هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شن زعيم "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، هجوما عنيفا على تركيا، واتهمها بالسعي إلى الهيمنة على شمال العراق، وأنها في المستقبل "ستكون أشد وأكبر خطرا من التهديد العسكري الأمريكي"، حسبما صرّح خلال مقابلة مع قناة "العراقية" الرسمية قبل يومين.
تصريحات الخزعلي، أتبعها بتغريدة على حسابه في "تويتر"، السبت، جاء فيها: "إن الإصرار السعودي في التواجد غرب العراق هو في مقابل التواجد التركي في شماله، وهو ما يؤكد أن العراق مقبل على مرحلة زيادة حدة الصراع التركي القطري من جهة، والسعودي الإماراتي من جهة أخرى".
— Qais Alkhaza'ali (@QaisKhazali) November 21, 2020
رد تركي
وعلى ضوء ذلك، رد السفير التركي لدى بغداد، فاتح يلدز، الجمعة، بسلسلة تغريدات شديدة اللهجة، نفى خلالها ما وصفها بـ"الأوهام" للفت الانتباه عمن يشكلون التهديد الحقيقي على وحدة وسيادة العراق.
وكتب يلدز على حسابه في "تويتر" قائلا: "أتوجه إلى العقلية التي تزعم بأن لتركيا أطماعا في الأراضي العراقية، لا تبذلوا جهدا لا يفي نفعا من خلال المزاعم، التي لا أصل لها، والتي خلقتموها في عالم أوهامكم، من أجل لفت الانتباه نحو تركيا من أولئك الذين يشكلون تهديدا حقيقيا على سيادة ووحدة أراضي العراق".
وشدد سفير أنقرة لدى بغداد على أن "تركيا هي الداعمة الأقوى لعراق واحد وموحد، وأن الشعب العراقي هو أفضل من يعرف هذه الحقيقة. لن تستطيعوا خداع الشعب العراقي".
وتشن القوات التركية هجمات متواصلة ضد حزب العمال الكردستاني "بي كاكا" في مناطق شمال العراق، لا سيما في جبل قنديل، إضافة إلى دعواتها المتكررة للسلطات العراقية بوضع حد لتواجد هذه المنظمة، التي تصنفها أنقرة على لائحة الإرهاب.
— Fatih YILDIZ / أبو عشقم (@FATIHYILDIZ_MFA) November 19, 2020
"مبررات للفوضى"
وحول الهدف من تصريحات الخزعلي، فقد رأى الخبير الأمني العميد المتقاعد أعياد الطوفان، في حديث لـ"عربي21"، أن "العراق وتركيا تربطهم علاقات تجارية قوية، واتفاقيات كثيرة".
وأوضح الطوفان أن "التصريحات التي تصدر من هذه الفصائل ما هي إلا مبررات، الهدف منها "الاستمرار في خلق الفوضى بالعراق"، مضيفا: "كي يستمروا في حمل السلاح، وقتل الناس، ونهب البلد الذي أوصلوه إلى حافة الإفلاس".
وأشار إلى أن "مبررات هذه الفصائل تحركها أجندات خارجية وداخلية، وأنها أصبحت اليوم ذات أبعاد اقتصادية أكثر، لأن التجارة مع تركيا قوية جدا، وهم يحاولون الإساءة إليها؛ حتى تتحول التجارة كاملة إلى إيران".
اقرأ أيضا: ماذا وراء إعادة افتتاح معبر "عرعر" بين العراق والسعودية؟
ولفت الطوفان إلى أن "العراق يعتبر الرئة التي تتنفس منها إيران، ولولا أمواله لانهارت منذ سنوات، لما تعانيه من أزمات اقتصادية"، مشيرا إلى أن "نظرية المؤامرة تبقى ملازمة لهذه (الفصائل)، لأنهم يقيسون على أنفسهم".
وتابع: "ستبقى السعودية وتركيا تمثل لهم تهديدا، وإن ذلك كان في أحلامهم، أما ما تطرحه هذه الفصائل من أنها مقاومة تنصر القضية الفلسطينية، فهذا لا وجود له، بل هم أول من هجّر إخواننا الفلسطينيين من العراق، وتركوهم يعانون على الحدود مع سوريا".
وأردف الطوفان قائلا: "تركيا السعودية وفلسطين والولايات المتحدة، ستبقى هذه الدول هي الشماعة التي تعلق عليها هذه الفصائل فشلها، واستخدامها كأعذار جاهزة للاستمرار في تدمير العراق وجره إلى إيران".
"تحذيرات للحكومة"
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي، وائل الركابي، في حديث لـ"عربي21"، أن "تصريحات الخزعلي دائما ما تثبت أنها دقيقة، وأن معلوماته مستندة على أدلة ووثائق حقيقية، وليست قراءة لشخص سياسي".
وبحسب الركابي، فإن "الوجود التركي في الأراضي العراقية، وتصريحات أردوغان والمسؤولين الأتراك، وتدخلهم بالشأن العراقي، وأطماعهم في محافظتي كركوك والموصل، تؤكد أن الأتراك لديهم نية تخدم المشروع الأمريكي".
اقرأ أيضا: بغداد تكشف عن اتفاق مع واشنطن لسحب 500 جندي أمريكي من العراق
وأضاف: "لذلك عندما تحدث الخزعلي عن حدود شمال العراق المحاذية لتركيا والجنوب المحاذي للسعودية، أراد أن يطرح الموضوع بشكل واضح، ولا يفهم أن الأمر فيه أبعاد طائفية، وأن الدول التي تعمل مع الولايات المتحدة هي مضرة بالعراق، وتسعى إلى تقسيم البلد والسيطرة عليه".
وفيما إذا كانت تصريحات الخزعلي تنذر بتصعيد عسكري ضد الأتراك، استبعد الركابي وجود أي نية لذلك، بالقول: "لا أعتقد وجود نية لدى الخزعلي وباقي الفصائل، بالتصعيد ضد الأتراك بقدر ما هي تحذيرات وتنبيهات للحكومة العراقية لأخذ الموضوع على محمل الجد، لأن تركيا دولة تحتل أراضي شمال العراق"، بحسب قوله.
وتابع: "أما إذا انسحبت القوات الأمريكية من العراق، وبقي الأتراك يعبثون في الأراضي العراقية والسيادة، فحينها لن تقف أمام الفصائل أي دولة تنتهك سياسة العراق، بغض النظر عن الأسماء، سواء تركيا أو السعودية أو الولايات المتحدة، فإنهم سيواجهون ردا كبيرا من الفصائل العراقية".
وتربط العراق وتركيا علاقات تجارية واسعة النطاق، إذ يستورد العراق يوميا مختلف البضائع التركية، فيما يصدر العراق كميات كبيرة من النفط عن طريق ميناء جيهان التركي.
وترتبط الدولتان بحدود يبلغ طولها 367 كيلو مترا، إضافة إلى أن النهرين دجلة والفرات اللذين يعتمد عليهما العراق بشكل أساسي ينبعان من الأراضي التركية، وبذلك تجمع البلدين اتفاقيات مائية مهمة.