هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بسباق الرئاسة الأمريكية، تساؤلا ملحا حول إمكانية تطبيق مشروع تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم (كردي سني شيعي)، وكان قد طرحه عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس إبان احتلال بلاده للعراق.
ردود فعل القوى السنية كانت متباينة حيال وصول بايدن لسدة الحكم، ففيما رحب البعض بفوزه ودعوه إلى تطبيق مشروعه لإنهاء "احتلال" المليشيات الولائية للمدن السنية، فإن آخرين رفضوا تقسيم البلد على أسس طائفية وعرقية، وطالبوا بإحلال اللامركزية الإدارية بديلا عنه.
رفض التقسيم
من جهته، قال أحمد المساري رئيس حزب "الحق الوطني" (السني) لـ"عربي21" إن "موضوع الأقاليم دستوري ومدرج في الدستور العراقي، والشارع اليوم في المحافظات الشمالية والغربية يفضلون الذهاب إلى هذا الخيار نتيجة للظرف الصعب الذي مروا به".
وأضاف المساري أن "السياسة الأمريكية هي مؤسساتية ولن تغيير بوصول بايدن إلى الحكم وتغير الرئيس، وربما يكون تأثير ذلك طفيفا على سياسة الولايات المتحدة في كل دول العالم".
وبالنسبة للعراق، رأى المساري أن "الخيارين يمثلان الشيء نفسه سواء بايدن أو ترامب، لأن ملف العراق لا يتصدر أولوية الولايات المتحدة في المنطقة، وأن على العراقيين أن يهتموا بشأنهم ولا يعتمدوا على أمريكا أو غيرها".
ولفت إلى أن "بايدن إذا كان متمسكا حتى الآن بمشروع الأقاليم الذي طرحه في السابق، وإذا طرحه مرة أخرى فإنه سيلقى قبولا في المحافظات المحررة من تنظيم الدولة أكثر من ذي قبل نتيجة للظروف التي مرت بها هذه المدن".
واستدرك المساري، قائلا: "نحن لا نحبذ الذهاب إلى الأقاليم المشكلة على أسس طائفية، وإنما نحبذ خيار الأقاليم الإدارية، بمعنى أن تأخذ كل محافظة صلاحيات الإقليم وبذلك يمكن أن نحافظ على وحدة العراق".
اقرأ أيضا: كيف ستنعكس الانتخابات الأمريكية على الوضع العراقي؟
وفي السياق ذاته، كتب الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي رشيد العزاوي على "تويتر" قائلا: "أتابع ردود الفعل حول نتائج الانتخابات الأمريكية، ونذّكر فقط بأن السياسة الأمريكية لا تتغير بعمومها بتغير الشخوص، ولها خصوصية تتعلق بمصلحة ومستقبل الولايات المتحدة".
وأضاف: "ندعم اللامركزية الادارية بعد استقرار العراق ونرفض التقسيم تحت أي عنوان كان. مشروع التقسيم يعني: الخراب، والدمار، والاقتتال، والحرب الأهلية. فلنعمل على مشروع إنقاذ العراق. نعم للعراق الواحد وللدولة العراقية القوية المستقرة، ولا للتقسيم واللادولة".
— رشيد العزاوي (@Rasheed_Alazawy) November 8, 2020
الكونفدرالية الحل
من جهته، رأى السياسي الكردي طارق جوهر أن "وصول بايدن إلى سدة الحكم ربما سيعيد التوازن إلى السياسة الدولية التي اهتزت بسبب سياسات الانفرادية والمزاجية للرئيس ترامب خلال الأربع سنوات الماضية".
وأوضح في حديث لـ"عربي21" أنه "بالنسبة للعراق فأعتقد أن الأمور ستعود إلى مسارها الطبيعي، وستكون لغة الحوار سائدة أكثر بين بغداد وواشنطن"، وقال: "أما بخصوص المشروع الذي دعا إليه بايدن سابقا، فالأمور تغيرت ويعيش العراق حاليا واقعا فيدراليا بين بغداد وإقليم كردستان".
وتابع: "بخصوص تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم فيدرالية، فهذا من حق الشعب العراقي أن يختار النظام الذي يراه، وكذلك تشكيل الأقاليم الجديدة سواء في البصرة أو المناطق الأخرى التي تخص المكون السني، وهناك أفكار للذهاب إلى تشكيل إقليم سني".
ورأى جوهر أن "مصلحة العراق تقتضي بأن يكون البلد مقسما إلى ثلاثة أقاليم فيدرالية وبصلاحيات موسعة تقترب من الكونفدرالية، إذا كنا نبحث عن استقرار وانتعاش اقتصادي ورفاهية العيش للمواطن العراقي، فهذا هو الحل الأمثل".
اقرأ أيضا: باول يدعم بايدن ويكذّب ترامب والأخير يذكّره بـ"كارثة العراق"
وأعرب عن اعتقاده بأن "بايدن سيدعم توسيع الصلاحيات وتوزيعها بين بغداد والأقاليم، وربما سيقوم بالتشجيع على تشكيل أقاليم جديدة منعتها إيران والرموز السياسية الشيعة الذين وصلوا إلى الحكم سواء في البصرة أو المناطق السنية".
واتساقا مع ذلك، كتب رئيس حزب "الوطن" (سني) مشعان الجبوري في تغريدة على "تويتر": "نبارك للشعب الأمريكي خياره، وللرئيس الفائز بايدن انتصاره ولكل الفرحين بهذا الفوز ونحن منهم".
وأضاف: "نتطلع نحن أبناء المناطق المدمرة (السنية) أن ينفذ خطته حول العراق، والتي عارضناها سابقا ونساندها حاليا بعد الذي فعلته بنا المليشيات الولائية الوافدة والتي تتصرف كقوة احتلال غاشم وغزاة منتصرين".
— مشعان الجبوري (@mashanaljabouri) November 7, 2020
"إنهاء للانقسامات"
ولم يغب مشروع تقسيم العراق عن بايدن حتى عندما كان نائبا للرئيس الأمريكي باراك أوباما، فقد قال في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في 22 آب/ أغسطس 2014 إن "الولايات المتحدة تدعم نظاما فيدراليا في العراق، كوسيلة لتجاوز الانقسامات".
ويؤيد بايدن منذ فترة طويلة خطة تقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي: للشيعة والسنة والأكراد، فقد قال في مقاله إن الولايات المتحدة تدعم نظاما فيدراليا في العراق، داعيا إلى وحدة البلاد التي تعاني من انقسام كبير.
وكتب بايدن أن خطة من هذا النوع "ستؤمن تقاسما عادلا للعائدات بين كل الأقاليم وتسمح بإقامة بنى أمنية متمركزة محليا مثل حرس وطني لحماية السكان في المدن ومنع تمدد تنظيم الدولة، وفي الوقت نفسه (تضمن) حماية وحدة وسلامة أراضي العراق".
وأضاف أن "الولايات المتحدة ستكون مستعدة لتقديم التأهيل وغيره من أشكال المساعدة بموجب (اتفاق الإطار الاستراتيجي) للمساعدة على نجاح هذا النموذج".
وفي الوقت ذاته، كان بايدن قد حذر من أن الانقسامات الطائفية العميقة وغياب الثقة السياسية "قوضت قدرات" قوات الأمن العراقية وعززت ناشطين مثل تنظيم الدولة.