من مدينة المنستير في
تونس أعد مراسل صحيفة "الغارديان"
تقريرا صحفيا سلط فيه الضوء على قضية اصطياد
سمك القرش في تونس.
يقول المراسل في تقريره الذي ترجمته "عربي21" إن
رائحة السمك التي تزكم الأنف بسبب أحشاء الأسماك التي ظلت في حر النهار تبقى قوية
في الأجواء. لقد غادر أصحاب الأكشاك الآن ولكن من بين المخلفات هناك رأس سمكة قرش واضح
الشكل.
وفي حاوية قريبة يمكن رؤية هيكلين لسمكتي قيثارة البحر نزع
عنهما اللحم.
وسمك القرش في تونس متنوع ويشمل كل الأنواع، من القرش الأبيض
الذي يزن 680 كغم والذي تم
صيده في جرجيس قرب الحدود الليبية قبل عامين، إلى الأنواع
الصغيرة من سمك القرش والتي تتغذى على القشريات في قعر البحر. وكل منها يلعب دورا رئيسيا
في الحفاظ على توازن النظام البيئي البحري في تونس.
ولكن يعتقد أن تكون تونس هي ثاني أكبر مكان لاصطياد أسماك
القرش في البحر الأبيض المتوسط وتسبقها في ذلك ليبيا فقط.
ويقول جمال جريجر، مدير برنامج الحياة البحرية في الصندوق
العالمي للطبيعة (WWF): "هناك 63 نوعا مختلفا من سمك القرش والشفنينيات (ray) في المياه التونسية.. 24 منها مهددة، وكمفترس علوي يلعب سمك القرش
دورا مهما في إبقاء أعداد الأنواع الأخرى من الأسماك معتدلة. وبدونه ستنفجر أعداد الأسماك
الأخرى وسيدمر ذلك التوازن البيئي في البحار".
وقال جريجر إن سمك القيثارة يمكن العثور عليه فقط في مياه
تونس. كما أن الباحثين تنبهوا إلى أن هناك الكثير من صغار سمك القرش الأبيض في البحر
الأبيض المتوسط، مما يشير إلى وجود أرضية خصبة لتكاثر القرش الأبيض، وهذا قد يجعل المنطقة
أهم مساحة بحرية في العالم.
ولكن ضعف تطبيق القانون، وقلة وعي صيادي الأسماك التونسيين
والتنافس المتزايد بين قوارب الصيد على عدد متضائل من الأسماك تجتمع كلها لتهدد أحد
أهم أنواع السمك في البحر.
وكثير من سمك القرش التونسي بما في ذلك القرش الأبيض محمي وصيده محرم. وكل الأنواع الأخرى يجب أن يبلغ عنها لحرس صيد الأسماك، وهم موظفون حكوميون
يشرفون على موانئ البلد. ولكن لا صياد السمك ولا حارس صيد الأسماك مدرب على الفروق
البسيطة التي تميز الأصناف المختلفة من الأسماك.
وقال جريجر: "إن أسماك القرش تعلق بشباك الصيد في العادة
وتغرق، ولذلك فهي ميتة عندما تصل على متن المركب، وغيرها يتعمد الصيادون استهدافها،
وعلى أي حال عندما تصل إلى متن القارب يتم تنظيفها وإلقاء الأحشاء في البحر مما يجعل
التعرف على نوعها أمرا صعبا". وهذا يفاقم التحديات في تشكيل صورة أفضل لما يحصل
في البحر وأين يجب توجيه الموارد.
وبالرغم من أن آخر هجوم لسمكة قرش تم الإبلاغ عنه كان في
عشرينيات القرن الماضي إلا أن التصور الشعبي عن سمك القرش هو أنه مفترس للإنسان. وكانت
صور أسماك القرش التي وصلت إلى ميناء قليبية في صيف 2019 كافية لإثارة الذعر بين السياح
والسكان المحليين.
ويقول ساسي علايا من ميناء قابس الجنوبي: "خلال الربيع
نذهب كل يوم تقريبا لصيد الأسماك، وقد اصطدنا سمك القرش في السابق ولا نزال. نسميها "كلاب
البحر". هناك ثلاثة أنواع: "القرش الأزرق والقرش الأبيض والقرش البني. وتزن
السمكة من 1 كغم إلى 30 كغم. ولكن يصل وزن القرش الذي نصطاده عادة ما بين 5 كغم إلى
10 كغم".
وأضاف: "نبيع القرش للتجار في السوق. نقوم بتنظيفه أولا
ونلقي بأحشائه في البحر ونبيعه. ويفعل كل صيادي السمك نفس الشيء".
وفي شمال تونس ارتفع سعر لحم سمك القرش من 3 إلى 4 دنانير
للكيلوغرام الواحد إلى 12 أو 13 دينار للكيلوغرام مع تزايد شعبيته. وفي بعض الأماكن
مثل سوق المنتسير يتم تمرير سمك القرش على أنه سمك السيف. وكنتيجة لذلك يعتقد الصندوق
العالمي للطبيعة بأن هناك 35 صياد سمك في تونس يصطادون القرش. ويقول علايا: "بدأت
اصطياد القرش فقط قبل سبع سنوات، قبل ذلك لم تكن لدي الشباك المناسبة لذلك، فهناك شبكة خاصة لاصطياد القرش..".
وأضاف: "اصطياد سمك القرش ليس محرما قانونيا. فلو كان
كذلك لما كنا نبيعه بشكل مفتوح. ولذلك لم يكن هناك تحذير من أي نوع حول حظر على اصطياد
أسماك القرش".
ومع تلقي اقتصاد البلد ضربة بسبب فيروس كورونا ويتوقع بشكل
عام أن يتراجع إلى أسوأ مستوياته منذ الاستقلال عام 1956، ليس واضحا أين تقع حماية
الحياة البحرية في جدول أولويات الحكومة.
ولم ترد وزارة الزراعة، المسؤولة عن الأسماك والحياة البحرية،
على ايميلات الغارديان ولا الاتصالات الهاتفية ولا الفاكسات.
وفي طبرقة، في أقصى الشمال، يخرج عماد تريكي إلى البحر في
قارب صغير لاصطياد ما يستطيع. المال شحيح والدخل الذي يحصل عليه من الوسطاء في السوق
يساعده كثيرا في صيانة شباكه وقاربه.
ويقول تريكي إن أحدا لم يحضر إلى طبرقة ليناقش أهمية أسماك
القرش لأي من صيادي الأسماك الصغار في الميناء. وقال: "سمعنا عن الموضوع من خلال
فيسبوك والاتحادات.. ولسنا كلنا مدركون للقضية بالطبع. ونفعل ما بوسعنا للتوعية. صحيح
أن الكثير من الصيادين ليسوا حريصين على الحفاظ على الأصناف المهددة بالانقراض لأنهم
بحاجة لتأمين لقمة العيش لعائلاتهم".
وأضاف: "ولكن عندما يجدون الدعم من زملائهم الصيادين
فإنهم يتعاونون أنفسهم ونحن نحاول التقليل من صيد كل الأصناف المهددة مثل سلحفاة البحر
وسمك القرش وأي شيء مهدد".