هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعرضنا ونتعرض وسنتعرض لعمليات ومحاولات لمهاجمة الإسلام والتعدي عليه، في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم ومعتقداته وأفكاره وتشريعاته ورموزه وأعلامه.. الخ، وهذا أمر معتاد ومتكرر في تاريخ وسنن الصراع البشري مع الرسالات السماوية السابقة ورسالة المبين الخاتم، ويتطلب وعيا علميا واستراتجيا في التعاطي مع مثل هذه الاعتداءات، يحفظنا من الوقوع في أخطاء وأضرار متعدية النتائج، بالإضافة إلى ضمان تحقيق عدة أهداف استراتيجية كبرى:
1- الالتزام والتمسك بمنهج وتعاليم القرآن الكريم في التعامل مع المعتدين.
2- تقديم صورة حضارية ناصعة بالغة القوة والثقة عن هذا الدين العظيم الخاتم للبشرية.
3- الاستثمار الأمثل لمثل هذه الأعمال في تبليغ حقائق ورسالة الإسلام وفق مقتضيات الحكمة الخاصة بكل اعتداء، في ما يتعلق بالمضمون الأنسب، ومستوى التناول وطريقتة.
4- المحافظة على جهود ومقدرات وأوقات الأمة، وتوجيهها إلى البوصلة والاتجاه الصحيح للعمل والإصلاح والإنجاز.
5- تجنب الاستدراج في معارك وهمية مفتعلة، أغلبها موجهة استراتيجيا وفق أجندات سياسية معينة.
6- تجنب الآثار السلبية على مجتمعاتنا العربية والإسلامية نتيجة الفعل ورد الفعل العاطفي العشوائي وغير الممنهج، وما يعتريه من تجاوزات لا تليق بأمة القرآن الكريم ولا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وما يترتب عليه من ارتدادات نفسية سلبية؛ من افتعال حالات غضب وكراهية وعداء نحن في غنى عنها، كما أنها ترسم في مجملها صورة ذهنية سلبية عن منتسبي هذا الدين العظيم ورسوله والمؤمنين.
ولا بد من تصميم نظام معيارى حضاري للتعاطي مع المعتدين على الإسلام يمثل المرجعية الحاكمة المنظمة لعملية التعاطي مع كل اعتداء على الإسلام حاليا أو مستقبلا، تستفيد منه المؤسسات الدينية والعلمية والتعليمية والعلماء والدعاة والنخب الثقافية والإعلامية وعموم الجماهير الإسلامية المعتزة بدينها، التزاما بالمقاصد العليا للإسلام، ووفقا لمقتضيات التفكير الاستراتجيي، وإعمالا لمبادئ علم القيم والهوية كعلم جامع لعدد من العلوم الإنسانية (علوم الشريعة والتربية والإدارة والاجتماع والسياسي)، وصولا إلى صناعة الوعي والهوية الحضارية الأرقى للشعوب وتعظيم قدراتها البشرية وجودة وفاعلية إدارة وتوجيه السلوك المجتمعي للقوميات والأمم المختلفة وفي مقدمتها أمة الإسلام، بالرغم من تنوع قومياتها حتى وإن غابت عنها الوحدة السياسية السابقة، فهناك وحدة العقيدة والهوية وعقلها الاستراتيجي الجامع بين علوم الدين والتربية والإدارة والاستراتيجيا، والنظم المعيارية الصانعة والمنظمة لهويتها وجودة سلوكها وأدائها تحفظ لها وحدتها وقوتها المعنوية التي ستؤسس عليه وحدتها وقوتها المادية.
النظام المعيارى الحضاري لجودة التعاطي مع المعتدين على الإسلام، والذي تقوم فلسفته على قاعدتين:
القاعدة الأولى: تفهم واستيعاب غياب معرفتهم ووعيهم بالإسلام الذي يمثل الرسالة السماوية الاخيرة من الله تعالى إلى الناس جميعا، وليس للمسلمين فقط، فهذا الدين رسالة وملك للناس كافة، بلا شك سيعتزون به ويوقروه ويعظموه ويحافظوا عليه بقدر وعيهم بها.
القاعدة الثانية: تفهم واستثمار الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي تمر به الجهات المعتدية على الإسلام، والتعاطي معه بحكم عظمة وسعة ومرونة، واستيعاب الإسلام العظيم كدين خاتم، وكسب مؤيدين ومنتمين جدد والتمدد إلى مساحات اوسع وأعمق.
ويتكون هذا النظام المعيارى من أربعة مكونات أساسية:
أولا: منهج التعاطي: ويقصد به الطريقة المنظمة علميا في التعامل مع المعتدين على الإسلام.
ثانيا: فلسفة التعاطي: حقيقة وأسباب وأبعاد وكيفية هذا التعاطي من خلال الإجابة على الأسئلة الثلاث التالية:
س1: ما أسباب هذا الهجوم؟ عبر تحليل المحتوى، والكشف عن الدوافع الأساسية الكامنة وراء هذا الهجوم والتعدي على الإسلام، بالبحث في هوية وثقافة المعتدي، وقيمته ومكانته السياسية والمجتمعية، ومعرفته ومدى وعيه بحقائق الإسلام، وعلاقته بالإسلام والمسلمين، وهل يأتي هجومه في سياق أزمة ما مع الإسلام والمسلمين، أم أنه مجرد كتصريح عارض.
س2: هل يجب الاهتمام بهذا الاعتداء والتعاطي معه، أم تجاهله وتجاوزه؟
من خلال تحديد حقيقة وأسباب العمق للاعتداء يمكننا تحديد حجم ونوع الاعتداء وتداعياته الحالية والمستقبلية بدراسة وقياس أربعة أشياء:
1- هناك فرصة للاستثمار الدعوى والسياسي أم لا؟ وما هي هذه الفرص؟
2- ما هي الاستفادات المتوقعة من الرد؟
3- ما هي النتائج والاراتدادت المتوقعة نتيجة الرد؟
4- ما هي الخسائر المتوقعة نتيجة لعدم الرد؟
في سياق التعرف عليها مجتمعة يمكننا تحديد حجم ونوع المكاسب والخسائر واتخاذ قرار الرد أو التجاهل.
س 3: كيفية التعاطي معه في حال اتخاذ قرار الرد.. يتطلب الأمر تحديد محتوى الرد، وكيفية إخراجه علميا وسياسيا وفنيا وإعلاميا والقيام به، والجهة التي ستقوم به، كمؤسسات عالمية تجمع بين الطابع العلمي والسياسي، كمنظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الأزهر الشريف والاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، أو مؤسسات تكتسي بالطابع العلمي، كالجامعات ومراكز البحوث والدراسات المتخصصة، أو المؤسسات الإعلامية، أو شخصيات ورموز علمية.. الخ، أو جمهور المسلمين العام، وفي بعض الأحيان تمكن دعوة مؤسسات غير إسلامية للرد والتعامل مع الاعتداء.
ثالثا: آليات وجهات التنفيذ: والتي تعني تحديد مستوى وجهات أو جهة الرد، وهنا يقابلنا تحد كبير، وهو غياب المرجعية الواحدة التي تمثل مسلمي العالم، كما الفاتيكان بالنسبة لمسيحيي العالم. ونواجه هذا الغياب المؤقت بالوعي الفردي والمجتمعي العام لنخب ومجتمعات المسلمين عالميا بامتلاك مثل هذا النظام المعياري الحضاري ليقوم كل فرد بدوره وكذلك كل مؤسسة في سياق هذا النموذج وما يتضمنه من مفاهيم ومعايير. في النهاية تقدم تعاطيا حضاريا مع أي اعتداء على الإسلام وبشكل حضاري يعكس صورة ذهنية حضارية جذابة لغير المسلمين، وفي ذات الوقت يوجه رسالة حضارية لأصحاب هذا الاعتداء بمراجعة أنفسهم، وتصحيح موقفهم من الإسلام والمسلمين.
رابعا: معايير جودة التعاطي مع الاعتداء على الإسلام: المعايير الحضارية للتعاطي مع الاعتداء والرد عليه، والتي تشمل الشروط والالتزامات الدينية والقيمية والعلمية والسياسية الضامنة لجودة التعاطي.
جدول معايير جودة التعاطي مع الاعتداء على الإسلام
المعيار | عناصر وتفاصيل المعيار | نعم | لا |
1- تحليل وفهم محتوى الاعتداء | 1- الوقوف على الأسباب
الحقيقية للاعتداء 2- تقدير حجم ونوع وآثار الاعتداء (فكري، ثقافي، ديني، قانوني، أمني، اقتصادي، سياسي) 3- صناعة قرار التعاطي بالتجاهل أو الرد وفق حسابات الفرص والمكاسب والخسائر الخاصة بالإسلام والمسلمين خلال هذه المحطة التاريخية |
||
2- فهم واحترام خصوصية المعتدي | 1- تفهم طبيعة وخصوصية المعتدي 2- احترام خصوصية المعتدي 3- التزام سنن وقوانين التعايش والتنوع الإنساني |
||
3- التقدير الموضوعي للاعتداء | 1- تقدير مدى صوابية وخطأ محتوى الاعتداء 2- تحليل محتوى الاعتداء وعلاقته بمعرفة وجهل المعتدي بمفاهيم وتعاليم الإسلام 3- تحديد مدى علاقة محتوى الاعتداء بالسياق الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمعتدي وما يتضمنه من أزمات وتحديات (تفهم أسباب الاعتداء وعلاقتها بالإسلام والمسلمين) |
||
4- تحديد نوع ومستوى الرد | 1- تحديد محتوى الرد (علمي، إعلامي، سياسي) 2- المستوى المؤسسي للرد (عالمي، إقليمي، محلي- رسمي، جماهيري) 3- تحديد مستوى الرد (حاد- قوي- ليّن) |
||
5- الالتزام بالمنهج القرآني | 1- التجنب التام لتبادل السباب، والنقد
والتجريح 2- المناقشة العلمية المجردة لمفاهيم محتوى الاعتداء "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة: 111) 3- حكمة الرد بما يتضمنه من رسائل إيجابية مع المعتدي |
||
6- استثمار الفرصة الدعوية والسياسية | 1- التأكيد على المفاهيم والقيم والمصالح
المشتركة الحالية والمستقبلية 2- حكمة استيعاب عدم فهم، وخطأ المعتدي وكسب قلبه وقناعته "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت: 34) 3- إكساب المعتدي أكبر قدر ممكن من المنافع باستخدام مفاهيم وقيم الإسلام بطريقة علمية عقلية مجردة من خلال تفهم أزماته وتطلعاته والإجابة العلمية عليها من الإسلام |
||
7- بناء وتعزيز جسور التواصل | 1- الحرص على التسامح والتودد وتصفير الغضب
والعداء 2- عرض صحيح حقائق الدين ذات العلاقة بمحتوى الاعتداء بمنهج عقلي وعلمي لا اعتقاديا 3- تحديد سبل التعاون المشترك لمواجهة التحديات وتحقيق التطلعات المشتركة ببناء نظرية واستراتجية عمل توافقية لمصلحة الطرفين |
||
8- العملية | 1- تقديم مبادارات بناءة تخدم مصالح الطرفين 2- تصميم مضادات لعدم تكرار الاعتداء 3- التوافق على مشروع مشترك لتلبية حاجات وتطلعات الطرفين |
||
9- تصنيف وتنظيم الرسائل والإخراج الفني بما يناسب طبيعة المعتدي والعالم | 1- تحديد الرسائل الموجهة للمعتدى (شخصية
رسمية، مؤسسات، مطابخ علمية وسياسية، نخب، جماهير) وترجمتها إلى لغته 2- تحديد الرسائل الموجهة للعالم وترجمتها 3- تحديد الرسائل الموجه للذات- للمسلمين أنفسهم |