قيادة"

ويرى الخبير اليمني في الشؤون الأمنية والعسكرية، علي الذهب، أن هناك عجزا سعوديا، فبنك أهدافها ضد الحوثيين نفد، ولم يعد لديها سوى أماكن محتملة لوجود الصواريخ والطائرات المسيرة، وأحيانا سبق أن قامت باستهدافها بشكل متكرر.

وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن ردود الفعل السعودي على هجمات الحوثيين أو الاستجابة لها أصبحت روتينية وغير فعالة.

وأضاف الذهب أن الحوثيين استطاعوا التعامل بمرونة وبجدارة مع الفعل وردة الفعل السعودية، وبدعم وإسناد من إيران، التي ألقت بثقلها مؤخرا في الحرب الجارية باليمن.

وأكد الخبير اليمني أن خيارات الرياض في المقام الأول هنا "استخباراتية"، نظرا لعدم قدرتها أيضا على افتعال معركة برية في أطراف الحدود الجنوبية والغربية المحاذية لشمال اليمن.

وتابع: "ليس لدى المملكة استعداد لخوض معركة برية هناك، بعد تجربة 5 سنوات، سيما بعد عزلها الأمير فهد بن تركي من قيادة قواتها البرية، وعمليات التحالف الذي تقوده باليمن.

ومن الخيارات المتاحة بحسب الذهب أن تقوم المملكة بتعزيز قدراتها الاستخباراتية في البحر -بعد تنفيذ الحوثيين عمليات بزواق مفخخة مسيرة عن بعد- وفي مناطق انتشار الحوثي لمعرفة حركتها بشأن منصات اطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.

وشدد على ضرورة إشغال الحوثيين في مناطق النزاع الداخلية في جبهات نهم (شرق صنعاء) ومأرب والجوف ( شرق وشمال البلاد)، بحيث يوجه الكثير من جهوده المادية والبشرية نحو هذه الجبهات.

وأردف: "ستشتعل هذه الجبهات، وستتمكن قوات الجيش اليمني من استعادة مواقعه السابقة، وتحقيق مكاسب عسكرية تخدم جميع الأطراف بما فيها الطرف السعودي".

وقلل من أهمية محاولات القيادة السعودية تعزيز دفاعاتها الجوية، وقال: لا أتصور أنها ستأتي بنتيجة إيجابية مؤثرة، كون الطائرات المسيرة تحلق من ارتفاعات منخفضة بعيدا عن الرادار، بالإضافة إلى قدرتها على التخفي وضرب أهدافها بدقة.

وأوضح الخبير اليمني أن السعودية تواجد تحديا عسكريا واضحا، عقب دخول طهران المعركة بشكل مباشر، لافتا إلى أن تعيين سفير لها لدى الحوثيين ما هو إلا واجهة سياسية لنشاط وعمليات عسكرية، يشرف عليها مع مجموعة من الخلايا العسكرية والفنية والاستخبارية الإيرانية التي تضطلع بالتخطيط الاستراتيجي.

واعتبر الذهب أن تنفيذ جماعة الحوثي مثل هذه الضربات، بعد 5 سنوات من الحرب، يعود إلى "سوء إدارة الرياض وقيادتها للمعركة" وأضاف: "تتعرض المملكة السعودية لضربات موجعة، دون أن تتعرض دول حليفة لها لمثل تلك الضربات رغم وقوعها بنفس البعد".

وعزز حديثه، بالهجمات التي تقودها إيران باسم الحوثيين والتي استهدفت في سبتمبر/ أيلول 2019، منشأتي بقيق (70 كلم من الخليج) وخريص (150 كلم من الرياض)، متسائلا في الوقت ذاته: لماذا لم تستهدف مثل هذه الضربات دولة الإمارات حليفة السعودية التي أعلنت انسحابها أواخر العام 2019.

واستطرد: "ما يعني أن أبوظبي تخلت عن حليفتها في مسائل كثيرة، وأغرقتها في التحالف، وفتحت لها أكثر من خصم، ثم خرجت باستراتيجية سلمتها من الكثير من الهجمات المحتملة التي تقودها ايران باسم الحوثيين".

وبين الخبير الاستراتيجي اليمني أن السلطات السعودية تواجه أزمة حلفاء دوليين يفتقدون للمصداقية، مؤكدا أن تضخيم الحوثيين من قبل البريطانيين والأمريكيين، وجعلها ورقة حاضرة لابد من بقائها، الغرض منها "فرض هذه الجماعة كورقة ابتزاز على الرياض لتنساق صوب التطبيع مع إسرائيل"، وفق تعبيره.

وأمس الأربعاء، أعلنت شركة للأمن البحري أن ناقلة تشغلها اليونان أصيبت بلغم في مرفأ سعودي. وفق وكالة رويترز للأنباء.

وقالت شركة الأمن البحري البريطانية "أمبري" إن الناقلة "أغراري"، التي ترفع علم مالطا وتديرها شركة "تي إم إس تانكرز" اليونانية، أصيبت بأضرار جسيمة جراء انفجار اللغم.

فيما أعلن التحالف العربي الذي تقوده الرياض، مساء الأربعاء، حدوث أضرار طفيفة بسفينة تجارية جراء إحباط "عمل إرهابي" جنوب البحر الأحمر.

"لن نتوقف عن الردع"

من جانبه، قال رئيس الوفد اليمني المفاوض، والناطق باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، إن "العويل السعودي بعد كل رد موجع هو المطلوب، ويعطي عمليات الردع حقها من الأثر اللائق بها".

جاء ذلك في تعليق له عبر موقع "تويتر"، ردا على الشكوى الذي قدمتها المملكة أمام مجلس الأمن بعد الهجمات الأخيرة التي قالت إنها تستهدف مصادر إمداد الطاقة العالمية.

وقال عبد السلام: "رغم تواضع الرد بالمثل، وبما أن العدوان والحصار على اليمن مستمر، فلن نألو جهدا في مواجهته"، وداعيا المجتمع الدولي أن يضغط على المعتدين لإيقاف العدوان والحصار، لأن الشعب اليمني يستحق أن تُسمع معاناته أيضا".

وكان الناطق باسم الحوثي أشار في تغريدة سابقة، إلى أن على "النظام السعودي ألا ينتظر سوى الرد مقابل العدوان والحصار الذي بدأ به وما زال يمارسه بحق الشعب اليمني".

وأضاف: "‏لم يستطع النظام السعودي رغم استجدائه للتنديدات، ومحاولته لعب دور الضحية، أن يتجاوز كونه معتديا وباغيا بحق الشعب اليمني".

وتابع بالقول: "العالم يعرف أن النظام السعودي شن عدوانا وحصارا، ابتدأ به وأعلن عنه وما زال فيه، وما دام كذلك، فعليه ألا ينتظر غير الرد والدفاع المشروع حتى يتوقف العدوان ويفك الحصار".

"فرصة وتخفف الضغط"

من جهته، قال رئيس مركز "أبعاد" للدارسات والبحوث، عبدالسلام محمد، إن الضربات التي استهدفت أرامكو بشكل عام سواء في بقيق أو ينبع أو جدة أو جيزان ينظر لها العالم على أنها استهداف لسوق الطاقة الدولي.

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21": يبدو أن الضربات الأخيرة ستمثل مبررا لإدارة ترامب (الرئيس الأمريكي المنتهي ولايته بعد فوز منافسه جو بايدن) في تحقيق هدف وضع الحوثيين في قوائم الإرهاب وعمل ضربة نوعية لإيران قبل رحيلها.

وبالنسبة للسعودية، وفقا لرئيس مركز أبعاد، فإن هذه الضربات بقدر ما تلحق بها خسائر اقتصادية وإضعاف لسمعتها العسكرية، إلا أنها تخفف عنها الضغط السياسي والإعلامي بخصوص حرب اليمن والوضع الإنساني هناك.

وتابع: "كما هي فرصة لها في إظهار مظلوميتها أمام مجلس الأمن الدولي".

وأكد محمد أن التطورات العسكرية الأخيرة هي فرصة للسعودية لدعم أي قرار أمريكي ضد الحوثيين، وبالمثل، فإن أي قرار لضرب حليفتهم إيران.

والاثنين أعلنت جماعة الحوثي، عن استهدافها محطة توزيع أرامكو في جدة.

وقال المتحدث العسكري لجماعة الحوثي يحيى سريع، في تغريدات عدة على حسابه في "تويتر"، إن "القوة الصاروخية تمكنت من استهداف محطة توزيع أرامكو في جدة بصاروخ مجنح نوع قدس 2".

وأشار إلى أن الصاروخ الجديد دخل الخدمة مؤخرا، "بعد تجارب عملانية ناجحة في العمق السعودي لم يعلن عنها بعد".

وكانت وكالة الأنباء السعودية "واس" نقلت عن مصدر مسؤول في وزارة الطاقة، أن حريقا نشب في خزان للوقود بمحطة توزيع المنتجات البترولية شمال جدة، نتيجة اعتداء إرهابي عليه بقذيفة.
التعليقات (1)
ابوعمر
الجمعة، 27-11-2020 06:58 ص
...وما خيار أو خيارات نساء الشوارع أعزكم الله...غير الخضوع لأقوياء الشوارع..؟