هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لوّح الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، برفع دعوى قضائية ضد الإدارة الحالية
بقيادة دونالد ترامب، إزاء مواصلتها عدم الاعتراف بفوزه بالانتخابات، والبدء بإجراءات
نقل السلطة.
وقال بايدن، خلال مؤتمر صحفي من ولاية ديلاوير، إنه قد يلجأ إلى القضاء ضد إدارة
ترامب والمؤسسات المعنية بإجراءات نقل السلطة.
وأشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن رئيسة إدارة الخدمات العامة الأمريكية إميلي
مورفي، رفضت التوقيع على خطاب يسمح للفريق الانتقالي للرئيس المنتخب جو بايدن ببدء
عمله رسميا هذا الأسبوع، وهذه الإدارة هي المسؤولة عن تسليم الفريق الانتقالي
لبايدن تمويلا ماليا يقدر بملايين الدولارات، وأيضا مشاركة معلومات استخبارية معه.
السيناريوهات القانونية
وأثار تلويح بايدن باللجوء للقضاء لإرغام إدارة الرئيس ترامب على التعاون مع
فريقه الانتقالي والبدء بإجراءات نقل السلطة، تساؤلات عن السيناريوهات القانونية المحتملة
إذا ما نفذ تهديده، وهل فعلا سيلجأ للقضاء، خاصة أنه أقر بأن الإجراءات القانونية
"ستستغرق الكثير من الوقت".
وقال في مؤتمره الصحفي: "سنتقدم أكثر بالعمل الفعلي مع زملائنا الجمهوريين
الآن"، في مجلسي النواب والشيوخ.
واستبعد محللون مختصون بالشأن الأمريكي لجوء بايدن للقضاء، وأشاروا أيضا إلى أنه لا يمكن توقع ماذا يمكن أن يحدث لو قام بهذه الخطوة، خاصة أن هذه المسألة ستعد سابقة إذا حدثت، إضافة إلى أنه لم يتم تكييف مادة في الدستور الأمريكي لتناسب هذه الإشكالية القانونية.
اقرأ أيضا: بايدن يلوّح باللجوء للقضاء إزاء رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة
وأوضح المختص بالشأن الأمريكي خالد الترعاني بأن "توجه بايدن للقضاء
إذا حدث ليس لتسلم السلطة أو لتحدي ترامب نتائج الانتخابات ورفضه تسليم السلطة، بل
للحصول على تمويل الفريق الانتقالي والمعلومات الاستخباراتية، أو ما يسمى بالموجز الاستخباراتي
الذي يستلمه الرئيس المنتخب يوميا، وللحصول على تسهيلات لاستخدام المباني الفدرالية،
بمعنى سيكون إجراء قانونيا لإنجاز وتسهيل عملية نقل السلطة".
وتابع الترعاني في حديث لـ"عربي21": "المشكلة ليست في عملية
نقل السلطة فهي ستتم ولن يحتاج الأمر رفع دعاوى قضائية من قبل بايدن، ولكن المشكلة
تكمن في التأخير في البدء بها، الذي له تداعيات أمنية وآثار سلبية على الصحة العامة
ومواجهة جائحة كورونا وغيرها من المسائل".
وأشار إلى أن "التأخير في بدء عملية نقل السلطة حدث سابقا بعد انتهاء عهد
الرئيس كلينتون، ما جعل واضعي التقرير الأمني الخاص بهجوم 11 أيلول/سبتمبر يقولون في
توصياتهم بأن سبب عدم قدرة الحكومة الأمريكية على التعامل مع تهديد القاعدة وحدوث الهجوم، هو أن المرحلة الانتقالية بين فترة كلينتون وفترة جورج بوش كانت طويلة، بسبب أنه كان
هناك تحد قانوني لنتائج الانتخابات بين آل غور وبوش، ومن ثم تأخر العملية الانتقالية
قد يشكل خطورات أمنية وصحية أيضا بسبب جائحة كورونا".
وحول السيناريو المحتمل لرد ترامب في حال لجأ بايدن للقضاء وكسب دعواه، قال
الترعاني: "رفع ترامب 31 دعوى قضائية تتعلق بالانتخابات كسب منها واحدة فقط، وقدرة
ترامب على مواجهة نتائج الانتخابات قانونيا فاشلة، خاصة في ظل خسارته معظم قضاياه
المتعلقة بالانتخابات".
مسار قانوني غير واضح
من جهته أشار الكاتب والمحلل السياسي، والخبير في الشأن الأمريكي، د. أسامة
أبو ارشيد إلى أن "السيناريوهات القانونية غير واضحة، لأنه لا توجد سابقة لمثل
هذه الممارسة من قبل إدارة أمريكية سابقة بحق إدارة قادمة، فعادة حتى لو كان هناك خلاف
على الانتخابات، يكون هناك عمل مشترك مع الإدارة الجديدة على انتقال السلطة ومشاركة
بعض المعلومات معها".
وأكد أبو ارشيد في حديث لـ"عربي21" أنه من الصعب الجزم بأن القضاء
سيميل لهذه الجهة أو تلك، ولكن فيما يتعلق بحسم نتيجة الانتخابات، فهي تعود للمجمع الانتخابي
وليس القضاء".
اقرأ أيضا: إيكونوميست: هذه تداعيات رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة
واستدرك: "لكن بشكل عام، سنشاهد قريبا بدء عملية انتقال السلطة، خاصة في
ظل تزايد أعداد الجمهوريين، ومنهم مقربون من ترامب، المطالبين ببدء مشاركة معلومات مع
فريق بايدن على أساس أن هذه العملية والممارسة متعارف عليها، ولا تعني أن الرئيس الحالي
يعترف بهزيمته وأن فريق بايدن ستؤول إليه الإدارة القادمة، لهذا أتوقع أن المسألة ستحل
خارج القضاء".
هل يتجه بايدن للقضاء؟
وفي ظل عدم وجود حالة مشابهة يتوجه فيها الرئيس المنتخب للقضاء لتسهيل
عملية انتقال السلطة وتسريعها، يبرز تساؤل حول جدية بايدن في تنفيذ تهديده ورفع دعوى قضائية
لإلزام إدارة ترامب بالتعاون مع فريقه الانتقالي.
يرى أبو ارشيد بأن "بايدن قد يضطر للتوجه إلى القضاء حيث لا يوجد مؤشرات على
أن ترامب سيتعاون، ولكن لو فرضنا جدلا أنه فعل ذلك، هل يملك القضاء سلطة على إجبار الرئيس
الحالي على مشاركة المعلومات مع الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب؟ هذا الأمر لا يمكن
الجزم به، فقد يصدر القضاء قرارا لصالح بايدن، ولكن ترفضه إدارة ترامب بحجة أنه ليس
من صلاحيات القضاء".
وأوضح بأن "بايدن قلق من تأخير بدء إجراءات نقل السلطة وليس من رفض ترامب
تسليمها له، فالنقل سيتم كما هو في موعده 20 كانون الثاني/يناير سواء وافق ترامب أم
لا، لكن السؤال هل سيشارك المعلومات مع فريق الرئيس المنتخب ليكون هناك انتقال سلس
للسلطة أم لا؟".
وخلص أبو ارشيد بالقول: "لهذا، السؤال الأهم: هل يملك القضاء سلطة لإرغام إدارة ترامب على مشاركة المعلومات؟ هذا الأمر لا يوجد تصور واضح له لأن هذه الإشكالية
القانونية لم تحدث من قبل، فقد يلتزم ترامب بقرارالمحكمة وقد يقول إنني لن ألتزم، كما
لا يمكن التنبؤ بموقفه لو لجأ بايدن للقضاء وكسب الدعوى، حيث لا يوجد تكييف دستوري واضح
لهذا القرار".
بدوره توقع المحلل السياسي خالد الترعاني ألا يلجأ بايدن للقضاء، خاصة أنه
ظهر مترددا في هذه المسألة، حيث قال في مؤتمره الصحفي؛ إن هذا الخيار موجود على
الطاولة وسوف ننظر هل نلجأ له أم لا".
وختم حديثه بالقول: "تردد بايدن في التوجه للقضاء مرده أنه لو فعل ذلك
وخسر، ستكون سابقة غير جيدة له في بداية مشواره الرئاسي، وهو غير مضطر للدخول في مثل
هذه المخاطرة، من ثم لا أتوقع أن يتوجه للقضاء، إلا إذا أخذت الأمور منحى أكثر تطرفا
من قبل ترامب".