هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خسر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتخابات
الرئاسية التي جرت في الولايات المتحدة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أمام
منافسه الديمقراطي جو بايدن، وفقا للنتائج غير الرسمية. ومن المؤكد أن هذه الخسارة
ستلقي بظلالها على علاقات واشنطن مع كافة العواصم، كما ستقلق الأنظمة التي دعمت
المرشح الجمهوري وراهنت على فوزه.
السعودية تأتي على رأس الدول القلقة من فوز المرشح
الديمقراطي لأسباب عديدة، أولها قضية اغتيال الكاتب السعودي الشهير جمال خاشقجي في
قنصلية بلاده بإسطنبول. وكان بايدن قد تعهد خلال حملته الانتخابية بمحاسبة
المسؤولين عن مقتل خاشقجي، وإعادة تقييم علاقات واشنطن مع الرياض. وهناك ملفات
أخرى، كحرب اليمن والملف النووي الإيراني، يتوقع أن يختلف موقف الإدارة الجديدة
منها عن موقف الإدارة الحالية. وإضافة إلى ذلك، فإن ترامب وصهره جاريد كوشنير كانا
من أكبر حلفاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومناصريه، وأن هزيمة الرئيس
الأمريكي في الانتخابات وما بعدها قد تؤدي إلى إزاحته من المشهد.
تركيا هي الأخرى كانت تتمنى فوز ترامب في الانتخابات
الأمريكية. وكان بايدن أطلق تصريحات تعهد فيها بدعم المعارضة التركية لإسقاط رئيس
الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان. ولذلك، ارتفعت أصوات في الشارع العربي تدعو
أنقرة والرياض إلى تجاوز خلافاتهما وتحسين علاقاتهما لمواجهة سياسات بايدن
العدوانية. وفي ظل التكهنات حول مصير علاقات الولايات المتحدة مع تركيا من جهة،
ومع السعودية من جهة أخرى، أمر العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز بإرسال مساعدات
إنسانية إلى المتضررين من الزلزال الذي
ضرب محافظة إزمير
التركية، ما فسره محللون بــ"إظهار حسن النية لتحسين العلاقات التركية
السعودية".
العلاقات بين تركيا والسعودية يمكن أن تتحسن، إن
أقدمت الأخيرة على خطوات ملموسة بهذا الاتجاه، لأن تركيا ليست مسؤولة عن تدهور العلاقات
التركية السعودية، ولا ترغب فيه، إلا أنه من الخطأ المبالغة في التفاؤل والغرق في
أحلام وردية بعيدة عن الواقعية، دون وجود مؤشرات حقيقية تشير إلى تراجع الرياض عن
معاداة تركيا.
الرئيس الأمريكي لم يستسلم بعد، ولم يعلن حتى الآن
اعترافه بالهزيمة. وما زال الرجل يصر على القول بأنه سيفوز في الانتخابات.
وبالتالي، هناك بصيص أمل لدى حلفائه في الخليج بأنه قد يفوز من خلال اللجوء إلى
القضاء، حتى لو كان هذا الاحتمال ضئيلا للغاية، وأنهم قد بعثوا إلى بايدن رسائل
التهنئة بفوزه في الانتخابات الرئاسية. كما أن الرياض تأمل في أن يغير بايدن موقفه
من السعودية وينسى انتقاداته السابقة لها، بعد توليه الرئاسة رسميا، نظرا لحجم
العلاقات بين البلدين.
السعودية في الظروف الراهنة لا تستطيع أن تتحرك
وحدها بعيدة عن الإمارات التي نجحت في جعل الرياض تدور في فلكها، وبالتالي، تحسن
العلاقات السعودية التركية مرهون بتحسن العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي. ومن المؤكد
أن الإمارات سوف تراهن بالدرجة الأولى على المظلة الإسرائيلية واللوبي اليهودي في
حماية نفسها من بايدن، كما أنها تعتقد أن بإمكانها أن تتجنب غضب الديمقراطيين من
خلال تعديل بعض القوانين المتعلقة بالحريات الشخصية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن
الإمارات ستكون أول المستفيدين من انحياز بايدن لإيران، وتخفيف الضغوط على طهران.
تركيا تتوقع أن يتعامل الرئيس الأمريكي المنتخب معها
في إطار روح التحالف والمصالح المشتركة والواقعية السياسية؛ لأن تركيا اليوم ليست تركيا
القديمة، كما أن الظروف الدولية والإقليمية وموازين القوى في المنطقة تمنح أنقرة
مساحة واسعة للمناورة. وإن تجاهل بايدن هذه الحقائق وقرر التصعيد، فإن تركيا مستعدة
لمواجهته بقدراتها وأوراقها وتحالفاتها، حتى لو كانت هذه المواجهة صعبة ومكلفة.
السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان
بالغت في عداء تركيا ليصل إلى حد الهستيريا والجنون. وشنت وسائل الإعلام والشخصيات
المقربة من الحكومة السعودية حملة مقاطعة لــ"كل ما هو تركي"، كما مارست
وزارة التجارة السعودية ضغوطا على التجار ورجال الأعمال السعوديين لينهوا عقودهم مع
الشركات التركية. والأدهى من ذلك والأمر، أن الدولة التي تحتضن قبر النبي صلى الله
عليه وسلم ومسجده ومدينته، انزعجت من مقاطعة المنتجات الفرنسية التي أطلقت احتجاجا
على الرسوم المسيئة، بحجة أنها تصرف الأنظار عن مقاطعة المنتجات التركية. وبالتالي،
يتوقع أن تواصل الرياض سيرها وراء أبو ظبي "حذو القذة بالقذة" لتواجه
بايدن من خلال الارتماء في حماية إسرائيل، وخطوات تقدمها لكسب ود الديمقراطيين، وصفقات
الأسلحة، وشراء ذمم أعضاء الكونغريس.