اقتصاد دولي

كيف ستؤثر الانتخابات الرئاسية على الاقتصاد الأمريكي؟

واشنطن بوست: المشهد السياسي المضطرب الأمور تعقيدا لا سيما في ظل تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا- جيتي
واشنطن بوست: المشهد السياسي المضطرب الأمور تعقيدا لا سيما في ظل تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن تأثير السباق الانتخابي على الاقتصاد الأمريكي والقدرة المعيشية للأمريكيين.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قادة الأعمال والمستثمرين لا يميلون إلى المناخ الذي يخيم عليه عدم اليقين، حيث يزيد هذا المشهد السياسي المضطرب الأمور تعقيدا لا سيما في ظل تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا والمعركة المثيرة للجدل التي تدور حيثياتها داخل أروقة الكونغرس حول الحزمة التحفيزية المالية.

وذكرت الصحيفة أن العديد من الاقتصاديين تراجعوا عن توقعاتهم المتعلقة بالنمو خلال الأشهر الأخيرة من عام 2020 وأوائل عام 2021، مع تصاعد حالة عدم اليقين وارتفاع عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19. عموما، لا يزال من المتوقع تمرير حزمة تحفيزية.

في المقابل، يتوقع الاقتصاديون ألا تتجاوز تريليوني دولار في حال فاز الديمقراطيون بالرئاسة وبالأغلبية في مجلس الشيوخ. كما توقع التقرير أن يمر الاقتصاد الأمريكي بفترة تعاف على شكل "كيو" بغض النظر عن الفائز في سباق الرئاسة، حيث ستواصل بعض القطاعات التعافي في حين تشهد بعض القطاعات الأخرى حالة من الركود المتواصل.

يوم الأربعاء، ارتفعت قيمة الأسهم، حيث ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 368 نقطة (1.3 بالمئة) وارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 3.9 بالمئة. كما ارتفعت أسعار أسهم وول ستريت مع توقّع فوز جو بايدن بالبيت الأبيض وفوز الجمهوريين بالأغلبية في مجلس الشيوخ. في هذا السياق، أشار محللو وول ستريت إلى أن هذا النوع من الجمود كان مفيدا للأسهم في الماضي، ومن المحتمل ألا يفرض أية تغييرات كبيرة في السياسة الضريبية أو المناخية فضلا عن الرعاية الصحية.

وجد تحليل أجراه سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة "سي أف آر أي للبحث، أنه منذ الحرب العالمية الثانية حققت الأسهم أعلى المكاسب عندما كان هناك رئيس ديمقراطي وانقسام في الكونغرس (أحدهما يسيطر على مجلس النواب في حين يسيطر الآخر على مجلس الشيوخ). ويعتقد المتداولون في بورصة وول ستريت أن هناك فرص انتعاش متزايدة في ظل تولي بايدن رئاسة البيت الأبيض وهيمنة الجمهوريين على مجلس الشيوخ والديمقراطيين على مجلس النواب.

في السياق ذاته، كتبت مؤسسة غولدمان ساكس في مذكرة للعملاء يوم الأربعاء الفارط أن "السيطرة على مجلس الشيوخ لا تقل أهمية عن البيت الأبيض. وفي ظل تفوّق الجمهوريين بشكل ضئيل على مجلس الشيوخ، لا نتوقع أية زيادات ضريبية كبيرة. في المقابل، من المتوقع تمرير حزمة تحفيزية مالية لا تتجاوز تريليون دولار".

من المتوقع أن يحافظ النظام الاحتياطي الفيدرالي، الذي سيعقد مؤتمرا صحفيا يوم الخميس، أسعار الفائدة بالقرب من الصفر لسنوات، وهو ما سيدفع بالأمريكيين الأثرياء نسبيًا لمواصلة شراء الأسهم والمنازل. ومن المرجح أن تدفع حالة عدم اليقين مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تقديم المزيد من الحوافز للاقتصاد.

وأكدت الصحيفة أن نظرة الاقتصاديين المتعلقة بسوق العمل قاتمة، على الرغم من أن قطاع التوظيف شهد تعافيا جزئيا. ومن المتوقع أن يظهر تقرير الوظائف الأخير لوزارة العمل تراجع نمو الوظائف. وفي الوقت الراهن، لا يزال هناك أكثر من 22 مليون شخص يعانون من البطالة، ولم يشهد هذا الرقم إلا تراجعا ضئيلا منذ الصيف الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، وقع تقليص استحقاقات البطالة المخصصة للعاطلين عن العمل. ومن المقرر أن تنتهي صلاحية التدابير التي وقع اتخاذها لمساعدة أولئك الذين يواجهون ديون قروض الطلاب وعمليات الإخلاء في نهاية العام، في ظل تواصل معاناة الملايين غير القادرين على العودة إلى العمل. في هذا الإطار، صرح روني لاوث، البالغ من العمر 24 سنة، وهو ممثل ونادل لم يتمكن من العثور على وظيفة أخرى أن "الناس بحاجة إلى استحقاقات البطالة الآن أكثر من أي وقت آخر؛ حيث أنني لم أصل إلى هذا الوضع أبدا على الرغم من إجادتي لإدارة أموالي".


ونوهت الصحيفة بأن هذا الوضع الاقتصادي يخلق حالة قلق بالنسبة للكثير من الأمريكيين هذا الشتاء، ذلك أن مستقبل الاقتصاد - وإلى حد ما الأسواق - يعتمد بشكل كبير على ثلاث أسئلة رئيسية، ماذا سيحدث مع الفيروس والحزمات التحفيزية؟ ما مدى سرعة إنفاق الأمريكيين على خدمات مثل السفر والمطاعم والترفيه؟ وهل ستثير الانتخابات الرئاسية الاضطرابات الاجتماعية؟

إذا تسبب الوضع السياسي في مزيد من الاضطرابات الاجتماعية، فقد يكون لذلك عواقب طويلة الأمد على الشعب الأمريكي والاقتصاد، مما سيؤثر على الإنفاق الاستهلاكي ويحتمل أن يضر بالأعمال التجارية، لا سيما المطاعم والمتاجر الواقعة في المناطق التي تشهد انكماشا. استعدادًا لهذه الانتخابات، غطت الكثير من المتاجر في جميع أنحاء البلاد النوافذ بالألواح تحسبًا لتنظيم أية مسيرات واحتجاجات عنيفة.

وبينت الصحيفة أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يعتمد بشكل كبير على الإنفاق الاستهلاكي، الذي لا يزال منخفضا بشدة بسبب فيروس كورونا. وبحسب كبيرة الاقتصاديين في مجموعة "كي بي ام جي" كونستانس هانتر سيظل قطاع الخدمات هشا. كما أنه من المرجح أن يتوقف عن النمو، مؤكدة أن الإنفاق على الخدمات كان يشكل عادة أكثر من 45 بالمئة من النمو الاقتصادي. ولكن في الربع الثالث، أي عندما شهدت الولايات المتحدة انتعاشًا، ظل الإنفاق على الخدمات مثل المطاعم والسفر والترفيه بطيئًا، وأقل من 43 بالمئة من النمو الاقتصادي.

وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه في حال وقعت السيطرة على فيروس كورونا، فسيكون هناك تدفق للإنفاق مرة أخرى. في المقابل، يتعين على الشركات التجارية النضال حتى ذلك الوقت للبقاء على قيد الحياة.

التعليقات (0)