منذ انقلاب
السيسي على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي - رحمه الله - في 3 تموز/ يوليو 2013م، وعمال
مصر لم يسلموا من شر السيسي وحكوماته المتعاقبة. وأينما تكون اعتصامات
العمال في مصر تجد السيسي يعطي أمرا لوزارة الداخلية بفض لاعتصام أو المظاهرة دون أن يُعرف هل العمال على حق أم على باطل، ظنا منه أنه قادر على تكميم أفواه العمال، سواء في
القطاع العام أو القطاع الخاص، كما فعل في باقي الشعب المصري على اختلاف قطاعاته.
ولكن السيسي لا يعلم أن العمال لحمهم مر ويصبرون، ولكن لا يستسلمون. ألم يعلم أن جمال عبد الناصر أول دكتاتور عسكري في مصر كان يولي العمال اهتماما خاصا من حيث توفير فرص العمل ببناء المصانع، وإنشاء الشركات، وتأميم بنك مصر، وبالتالي شركاته العملاقة مثل مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى إلى آخره من المصانع والشركات الكبرى المصرية، أيضا تشريع القوانين التي تصب في مصلحة العمال، من تأمين صحي ومعاشات، وعدد ساعات عمل لا يتعدى ثماني ساعات وإنشاء مدن سكنية للعمال بجوار المصانع وكثير من الامتيازات، نظرا لأهمية الطبقة العاملة، ولعلمه بخطورة تظاهر العمال؟
ولكن السيسي يسبح عكس التيار ويمشي على ما بناه عبد الناصر بـ"استيكة"، ويخطو بخطوات مبارك التي خلعته، فيكمل ما بدأه عاطف عبيد وغيره من نظام مبارك في تصفية الشركات والمصانع المملوكة للدولة في وزارة قطاع الأعمال العام الخاضعة للقانون 203 لسنة 1991 والتي تمتلك ثماني شركات قابضة يتبعها عدد الشركات التابعة، ويعمل فيها 225 ألف عامل. يحتل عمال الغزل والنسيج المركز الأول بحوالي 60 ألف عامل، أي 27 في المئة من إجمالي القطاع.
وتوجد أيضا 13 شركة قابضة أخرى تتبع وزارات الدولة المختلفة، ويعمل فيها نحو 389 ألفا، مثل القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين، والقابضة لمصر للطيران، والقابضة للمطارات والملاحة الجوية والخاضعة لوزير الطيران المدني، أي أن إجمالي العمال في الشركات القابضة والتابعة يساوي 606 ألف عامل.
وفي يوم 14 حزيران/ يونيو 2018، تم تعيين الدكتور هشام توفيق لقيادة وزارة قطاع الأعمال بعد الاطلاع على رغبته في تصفية شركات قطاع الأعمال العام من خلال صفحته الشخصية على فيسبوك، ومنذ ذلك التاريخ والوزير يعكف على تأليف القوانين التي تلبي رغبته في تصفية الشركات، والتي التقت مع رغبة السيسي الذي يريد الخلاص من عماد الصناعة المصرية، وتحصيل الأموال الطائلة من بيع أصول الشركات، وإغلاق أبواب الرزق على العمال وتشريدهم، والعصف بمستقبل أبناء العمال الذين باتوا اليوم في مهب الريح.
وبدأ هشام توفيق بتصفية الشركة القومية للإسمنت، إحدى اقدم شركات الإسمنت في مصر، والدور على الحديد والصلب في الأيام القادمة، حيث فصل المناجم في شركة والمصنع في شركة لبيع الاثنتين، وتصفية حوالي 48 شركة أخرى، بخلاف دمج كل ثلاث شركات في شركة واحدة لبيع أصول شركتين. كل هذا ولم يكتفِ الوزير هشام توفيق، بل عدّل القانون 203 لسنة 1991 بالقانون 185 لسنة 2020 ليقصي العمال من المشاركة في إدارة الشركات، وأعطى الحق للجمعية العمومية في أخذ قرار التصفية بعد الخسارة المتعمدة مقدار رأسمال المؤسسة التي يكون على رأس إدارتها أحد اللواءات المعينين ولفيف من المستشارين من عواجيز النظام لنهب أرباح العمال في صورة مرتبات ومكافآت، بجانب تعطل المصانع بسبب نقص المواد الخام أو تأخير المرتبات عن مواعيدها المحددة، مما يضطر العمال للتظاهر والاعتصام. أيضا، عدم تطبيق الحد الأدنى والعلاوات الدورية في عيد العمال التي تضاف من 1/7 في كل عام.
وما زال الوزير يخرج علينا بالقوانين الغريبة حتى خرج بمسودة اللائحة الموحدة التي أثارت العمال في كل الشركات القابضة والتابعة، ليجد السيسي خروج العمال بدون خوف تحت شعار "مش هنخاف مش هنطاطي.. احنا كرهنا الصوت الواطي"، و"ارحل.. ارحل.. ارحل"، وغيرهما من الهتافات التي تشعل الجماهير، فهل يكسب السيسي المباراة من العمال أم أن للعمال رأي آخر؟
حتى الآن العمال على قلب رجل واحد يرفضون اللائحة الموحدة، وأنا أقترح على العمال استغلال الفرصة والضغط بقوة لأخذ كل الحقوق المهدرة، مثل تطبيق الحد الأدنى للأجور وأخذ كل العلاوات المستحقة، وتطوير الشركات بدلا من بيعها، وذلك من خلال الأصول الثابتة التي تمتلكها الشركات، وحفاظا على مستقبل الشباب وحاضر العمال من أرباب الأسر الفقيرة والمطحونة في ارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن المواصلات والسلع التموينية، وأخيرا إقالة وزير قطاع الأعمال هشام توفيق.