هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انقضت، الأربعاء، مهلة الـ72 ساعة التي حددتها قوى سياسية سنية للحكومة العراقية للإعلان عن مرتكبي "مجزرة الفرحاتية"، التي هزت الرأي العام العراقي، دون الكشف عن الملابسات، حيث اتهم ذوو المغدورين مليشيات شيعية موالية لإيران بارتكابها.
القوى السنية توعدت بتصعيد مواقفها إذا لم تكشف السلطات الأمنية عن الجهات التي ارتكبت المجزرة وراح ضحيتها 12 مدنيا، الأمر الذي أثار تساؤلات عن خيارات هذه القوى المقبلة في حال قيدت القضية ضد مجهولين، مثلما حصل مع حوادث سابقة.
الحلقة الأضعف
من جهته، استبعد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عبد الخالق العزاوي لـ"عربي21" أن يكون لدى القوى السنية خيارات مطروحة، لأنهم أضعف حلقة سياسية في البلد، بسبب سيطرة مليشيات منفلتة على مناطقهم.
وقال العزاوي النائب عن محافظة ديالى ذات الغالبية السنية؛ إنه "من الصعوبة بمكان إنهاء مسلسل وجود هذه المليشيات التي ترتكب جرائم مشابهة لجرائم تنظيم الدولة، فهما من وجهة نظري وجهان لعملة واحدة".
أما بخصوص تدويل القضية، قال العزاوي: "لا أعتقد أن من يريد مصلحة العراق يذهب إلى تدويل قضية الفرحاتية، فنحن لدينا ثقة بالحكومة وواجب عليها كشف ملابسات القضية".
اقرأ أيضا: تقرير حقوقي: جريمة الفرحاتية بالعراق تمت بتواطؤ أمني رسمي
وتابع: "الحكومة ليست مطالبة فقط بكشف جريمة الفرحاتية، وإنما جميع الجرائم التي حصلت في فترة الكاظمي، وضرورة تسمية المتورطين بها أمام الرأي العام، سواء أكانت جهات سياسية أو عشائرية أو فئوية، وعدم السكوت عن هذه الجرائم".
وأكد العزاوي أن "القوى السنية محبطة، لأن الجرائم التي تحدث لا يعلن عن الجهات التي تقف وراءها، لكن مع ذلك لا زلنا نعول على تحرك الحكومة لمحاسبة المجرمين وإنهاء ما يجري من حوادث".
نقطة إخفاق
من جانبه، قال المحلل السياسي مهند الجنابي في حديث لـ"عربي21"؛ إن "القوى السياسية السنية وتحديدا نواب محافظة صلاح الدين، ألزموا أنفسهم بخيارات أمام الجمهور، وأعتقد أن أغلبها ذات طابع سياسي دعائي".
وأوضح أن المجزرة من حيث أركانها هي جريمة إرهابية، ولا شك في ذلك، وأن القوات الماسكة للأرض تتحمل مسؤوليتها، وهي لواء من الحشد الشعبي يتبع "عصائب أهل الحق"، إضافة إلى القوات الأمنية الأخرى.
وأضاف الجنابي أن "محافظ صلاح الدين أعلن في اليوم ذاته، أن الجريمة جنائية وليست إرهابية، ومن ثم هذا أول إخفاق من أعلى سلطة في المحافظة التي شهدت وقوع الجريمة".
ورأى المحلل السياسي أن "القانون العراقي يصنف هذه القضية أنها جريمة إرهابية أيا كانت الجهة التي ارتكبتها، لذلك؛ القانون يحكم في حال كانت إرهابية أو جنائية، وليست القوى السنية".
وتابع: "الخيار الآخر هو الدعوة إلى تدويل القضية أو طلب الحماية الدولية، ولذلك المطلوب من نواب المحافظة التحرك بشكل فوري على المدعي العام العراقي من خلال القنوات القانونية، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية".
خيار الإقليم
ولفت الجنابي إلى أن "هذه الجريمة وغيرها توظف من قوى سنية في هذه المحافظات لإعلان الإقليم السني. لكن هذا ليس الحل والخيار الأفضل، لأنهم يظنون أنه بمجرد إعلان الإقليم السني سيتحول إلى نموذج آخر من إقليم كردستان".
ونوه إلى أن "إقليم كردستان، لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بعد أكثر من 15 عاما من الاقتتال الداخلي بين القوى الكردية، فكيف بالقوى السياسية في المحافظات السنية المنقسمة على نفسها ومختلفة فيما بينها؟"، لافتا إلى أن "الدعوة إلى إقليم سني في ظل هذه الظروف، لا تتناسب مع أمن المحافظات ومصالح سكانها".
اقرأ أيضا: جريمة خطف وقتل طالت 12 شخصا تهز العراق
ورأى الجنابي أن "الوضع السياسي لا يسمح بانسحاب القوى السنية من الحكومة والبرلمان رغم فداحة الجريمة، لأن المرحلة الحالية صعبة وتتطلب بقاء التمثيل السني، لأننا أمام إقرار قانون انتخابات، وذلك الانسحاب سيضع مصير هذه المحافظات بيد القوى السياسي الإقليمية وتفصل قانونا كما تشاء".
وخلص إلى أن "القوى السياسية السنية ألزمت نفسها أمام الجمهور، لكنها لم تجد إجراءات حقيقية من الأجهزة الأمنية والقضائية، ومن ثم من أجل الخروج من الضغط الشعبي والالتزام الذي قطعوه على أنفسهم، يذهبون إلى هذه الاتجاهات التصعيدية علهم يحافظون على شعبيتهم".
وكان نواب محافظة صلاح الدين، قد منحوا خلال مؤتمر صحفي، الأحد، الحكومة في بغداد، مهلة 72 ساعة لكشف نتائج التحقيق في مجزرة الفرحاتية في محافظة صلاح الدين، وهددوا بطلب حماية دولية في حال عجز الحكومة عن تقديم الجناة.
وقال النائب عن المحافظة مثنى السامرائي؛ إن المواطن الأعزل في صلاح الدين يفتقد للأمن ولا يلقى حماية من الأجهزة الأمنية، التي هي نفسها تعاني من تدخل بعض الجماعات المسلحة في عملها وخططها، وهو ما يربك الأوضاع الأمنية في المحافظة.
أما "تحالف القوى العراقية" (أكبر ممثل للسنة) بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فقد طالب رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بإعادة النظر في الوضع الأمني في المحافظات التي استعيدت من تنظيم الدولة، وضرورة إبعاد الفصائل المسلحة عنها.