هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لليوم الثالث على التوالي، لا تزال النيران تلتهم مساحات واسعة من غابات وأحراش الساحل السوري في اللاذقية وطرطوس، ما أدى إلى نزوح سكان مناطق متفرقة وصلتها ألسنة اللهب، التي تسببت بخسائر كبيرة في القطاع الزراعي، وتحديدا في الأشجار المثمرة (حمضيات، زيتون)، والبيوت البلاستيكية.
وأظهرت الحرائق التي امتدت على نطاق واسع عجزا واضحا من قبل فرق الإطفاء، تجسد في ندرة سيارات الإطفاء، واستخدام وسائل بدائية لإخماد الحرائق من قبل الأهالي.
وإلى جانب الاستياء والإحباط، ظهرت موجة من الغضب الشعبي؛ بسبب عدم مشاركة روسيا وإيران في عمليات إخماد الحرائق، وهو ما عبر عنه الهجوم الذي شنه مدير "المجمع العلوي السوري"، أحمد أديب الأحمد، على كل من روسيا وإيران.
وتحت عنوان "وقاحة الحلفاء"، كتب على "فيسبوك": "البعض يتساءل: لماذا لا تطلب دولتنا من الحلفاء المساعدة؟ لا تكونوا بسطاء لهذه الدرجة، من الذي جزم بأنها لم تطلب؟".
اقرأ أيضا: وفيات وإصابات بحرائق ضخمة بدول عربية وتركيا (شاهد)
وتساءل أحمد: "لنفرض أنها لم تطلب، أليس الحلفاء في البلد ولهم قواعد ونقاط، فلماذا لا يتحركون إلا ضمن قطاعاتهم، أليس من الوقاحة أن الطيران الروسي لا يطفئ إلا النار المشتعلة حول مطار حميميم، أليس من الوقاحة أن الطيران الإيراني لا يطفئ إلا النار التي تقترب من قواعده؟".
وتابع مخاطبا حلفاء النظام: "إنسانيا، حتى لو لم نطلب، فعليكم أن تتحركوا، لكن من أعمته المصالح المذهبية والاقتصادية لن يفكر بإنسانية، ولكن مهما أحرقتم أرضنا بتخاذلكم عن إطفائها، ومارستم سياسات التجويع والحصار، لن نتخلى عن رئيسنا بشار الأسد".
لماذا غابت روسيا وإيران؟
على وسائل التواصل الاجتماعي، تداول سوريون على نطاق واسع صورا تظهر طائرات روسية وهي تشارك بإخماد الحرائق في "إسرائيل"، وذلك في صيف العام الماضي.
والسؤال هنا، لماذا لم تساعد روسيا وإيران حليفهما نظام الأسد في إخماد الحرائق التي التهمت قسما كبيرا من غابات وأحراش الساحل السوري، رغم أن الغالبية العظمى من سكان المنطقة من الموالين للأسد؟ أسوة بالأعمال العسكرية؟
وفي رده على ذلك، قال الكاتب الصحفي أيمن عبد النور، إن النيران اندلعت في مساحات كبيرة، ذات طبيعة جغرافية معقدة، وهذا ما يجعل عمليات الإطفاء صعبة ومكلفة للغاية، خصوصا أن العديد من المناطق التي اندلعت فيها النيران لا يمكن الوصول إليها إلا بالطائرات.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن المشاركة من قبل روسيا في عمليات الإطفاء تحتاج إلى تجهيزات ضخمة ومواد مخصصة للإطفاء، والقوات الروسية في سوريا ليست مجهزة لهذه المهمة، مستدركا: "القواعد الروسية مجهزة للتعامل مع حرائق صغيرة على مستوى القاعدة، أو محيطها، لكنها غير قادرة على التعامل مع حرائق منتشرة في مناطق تفوق حجم لبنان".
اقرأ أيضا: هل تدفع إيران ثمن تطبيع العلاقة بين نظام الأسد و"إسرائيل"؟
لكن، وحسب عبد النور، فإن روسيا قادرة إن أرادت على المشاركة في الإطفاء، من خلال استقدام طائرات ومعدات من روسيا على وجه السرعة، كما تعاملت روسيا من قبل مع حرائق مشابهة في تركيا و"إسرائيل".
وتابع قوله: "لكن جلب كل ذلك يعد أمرا مكلفا، ويبدو أن روسيا فضلت عدم تحمل هذه الكلفة".
من جانبه، أكد القيادي في "الجيش السوري الحر"، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن الاتفاقات التي وقعها النظام مع إيران وروسيا لا تحتم على الأخيرتين المشاركة في أي مهمة خارج النطاق العسكري".
وأوضح لـ"عربي21"، أن دخول إيران ومن ثم روسيا، كان باتفاق عسكري لإنقاذ النظام من خلال القضاء على معارضيه مقابل امتيازات، أي أن الاتفاقات كانت عسكرية بحتة، لذلك لم تجلب هذه الدول إلا أدوات القتل.
ورأى عبد الرزاق، أنه حتى لو أراد حلفاء النظام المساعدة والسيطرة على الحرائق، فلن يستطيعوا ذلك، لأن مساحة النيران كبيرة، إلى جانب غياب المعدات والأدوات اللازمة.
من جانب آخر، اعتبر القيادي العسكري، أن من غير المستبعد أن تتقاطع الحرائق مع مصلحة روسيا وإيران، وقال:" الفقر وزيادته، قد يخدم أجندات إيران المذهبية، ومصالح روسيا الاقتصادية، بمعنى أن الكل مستفيد من إفقار الشعب السوري".
في غضون ذلك، وصلت الحرائق إلى مدينة القرداحة، معقل بشار الأسد، لتقوم سلطات الأخير بإخلاء المشفى الحكومي في المدينة، كذلك تسببت بانهيار مخزن كبير للتبغ "الريجة" في المدينة ذاتها.